نجح الرئيس البيروفي السابق آلان غارسيا في العودة إلى سدة الرئاسة بعد مرور 21 سنة على ولايته الأولى إثر فوزه المرتقب على منافسه الضابط المتقاعد أولانتا هومالا. ودلت النتائج الرسمية بعد فرز نحو 85 في المئة من الأصوات حصول غارسيا على أكثر من 54 في المئة من الأصوات، فيما كانت حصة هومالا أكثر من 45 في المئة، علماً أن هذا الفارق قد يتقلص قليلاً لدى وصول أصوات المناطق الريفية البعيدة. وفي أول تصريح له، دعا السياسي المحنك غارسيا إلى تشكيل حكومة إئتلافية، وشكر الناخبين الذين أعطوه فرصة جديدة"لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها في ولايتي الأولى". واعتبر ان"رسالة"الذين اقترعوا لخصمه هومالا"وصلت". واعتبر أن الخاسر الوحيد في انتخابات بيرو هو الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز"الذي حاول أن يفرض علينا بواسطة ماله النفطي نظامه العسكري المتخلف". بهذه الكلمات، عبّر غارسيا الذي كان قد انتخب للمرة الاولى عام 1985، وكان عمره 35 سنة، والذي شكلت ولايته الأولى كارثة اقتصادية، عن تفهمه بأنه لم ينتخب فقط لصفاته الخاصة بل تخوفاً من وصول خصمه حليف تشافيز. واعترف هومالا بهزيمته الانتخابية معتبراً:"إننا حققنا انتصاراً كبيراً وبدأنا بتغيير خريطة بيرو السياسية". ودعا إلى تشكيل جبهة وطنية اجتماعية من كل القوى اليسارية التي"تريد التخلص من هذا النظام النيو -ليبرالي". وهومالا الذي أسس حزبه بمساعدة زوجته منذ أقل من سنة نجح في التحول إلى أول قوة سياسية في بيرو بسرعة مذهلة معتمداً على المناطق الريفية والطبقات المعدومة وصعود الحركة الهندية المستمر في هذه المنطقة من العالم. وسيتمتع بأول كتلة برلمانية في مجلس النواب المؤلف من 120 مقعداً، بعدما أحرز حزبه الحديث النشأة 45 مقعداً فيما حصل حزب"الأبرا"الذي يترأسه غارسيا وهو أعرق حزب في بيرو على 36 مقعداً، فيما تتقاسم خمسة أحزاب أخرى المقاعد ال39 الباقية. ودلّت نتائج الانتخابات على انقسام حاد بين الناخبين، إذ فاز هومالا في 15 محافظة كلها تقريباً في الداخل والمناطق الجبلية، فيما فاز غارسيا في تسع محافظات أكثريتها على الساحل ومنها العاصمة التي تضم لوحدها ثلث أصوات الناخبين. ومشكلة غارسيا الذي يمثل اليسار - الوسط أنه فاز بمساعدة القوى المحافظة التي صبّت أصواتها عليه"تخوفاً من شرّ أكبر". وعليه الآن بعد انتهاء الانتخابات وتلاشي عامل"الخوف"الذي مثله تدخل تشافيز لمصلحة خصمه، بأن ينجح في تخطي هذا الانقسام الحاد من خلال المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الذي رسخه سلفه الرئيس الكسندر توليدو، إضافة إلى الانكباب على الإصلاحات الاجتماعية الماسة التي بنى خصمه شعبيته على المطالبة بها والتي أخذ غارسيا يتبناها كلما تقدمت الحملة الانتخابية.