قرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الامساك بزمام المبادرة في ما يتعلق بالحوار مع الفصائل العراقية المسلحة، لانجاح مشروعه للمصالحة الوطنية، وجرها للمشاركة في الحوار على ما يبدو. فبدلاً من انتظار مواقف هذه الفصائل بادر المالكي الى التحرك باتجاهها مناطقياً، في محاولة لاثبات جديته بالحوار مع هذه الجماعات والوصول الى حلول ترضي جميع الاطراف، فيما أعلنت"هيئة علماء المسلمين"رفضها مبادرة المالكي للمصالحة واعتبرتها"مجرد حملة علاقات عامة لتلميع صورة الحكومة"مؤكدة في الوقت ذاته ان"فصائل المقاومة الرئيسية"رفضت المبادرة. وقال مؤيد العبيدي، القيادي في"حزب الدعوة"ل"الحياة"ان"المالكي حدد المناطق الساخنة امنياً التي يجب التحرك باتجاهها بموجب خطة وضمن الآليات التي حددت في المبادرة، وهي ديالى العمق الساخن لبغداد والموصل، وشمال مدينة الحلة منطقة مثلث الموت والبصرة، والرمادي". واوضح انه"سيتم فتح الحوار مع هذه الجماعات عن طريق زعماء الكتل البرلمانية ووجهاء وشخصيات مدنية مؤثرة وعلماء دين وشيوخ عشائر في كل منطقة اضافة الى شخصيات سياسية مستقلة لها ارتباطات غير مباشرة بهذه الجماعات المسلحة في المناطق المذكورة"، لافتاً الى ان"البعثيين المتطرفين والتكفيريين غير مشمولين بهذه الاجراءات"، وزاد ان"الحكومة عازمة جدياً على التحاور مع الجميع بمن فيهم المتورطون بضرب القوات المتعددة الجنسية، شرط ان لا يكونوا متورطين في الدم العراقي، وما عدا ذلك يمكن التفاهم حوله". وقال العبيدي"سنتحاور مع هؤلاء حول تعريف المقاومة والتمييز بين المقاومة والارهاب، والاعتراف بالمقاومة وجدولة الانسحاب وغيرها من الشروط التي يطرحونها"وأضاف"اذا نفذوا شروطنا سننفذ شروطهم. وما من خطوط حمر امام أي شيء يطرحونه، طالما لا يتعارض مع الدستور والمصلحة الوطنية". وختم العبيدي ان"الجماعات المسلحة التي ابدت رغبتها بالتفاوض جادة في مطالبها لكنها تريد بعض المكاسب، وهذا يمكن الاتفاق عليه". واكد مصدر مقرب من المالكي، اشترط عدم ذكر اسمه ل"الحياة" ان"جهوداً كبيرة تبذل لتذليل العقبات التي تعيق نجاح مشروع المصالحة، وخصوصاً تلك المتعلقة بالعفو العام"موضحاً ان"العفو الذي اعلن عنه سابقاً جرى تفكيكه للنأي بالحكومة عن الاشكالات الشرعية والقانونية"التي يخلقها هكذا قرار وتجنيبها الاحراجات في ما يتعلق بعلاقاتها مع القوات المتعددة الجنسية. وأوضح انه"على مرتكبي الجرائم حق عام وآخر خاص. فالاول يتعلق بممتلكات الدولة والبنى التحتية وهذا سيجري التنازل عنه". أما الثاني"فهو حق عائلات الضحايا وذويهم وممتلكاتهم وهو الحق الخاص متروك لهؤلاء"، لافتاً الى ان"الحقوق الخاصة او الشخصية يمكن التفاهم بشأنها عشائرياً ودينياً"، مؤكداً انه"في حال التنازل عن الحق العام وتسوية الحق الخاص فستطوى هذه الصفحة ويمكن لهؤلاء ان يعودوا الى الحياة الطبيعية". واكد ان"الائتلاف يدعم المالكي في كل بنود المشروع الا انه يتحفظ عن البند المتعلق بإعادة النظر في إجراءات هيئة اجتثاث البعث بسبب الضبابية التي تحيط بموضوع التعامل مع البعثيين". الى ذلك أوضح عبد الخالق زنكنة، عضو كتلة"التحالف الكردستاني"ان"مبادرة المالكي عبارة عن مشروع وليست قراراً، ما يعني انها قابلة للتعديل في بنودها كافة. وهذا ما فهمته الجماعات المسلحة تماماً"، بينما أكد زعيم"جبهة التوافق"عدنان الدليمي"عدم وجود علاقة لنا بهذه المفاوضات، الا اننا نشجعها"لافتاً الى انه يشكك في مصداقية الشخصيات التي ابدت استعدادها للتفاوض والحوار باسم جماعات مسلحة، وقال ان"الامر غير واضح، والوضع مربك والادعاءات كثيرة". من جانب آخر اعلن مثنى حارث الضاري، القيادي في"هيئة علماء المسلمين"رفض الهيئة مبادرة المالكي، واعتبر انها مجرد"حملة علاقات عامة لتلميع صورة الحكومة"، مؤكدا في الوقت ذاته ان"فصائل المقاومة الرئيسية"رفضت المبادرة في بيانات نشرتها على مواقعها على شبكة الانترنت. واكد الضاري ان"ما اعلنه المالكي ليس فيه الحد الادنى اللازم كي يوصف بالمبادرة. والتفسير الجديد الذي اعطاه رئيس الوزراء لخطته الذي استبعد فيه من قاتلوا ضد الاميركيين نقض المبادرة تماماً وافرغها من اي مضمون"موضحا انها لم تتطرق الى مسألة الجدول الزمني لانسحاب القوات الاجنبية من العراق. وتابع ان"المجموعات المسلحة التي قالت وسائل الاعلام الحكومية انها رحبت بالمبادرة وطلبت الحوار لم يسمع عنها احد في العراق". واضاف ان"هذه المبادرة موجهة على ما يبدو الى القوى السياسية التي رفضت المشاركة في العملية السياسية مثل المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني"الذي يضم اساساً"هيئة العلماء"والتيار الخالصي اضافة الى بعض الفصائل السياسية الاخرى ومن بينها القوميون العرب. وتساءل الضاري"اذا كانت المبادرة موجهة لقوى سياسية فلماذا الحديث عن حوار مع مسلحين". واعتبر الضاري ان"مجلس شورى المجاهين"و"كتائب ثورة العشرين"هما"الفصيلان الرئيسيان في المقاومة"مؤكدا ان ثمة"فصائل اخرى للمقاومة متوسطة او صغيرة الحجم مثل جيش الراشدين والحركة الاسلامية لمجاهدي العراق وعصائب اهل العراق الجهادية وجيش المجاهدين". ورفضت"كتائب ثورة العشرين" و"مجلس شورى المجاهدين"في بيانات على شبكة الانترنت مبادرة المالكي لأنها لا تتحدث عن انسحاب القوات الأجنبية ولا عن مقاومة الاحتلال.