الأثر الكبير الذي تتركه المعلومات المنهمرة من الفضاء، عبر التلفزيون، يكاد ألا يقدر بثمن. فهذه المحطات، تنقل الأخبار، أي المعلومات، والأحداث المختلفة على الهواء مباشرة، وتسهب في تحليل ما يجري على الساحة، أي ساحة. في المقابل، يطّلع المشاهد عبر الحوارات الفنية التي يزينها النجوم في مقابلات هنا وهناك على معلومات من نوع آخر: أيّ لون يحبه هذا المغني، ومن أحب ذلك الممثل من بنات الجيران، وما هي الطبخة الأشهى في نظر هذه المغنية، وكيف تعد النجمة الاستعراضية الكوسى لزوجها، فيما هي لا تأكله حرصاً على صحتها؟ نوعان من المعرفة، بينهما بون شاسع، ينقلهما التلفزيون ذاته. ولكن، أي المعرفتين أكثر فائدة؟ الشأن العام، المتمثل في الأخبار أو أنباء البورصة أو أسعار البترول أو المباريات الرياضية، أم الشأن الخاص الذي ينثره فنانون، وفي مناسبات أقل، شخصيات لا علاقة لها بالوسط الفني، على مرأى المشاهدين؟ تبدو الصيغة المقدمة الآن على الشاشة للشأن العام أكثر فائدة. فهي محايدة، نظرياً، وعدم معرفتها قد يغيّب جانباً من وجه الدنيا. معرفة الشأن العام قد تكون ضرورة. أما موقف الشأن الشخصي فليس كذلك. ماذا سيغيب عنك إن لم تعرف نبأ طلاق مغنية على الهواء مباشرة؟ كيف سيكون وقع غياب هذا"الحدث"الفني على الجماهير؟ لو أن الشأن الشخصي يقترب قليلاً من شأن أكثر عمومية، لكان أمراً يستحق أن يأخذ حيزاً في الذاكرة. السؤال الموجه من مقدم البرنامج يكون مجردا من القيمة، عديماً للفائدة العامة عندما يطرح بهذه الصورة الفردية والأنانية. فليس الهدف معرفة الرأي الشخصي وحيداً بعيداً من مؤثرات خارجية، بل ليصبح الجواب، وإن كان ذا شأن شخصي، غنياً، جديراً بالظهور على الشاشة. والأمر هنا ينطبق على أي شخص، سواء كان فناناً أو رياضياً أو سياسياً محنكاً. من هنا لا تبدو أمراً شخصياً معرفة بدايات فنان ما، لو كانت هذه المعرفة ستخبرنا الأثر الذي تركته فيه تلك السنوات وصنعت منه هذا الفنان الذي يملأ الشاشة الآن. والحال تختلف لو كانت لمجرد معرفة شؤون شخصية جداً، دافعها الفضول السلبي فقط. هل صار الإعلام نافذة كبيرة نطل من خلالها على خصوصية آخرين؟ وهل فعلاً يريد المشاهد معرفة متى يفضّل شخصاً آخر، مثله، أن ينام عندما يأتي المساء؟