جاء فيكرام سيث في سن السابعة عشرة إلى لندن لكي يعيش مع خاله شانتي وعمته هني. لم يكن للعائلة أبناء فصار فيكرام بمثابة الابن الوحيد ونشأت علاقة دافئة وحميمة بين الطرفين. وفيكرام سيت هو الروائي الإنكليزي من أصل هندي الذي أصدر حتى الآن ثلاث روايات ونال شهرة كبيرة في بريطانيا وخارجها. في كتابه"حياتان"يتحدث فيكرام عن الشخصيتين اللتين عاش معهما في لندن وعن علاقته بهما. فيكرام سيث حاضر في الكتاب، بذكرياته وعلاقته مع العائلة ومع الناس هناك، وتفتحه على الحياة الجديدة في لندن بعيداً من الأهل. عن أمه وأبيه وأخوته. ولكن أهله سرعان ما يلتحقون به. أمه ستبرز كواحدة من ألمع سيدات الوسط الهندي في لندن. ليلى سيث، وهذا اسمها، كانت أول قاضية في المحكمة العليا في الهند وأول امرأة تجتاز امتحان القبول لممارسة المحاماة في بريطانيا بامتياز. أم فيكرام تنافسه في الموهبة والمكانة والشهرة و... الكتابة. أصدرت أخيراً مذكراتها عن دار بنغوين للنشر. هي تتحدث في الكتاب عن نفسها، عن زوجها، بريم سيث، الذي وقف إلى جانبها يعاضدها في السراء والضراء طوال نصف قرن من زواجهما. الكتاب مهدى للزوج الوفي الذي يكبرها بعامين، وصدر الكتاب بمناسبة عيد الميلاد الثمانين للزوج. ولكن الكتاب يتحدث عن الأبناء أيضاً. عن فيكرام، الكاتب، وشانتوم، الناشط من أجل السلم، وآرادهانا المخرجة الفنية. تتحدث المؤلفة عن هؤلاء بشفافية ووضوح. تقول للقارئ أشياء هي عادة من الأسرار في العائلة. تتحدث عن تعاطي شانتوم للماريجوانا. تتحدث عن الميول الجنسية المثلية لفيكرام. كان فيكرام اطلع على الكتاب قبل نشره. أكثر من ذلك قام بتصحيحه لغوياً. لم يزعجه حديث أمه عنه. ترك كل شيء كما هو. أمه هي التي تكتب وهي حرة في التعبير عن ملاحظاتها كما ترغب هي لا كما يرغب هو. "لم يكن فيكرام يفعل شيئاً. كان يجلس في الطابق الأعلى يقرأ ويأكل وينام وحسب. كان يكتب أيضاً". كانت الأم قلقة من أن يفشل الابن في خياره الكتابي."كنت أخاف أن ينتهي به الأمر كاتباً مفلساً يعيش في قعر كاراج. ولكن من يعرف فيكرام يدرك في الحال أنه لو لم تنجح رواياته لعاش حياته سعيداً ككاتب مفلس". كان فيكرام أصدر روايته الأولى"الولد المناسب"التي لقيت نجاحاً كبيراً. لم يصبح مفلساً. والرواية تحكي قصة أربع عائلات هندية تشتبك مصائرها على خلفية زواج بطلة القصة لاتا مهرا. عائلة مهرا في حيرة من أمرها. لقد آن أوان زواجها ولا يعرف أحد كيف يمكن العثور على الزوج المناسب لها. الأهل يريدون زوجاً يناسب مقاييسهم ، ومقاييسهم تريد شاباً هندوسياً طيب المعشر شديد الالتصاق بالتقاليد الهندوسية. أما لاتا نفسها فتحب شاباً مسلماً. تتسرب إلى الرواية خيوط من النسيج العائلي للمؤلف ومن تقاليد أسرته والعلاقات العائلية ورغبات الأخت ومن شخصية فيكرام بالذات. حال فيكرام في المزج بين الخاص والعام في الكتابة يشبه حال الكاتب حنيف قريشي الذي يشبهه من حيث الانتماء والخلفية الاثنية. حنيف أيضاً ينتمي لالى عائلة هندية - باكستانية هاجرت إلى بريطانيا واستقرت فيها. وإذا كانت أم فيكرام شاطرت ابنها الكتابة فإن والد حنيف هو الذي يفعل ذلك بدوره. كان يسعى الى أن يكون كاتباً. لكنه لم يفلح في ذلك كثيراً. كتب وكتب من دون جدوى. في الفترة الأخيرة عثر حنيف على مخطوطة رواية كان والده كتبها قبل وفاته. كان الوالد على الدوام يسعى الى أن تتصدر كتبه واجهة المكتبات. وهو وجد في الابن صورته المشتهاة. أمنيته تتحقق على يدي ابنه. الشعور بالاعتزاز ولكن بالحسد أيضاً. تشجيع الابن ولكن منافسته أيضاً. الرواية التي كان الأب كتبها كانت سيرة ذاتية. عن مغامراته الحياتية والعاطفية والجنسية. الجرح النرجسي المزمن للوالد ينهض من الشعور الدائم بالفشل وترسخ عقدة النقص إزاء العالم الخارجي ولكن إزاء الابن أيضاً. أم حنيف قريشي تحضر في رواياته من خلال الشخصيات النسائية. بل إنه كتب سيناريو فيلم يقول بعض النقاد عن أمه. يتحدث الفيلم عن النوازع العاطفية لامرأة متقدمة في العمر. زوجته السابقة تحضر في رواية"حميمية". أبوه رافيوشان يتحدّر من عائلة مسلمة ملتزمة من مدراس جاء إلى بريطانيا عام1947 وتزوج من أودري البريطانية وتوفي عام 1991. ولد حنيف عام 1954 في بروملي في ضواحي لندن. العلاقة بين الأب والابن تمثل إحدى التيمات الأساسية في كتابات حنيف. القرابة الانكليزية الهندية بالنسبة لحنيف تؤلف خلفية دائمة في الكتابات. يقول:"أتحدر من عالمين، من جهة هناك عائلتي الهندية المؤلفة من والدي وأعمامي وعماتي ومن جهة هناك عائلتي الانكليزية المكونة من أمي وخالاتي وأخوالي. أنا أكتب لكي أحاول أن أفرز هذه الأشياء". ملاحظات كهذه تشجع المرء على الاستنتاج أن كتابات حنيف الروائية تنطوي على قدر كبير من السيرة الذاتية. وهذا ما يمكن الوقوف عليه في واقع الحال بين صفحات الروايات. ففي"بوذا الضواحي"ثمة العائلة الباكستانية التي جاءت لتستقر في بريطانيا. كريم بطل الرواية، والده باكستاني وأمه بريطانية، يكاد يكون صورة من حنيف. في"الألبوم الأسود"، الرواية التي هي"صورة الفتى في شبابه"ذكريات حنيف قريشي طالباً في السبعينات اللندنية. في أكثر قصص المجموعة"الحب في الزمن الأزرق"تنهض صور متناثرة للكاتب وعائلته. أبطال يتحدّرون من أبوين مختلفي الجنسية، أبطال باكستانيون وإنكليز. عن البطلين في قصة"غسالتي"يقول حنيف:"الولدان يمثلان الوجهين المتقابلين من شخصيتي. ولد باكستاني وولد إنكليزي. فأنا باكستاني وإنكليزي. الولدان يكملان صورتي. لقد جعلتهما يتعانقان في القصة". الحال أن علاقة من الحب المثلي الحميم تنهض بين الولدين في القصة. غير أن العلاقة التي تربط حنيف بأسرته على أرض الواقع غالباً ما تتسم بالتوتر. وكثيراً ما ينشأ الخلاف بين الكاتب وأفراد أسرته بسبب كتاباته التي تقارب شؤون الأسرة. أرسلت أخته ياسمين رسالة إلى جريدة الغارديان تؤكد فيها أن حنيف"يرسم صورة خاطئة عن العائلة". وفي مقابلة مع الأوبزرفر قالت أمه:"أصبح شائعاً هذه الأيام أن يزعم الكتاب أنهم يتحدرون من طبقات وسطى أو عمالية ولكن حنيف كان يملك كل شيء. الصورة التي يرسمها لنفسه ليست صحيحة". أما زوجته السابقة، تريسي سكوفيلد، فقد أبدت ردة فعل حادة إزاء سياقات رواية"حميمية"التي ترسم العلاقة الزوجية بينها وبين حنيف وهي وصفت نيات حنيف بالمغرضة في ما يدخله في رواياته من شؤون عائلية وأسرية. وقد رد حنيف على هذه الانتقادات بالقول أن من الطبيعي أن تختلف وجهات نظر أفراد الأسرة تبعاً لكل شخص. ولكنه أظهر أسفه لاتخاذه حياة أفراد الأسرة مادة لكتاباته. في قصة سامي وروزا يتحدث في شكل صارخ عن علاقته بحبيبته السابقة. وهو يقول: أعرف أنني كنت في بعض المقاطع لئيماً جداً.