تذكّر اللبنانيون أمس الشهيد سمير قصير أحد أكثر الصحافيين والكتّاب السياسيين والمثقفين شجاعة وجرأة، في الذكرى السنوية الاولى لعملية الاغتيال الغادرة التي استهدفته أمام منزله. امتلأ بعض أحياء بيروت بصور الزميل الشهيد الذي ترك إرثاً مكتوباً زاخراً على صغر سنه، ومحبين اتسعت دائرتهم على مر السنين وبلغوا الذروة في انتفاضة 14 آذار مارس عام 2005 التي أطلق عليها لقب ملهمها باعتباره أحد الاساسيين الذين صاغوا شعاراتها وعلمها ولافتاتها ضد"النظام الامني اللبناني ? السوري". واستعاد زملاء قصير اللبنانيون والعرب والاوروبيون، والدموع في عيونهم، ذكرياتهم معه من دون مكابرة لأنه ترك فراغاً أقله غياب مقاله الاسبوعي في"النهار". وافتقده طلابه استاذاً في جامعة القديس يوسف، رفيقاً وصديقاً واسع الأفق. تحلق الجميع حول عائلته الصغرى والكبرى بالأمس وزاروه مجدداً في ضريحه. أحيا الجسم الصحافي والإعلامي في لبنان أمس، الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الكاتب والمفكر والصحافي سمير قصير. وللمناسبة احتفل بإطلاق اسمه على ساحة بالقرب من مبنى جريدة"النهار"حيث رفع الستار عن نصب تذكاري له. وقال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في كلمة له خلال الاحتفال:"اننا سنظل نعمل كي يصل وطننا الى استكمال تحرير الارادة والمؤسسات من كل الوصايات وأسباب الهدر والفساد والافساد، وسنظل متمسكين بمبدأ فصل السلطات وتعاونها حماية وصوناً وتعزيزاً لنظامنا الديموقراطي". كما أكد:"اننا سنظل نعمل من أجل استكمال قيام الدولة القادرة والقوية والعادلة والتي تستطيع تحقيق الأمن ومنع التدخلات وبسط السيطرة والسيادة على سائر أنحاء الأرض اللبنانية". وشدد على ضرورة سوق قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي والذين حاولوا قتل مروان حمادة والياس المر ومي شدياق الى العدالة ليلقوا جزاءهم المحق والعادل. وأكد"ان لا عودة الى الوراء ولا تخاذل أمام المستبدين والانتهازيين وعتاة المجرمين، ولا تهاون في العمل من أجل تحقيق ترسيخ دور الدولة الآمنة وليس الدولة الأمنية، الدولة التي تحقق تحرير كل الاراضي المحتلة من العدو الاسرائيلي وتبسط سلطتها العادلة على كل الاراضي اللبنانية". وكان أقيم صباحاً، اعتصام أمام شجرة الزيتون التي زرعت في مكان تفجير سيارة قصير في الأشرفية، بدعوة من"حركة اليسار الديموقراطي"، في حضور عائلته التي ضمت زوجته الزميلة جيزيل خوري ووالده ووالدته وابنتيه، بمشاركة وزير الإعلام غازي العريضي والنائبين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور وأمين سر حركة اليسار الديموقراطي النائب الياس عطا الله ونقيب الصحافة محمد البعلبكي ونقيب المحررين ملحم كرم والسيدة نورا جنبلاط وممثلين عن قوى 14 آذار. ووضع الجميع وروداً حمراً في مكان استشهاد قصير، ورفع طلابه لافتة كتب عليها"لا تبكه فاليوم بدء حياته، ان الشهيد يعيش يوم مماته". وللمناسبة أيضاً، منح الاتحاد الأوروبي"جائزة سمير قصير لحرية الصحافة"الى الصحافيين: المصرية دينا عبد المعطي درويش عن مقالة في الأسبوعية المصرية باللغة الفرنسية"الأهرام إبدو"15 ألف يورو، واللبناني حبيب بطاح عن مقالة له في"الدايلي ستار"الصادرة بالانكليزية 10 آلاف يورو. ومنح سفير الاتحاد الأوروبي باتريك رينو والزميلة خوري الجائزتين الى الفائزين في حفل أقيم في فندق"البرغو"، في حضور الوزير العريضي ووزير الاتصالات مروان حماده وسفراء بريطانيا جيمس واط وفرنسا برنار ايمييه وبلجيكا ستيفان دولوكير، وحشد من الإعلاميين. ولفت السفير رينو إلى ان عام 2005 كان أكثر الأعوام قسوة وخطورة على الصحافة خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ شهد مقتل 68 صحافياً، بينهم جبران تويني وسمير قصير. وقال رينو:"باسم المبادئ التي تعهد الاتحاد الأوروبي وبلدان المتوسط احترامها، ندين لهم كلهم، قتلى أو جرحى أو معذبين أو خاضعين للرقابة، أن نواصل نضالهم تحقيقاً لحرية التعبير وحرية الرأي وحرية الصحافة"، مشيراً إلى ان"المعنى من إنشاء الاتحاد الأوروبي، هو إقامة دولة قانون تحترم فيها هذه الحريات". واعتبر رينو ان الجائزة"ليست مجرد مكافأة. إنها دعم لفعل الكلمة في وجه السلاح والبربرية"، شاكراً أعضاء لجنة التحكيم على دقة عملهم، علماً انهم لم يمنحوا هذه السنة جائزة فئة"الباحثين الشباب"، لعدم توافر النوعية المطلوبة في الأعمال المشاركة. وهنأت خوري الفائزين بالجائزة، معتبرة"ان اختيارهما جاء لأنهما مفكران حرّان". ورأى العريضي ان اغتيال قصير كان يهدف إلى قمع"معركته من أجل تكريس الحرية في لبنان ورفضاً للاغتيال السياسي والارهاب الفكري والجسدي والسياسي الذي بدأ مسلسله بقرار فتح باب الارهاب على كل المستويات، وهو قرار التمديد لرئيس الجمهورية". ولاحظ ان"إرادة الحرية في لبنان أقوى من إرادة القتل التي لا يملك الإرهابيون والقتلة غيرها". وينتمي المشتركون الى بلدان عدة من المنطقة المتوسطية وهي: الأراضي الفلسطينية، اسرائيل، تونس، سورية، لبنان ومصر. واستذكر النائب غسان مخيبر"الدور الكبير الذي لعبه سمير قصير في انتفاضة الاستقلال، كمواطن ومثقف ملتزم بات مثالاً يحتذى في التزام المثقفين القضايا الوطنية"، مطالباً ب"توسيع مهمات لجنة التحقيق الدولية لتشمل كل الاغتيالات ومحاولات الاغتيال الإرهابية التي وقعت في لبنان منذ تشرين الأول أكتوبر 2004". وجدد الحزب التقدمي الاشتراكي تمسكه بالسيادة والحرية والاستقلال دفاعاً عن حق اللبنانيين المشروع"في بناء دولتهم واحتراماً لشهداء الانتفاضة الوطنية ومن أبرزهم صاحب القلم الحر والجريء الشهيد سمير قصير". وتساءل"التيار الوطني الحر""عن مصير التحقيق والتباطؤ في كشف حقيقة من اغتال قصير ورفاقه الذين أعطوا لبنان أغلى ما لديهم في سبيل استقلاله وسيادته وحرية الكلمة".