كشفت مصادر في وزارة الاقتصاد والتجارة في دولة الإمارات العربية المتحدة أن الدولة تتجه إلى تعديل قانون الشركات ليتيح للأجانب التملك الكامل أو شبه الكامل لمشاريعهم، وهو الأمر الذي أثار جدلًا واسعاً ولا يزال بين بعض الاقتصاديين ورجال الأعمال في أهميته في تشجيع الاستثمار في بلد يحاول جاهداً تقليل اعتماده على النفط كمصدر أساسي للدخل. وعلى رغم وجود عشرات المناطق الحرة في الدولة التي تسمح للأجنبي بالتملك الكامل والتي استقطبت بدورها مئات الشركات الأجنبية، غير أن القانون القائم يفرض على الوافد أن يتخذ شريكاً مواطناً بحصة لا تقل عن 51 في المئة. استحقاقات ويتزامن الحديث عن تعديل القانون مع بدء الإمارات تطبيق استحقاقات منظمة التجارة العالمية وإجرائها مفاوضات على إقامة منطقة تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة، فضلاً عن المفاوضات القائمة بين دول "مجلس التعاون الخليجي" عموماً و"الاتحاد الأوروبي" على توقيع اتفاق منطقة تجارة حرة بينهما والتي طال أمدها سنوات. وقال المسؤول عن ملف منظمة التجارة العالمية في وزارة الاقتصاد والتجارة، سعيد النصيبي، إن القانون المعدل قد يصدر خلال اشهر قليلة ويتضمن التملك الكامل في بعض القطاعات التي تراها الدولة "استراتيجية" وتخدم الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن نسبة التملك سوف تعتمد على نوعية الشركة ورأسمالها والقطاع الذي تعمل فيه. ويتوقع أن يكون للقرار انعكاس إيجابي على تشجيع الاستثمارات الأجنبية وأن يكون تعديل القانون بصورة جزئية موقتاً في ضوء التزامات الإمارات مع الدول الأخرى والتي تتطلب التملك "الكامل" للشركات في جميع القطاعات. اعتراضات ولكن السؤال الذي يطرحه البعض يتعلق بمدى تأثير ذلك في المناطق الحرة في الدولة التي لعبت دوراً كبيراً في استقطاب الاستثمارات، وتأثير ذلك في آلاف المواطنين الذين استفادوا على مدى عقود من الوضع القائم الذي افرز بعض الشراكات "الفعلية" وأخرى "صورية" تعتمد على دخل ثابت من دون أن تقوم بجهد يذكر أو تشارك في رأس المال. كما أن تعديل القانون قد يحرم عدداً كبيراً من المواطنين المستفيدين من "التراخيص"، على حد تعبير رجل الأعمال سعيد العابدي، الذي أشار أيضاً إلى أن صدور قانون كهذا من دون أن يتضمن ضوابط قد "يفتح الباب على مصراعيه لإنشاء شركات صغيرة ليس هدفها العمل التجاري وإنما الحصول على تسهيلات مصرفية واستخراج إقامات لأهلها وأصدقائها في الدولة وهو ما قد يعمق مشكلة التركيبة السكانية في الدولة". كما أن تعديل القانون، في رأي العابدي، سوف يحد من "الوكالات التجارية" التي يستفيد منها عدد ليس قليلاً من كبار رجال الأعمال في الدولة، إذ "يفسح المجال للشركات الكبيرة أن تفتح مكاتب لها هنا وتقوم بتوزيع منتجاتها من دون الاعتماد على أي وكيل". أما عضو المجلس الوطني والرئيس التنفيذي ل"مركز دبي المالي العالمي، حبيب الملا، فيرى أن "معالجة موضوع قانون الشركات يجب ألا تكون بمعزل عن النظرة الشمولية للاستثمار الأجنبي في الدولة - هل نريده أو لا نريده وضمن أي ضوابط - كما يجب أن ننظر إلى هذا الموضوع في ضوء التزامات الدولة مع منظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي وأميركا". ولكن البعض يفترضون أن تطبيق قوانين "منظمة التجارة العالمية" سوف يهدم الجدار القائم بين الدولة والمناطق الحرة، باعتبار أن مقتضياتها تتطلب إعطاء المستثمر الأجنبي حق التملك الكامل وإلغاء الضرائب وتحرير قطاع الخدمات وتسهيل دخول العمالة، وهي التي كانت ولا تزال تشكل الدعائم الرئيسة لوجود هذه المناطق. "إن تعديل القانون الذي ينطلق من متطلبات منظمة التجارة العالمية سوف يؤثر في المناطق الحرة"، بحسب ما قال العابدي. ولكن بعض القائمين على هذه المناطق والتي يصل عددها إلى اكثر من 15 منطقة موزعة على الإمارات السبع، يعترفون بان عليهم أن يصارعوا من اجل البقاء في المرحلة المقبلة، وذلك من طريق تقديم تسهيلات تفوق تلك التي تقدمها الحكومة والتركيز على قطاعات لا يتم التركيز عليها داخل الدولة مثل التكنولوجيا المتطورة. ويعتبر آخرون انه لن يكون هناك تأثير لتطبيقات العولمة في المناطق الحرة في الدولة، مؤكدين أهمية "منظمة التجارة العالمية" في توجيه الاقتصاد في شكل عام، خصوصاً الاستثمارات الأجنبية التي تعد احدى ركائزه الأساسية.