13.9 مليار ريال ضمان تمويلٍ من برنامج "كفالة" لدعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة    الرئيس السوري يصل إلى الرياض في أول وجهة خارجية له    رئيس اتحاد التايكوندو : تطوير التحكيم أولوية لتعزيز مكانة اللعبة محليًا ودوليًا"    احتدام حرب المسيرات.. روسيا وأوكرانيا تتبادلان الاتهامات بقصف مدرسة    ضبط 3 أشخاص لقطعهم مُسيجات ودخولهم محمية دون ترخيص    الرئيس السوري يصل الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    مختص : متلازمة الرجل اللطيف عندما تصبح اللطافة عبئًا    36 مزادًا لبيع 334 عقارًا في 12 منطقة بالمملكة    "يلو 20".. ثالث جولات الدور الثاني تنطلق الاثنين    كندا والمكسيك تفرضان رسوماً جمركية على الولايات المتحدة    الانحراف المفاجئ يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في الرياض    بعد إنجازه في دكار... يزيد الراجحي يكتب التاريخ بفوزه الثامن في حائل    «هيرنانديز» للاتحاديين: أنا في جدة    المياه الوطنية تضخ المياه المحلاة إلى حي المروج في محافظة القريات    أحمد الشرع يصل السعودية.. اليوم    مدير تعليم الطائف يتابع تطبيق الزي الوطني السعودي في المدارس الثانوية    طفرة اكتتابات تغذي التوسع العالمي لاقتصاد المملكة    7 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس"    "السعودية للكهرباء" تُسوِّي جميع التزاماتها التاريخية للدولة بقيمة 5.687 مليار ريال وتحوِّلها إلى أداة مضاربة تعزِّز هيكلها الرأسمالي    لماذا تُعد الزيارات الدورية للطبيب خلال الحمل ضرورية لصحة الأم والجنين؟    تجمع حائل الصحي يحقق جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025    استشهاد 5 فلسطينيين وتدمير أكثر من 100 منزل في جنين    رياح نشطة وأمطار متفرقة على بعض المناطق    انطلاق فعاليات مهرجان العسل العاشر في جازان    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    ملاجئ آمنة للرجال ضحايا العنف المنزلي    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    الزي المدرسي.. ربط الأجيال بالأصالة    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    وفاة صاحبة السمو الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    إنفاذًا لتوجيه سمو ولي العهد.. إلزام طلاب المدارس الثانوية بالزي الوطني    البريطاني «بيدكوك» بطلًا لطواف العلا 2025    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    في الجولة 18 من دوري روشن.. الاتحاد يقلب الطاولة على الخلود.. والفتح يفرمل القادسية    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته في العالم.. تكثيف الإغاثة السعودية للأشقاء الفلسطينيين والسوريين    موكب الشمس والصمود    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    أمير حائل ونائبه يعزّيان أسرة الشعيفان بوفاة والدهم    أسرتا العلواني والمبارك تتلقيان التعازي في فقيدتهما    نصيحة مجانية للفاسدين    تفسير الأحلام والمبشرات    رحيل عالمة مختصة بالمخطوطات العربية    غالب كتبي والأهلي    عندما تتحول مقاعد الأفراح إلى «ساحة معركة» !    ضوء السينما براق    حزين من الشتا    رحل أمير الخير والأخلاق    خالد البدر الصباح: وداعًا أمير المواقف الشجاعة    ندوة عن تجربة المستضافين    خيرية هيلة العبودي تدعم برنامج حلقات القرآن بالشيحية    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة اصطدام الطائرتين في واشنطن    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تلوث البيئة الفلسطينية : إسرائيل أول الخاسرين
نشر في الحياة يوم 10 - 10 - 2011

منذ العام 1967 وإسرائيل تعمل في شكل منهجي ومدروس على تدمير البيئة الفلسطينية، بهدف تجريد الفلسطينيين من كل أسباب الحياة وإجبارهم على الرحيل، فتدمير البيئة، إضافة الى كونه نتيجة من نتائج الاحتلال، مثّل أيضاً هدفاً بحد ذاته لإسرائيل التي لا تبالي بأن تمتد الآثار الضارة ل عملية تلويث البيئة الى المناطق التي يسكنها اليهود، فكيف تنأى إسرائيل بنفسها عن الآثار الناجمة عن تلويث الماء والهواء بالنفايات النووية ومخلفات مفاعل ديمونة، لقد تفننت إسرائيل في ابتكار الأساليب المؤدية الى اغتيال البيئة الفلسطينية، فمن دفن المواد السامة والمشعة في مناطق آهلة، واستخدام قذائف صاروخية ومدفعية تحتوي على اليورانيوم النضب، الى تدمير البنى التحتية ومعالجة المياه العادمة، الى تجريف الأراضي الزراعية وردم الآبار، من جراء بناء جدران الضم والفصل العنصري، وشق الطرق الالتفافية الواصلة بين المستوطنات، الى بقاء النفايات في القرى والمدن الفلسطينية لفترات طويلة بسبب سياسة الحصار والإغلاق المتواصلة، كل ذلك بهدف رفع تكلفة الصمود الفلسطيني، فإذا تلوث الهواء الذي يستنشقون، والماء الذي يشربون، والمزروعات التي يأكلون اشتدت عليهم وطأة الحصار، الذي أسفر عن مشكلات بيئية خطيرة، خصوصاً ما يتعلق بإدارة النفايات الصلبة والكيماوية، وتصريف المياه المبتذلة ونقص مصادر المياه النقية وتلوث الهواء.
إن تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحويلها الى معازل، أسهم في شكل كبير في عملية اغتيال البيئة، إذ صودرت مئات بل آلاف الكيلومترات من الأراضي الزراعية، في عملية أسفرت عن قطع أكثر من مليون شجرة زيتون، ومئات الآلاف من الأشجار المثمرة المختلفة، وتم تحويل تلك الأراضي لبناء المستوطنات، والمناطق الصناعية والقواعد العسكرية، أو لشق الطرق الالتفافية لربط المستوطنات ببعضها بعضاً. ففي الضفة الفلسطينية يبلغ طول هذه الطرق حوالى 350 كلم، أما المقترح إنشاؤها فيبلغ طولها 535 كلم، حيث يقتطع ويجرف من 50 الى 70 متراً على كل جانب من الطريق كمنطقة محظورة، وبذلك قطعت المستوطنات والطرق الالتفافية الضفة الفلسطينية الى 64 منطقة منعزلة، طاولتها جرافات الاحتلال تخريباً وتدميراً. واستناداً الى تقديرات وزارة الزراعة الفلسطينية دمرت جرافات الاحتلال خلال السنة الأولى من الانتفاضة 30 ألف دونم من الأراضي المعدة للزراعة، و1283 دونماً من الأراضي المزروعة وبلغت تلك العملية أوجها مع البدء بتنفيذ مخطط جدران الضم والفصل العنصري، خصوصاً في منطقة قلقيلية الواقعة على حوض المياه الجوفي الغربي، حيث كان الضرر فادحاً، إضافة الى أشجار الزيتون التي تقدم لأصحابها دخلاً من خلال صناعتي الزيت والصابون، كما ان الاستخدام الإسرائيلي المفرط للسلاح والجرافات أسهم في ترويع الحيوانات، حيث تشير التقارير الى أن أنواعاً من الطيور المهاجرة لم تعد تمر في السماء الفلسطينية، إضافة الى القتل المتعمد للقطط والكلاب من قبل جنود الاحتلال وترك جيفها تتحلل في الطرقات والأزقة بعد منع عمال النظافة من رفعها، ما يؤدي الى تفشي الأوبئة والأمراض بين الفلسطينيين.
أما عن مياه الشرب والري والصرف فحدث ولا حرج، فإحدى الدراسات الفلسطينية عنونت بحثها"حمام لمدة 90 ثانية لكل فلسطيني"، تعبيراً عن شح المياه، بينما يتمتع أبناء المستوطنين في برك السباحة المعبأة بمياه الفلسطينيين، حيث تحتكر إسرائيل 80 في المئة من مصادر المياه الجوفي الفلسطينية، بينما يحصل الفلسطينيون فقط على 15 مليون متر مكعب سنوياً من المياه الصالحة للشرب، في وقت نص اتفاق أوسلو على حصول الفلسطينيين على حصة مقدارها 28.6 مليون متر مكعب. ويعيق الحصار عملية نقل المياه بالصهاريج الى أكثر من 240 قرية غير مربوطة بشبكة المياه، فهناك 350 ألف فلسطيني في الضفة حرمهم الحصار من شراء مياه الصهاريج التي ارتفع ثمنها، وردم الجدار الفاصل العشرات من الآبار التي كانت تشكل مصدراً رئيساً لبعض القرى. أما قطاع تصريف المياه العادمة فمني بأضرار كبيرة في بنيته التحتية، وقصفت محطات المعالجة القائمة، بينما تجد المياه العادمة الإسرائيلية طريقها الى المناطق الفلسطينية. فعلى سبيل المثال تلقى وادي غزة في العام 2001 وفي شهر واحد فقط، 30 ألف متر مكعب من المياه المبتذلة الإسرائيلية التي هددت بتلويث خزان المياه الجوفية وتدهور التنوع الإحيائي في المنطقة.
وتكرر السيناريو في خنادق حفرت على الطريق القديمة بين نابلس وعورتا. وفي العام 2001 صبت مستعمرة ناحال عوز 3.5 مليون متر مكعب من المخلفات السائلة الملوثة شرق مدينة غزة ما أدى الى انجراف مساحات واسعة من الأراضي الراعية وتلوث التربة، ونفوق أعداد كبيرة من الحيوانات، وفي السياق نفسه تتعرض محافظة سلفيت لعدوان مستمر من المياه العادمة التي تخلفها مستعمرة أرئيل، علماً انها تقع في مناطق تغذية الحوض الجوفي الغربي. ولم تكتف سلطات الاحتلال بمنع القرى والمدن الفلسطينية من إخراج النفايات ونقلها الى المكبات فحسب، بل استخدمت الأراضي الفلسطينية كمكب لملوثاتها الصناعية وحتى الكيماوية الخطرة، فبعد تعاظم شكوك الإسرائيليين من مضار الصناعات الملوثة في محيطهم ثم نقلها الى المناطق الحدودية مع الضفة وقطاع غزة وأنشئت مناطق صناعية جديدة داخل الضفة، ما أسهم في تلويث هواء الفلسطينيين وإغراق أراضيهم بآلاف البراميل المعبأة بالمواد الملوثة.
انه غيض من فيض حجم الكارثة الناجمة عن الحرب المنهجية الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية بمختلف أشكالها، وعدوان مستمر على الاقتصاد والتنمية والمجتمع والإنسان، يهدف الى القضاء على مقومات الحياة الكريمة، وإعادة قيام الدولة الفلسطينية المستقبلية، والأدهى ان تصرفات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تدمير البيئة الفلسطينية، أعمت أبصارها عن حقيقة التلوث لن يقتصر على أماكن وجود الفلسطينيين، بل من المرجح انه سيؤدي الى تلويث المنطقة برمتها بصفتها رقعة جغرافية واحدة، ذلك ان الماء والهواء الملوثين لا يعرفان حدوداً.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.