يكاد قطار الحوار الوطني الفلسطيني الذي بدأ قبل نحو ثلاثة أسابيع، أن يصل إلى محطته الأخيرة خلال الأيام المقبلة باعلان أول اتفاق على"وثيقة الاسرى"بعد ادخال تعديلات عليها مقبولة من الفصائل الفلسطينية، خصوصا"فتح"و"حماس". وتدعو"وثيقة الاسرى"التي وضعها ناشطون من الفصائل الفلسطينية محتجزون في السجون الاسرائيلية الى وقف الهجمات على الدولة العبرية وانشاء دولة فلسطينية في الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967. ويمكن اعتبار هذا النص بمثابة اعتراف فلسطيني ضمني باسرائيل. واعلن رئيس الحكومة اسماعيل هنية تحقيق"تقدم ملموس"في الحوار. وقال الوزير في حكومة"حماس"عاطف عدوان:"اعتقد اننا سنوافق على هذه الوثيقة". كما اشار الى انه وزملاءه في الحكومة يدرسون احتمال تقديم استقالة جماعية ليحل مكانهم خبراء مستقلون من التكنوقراط ما لم يرفع الحصار الدولي. واضاف:"قد تكون هذه طريقة لحل مشاكل الشعب الفلسطيني علما اننا لم نتوصل حتى الساعة الى اي قرار حول الامر". من جانبه، قال الناطق باسم حركة"فتح"توفيق ابو خوصة:"نحن متفقون على كل نقاط وثيقة الاسرى تقريبا، وتبدو الامور ايجابية جدا". كذلك قال المسؤول الكبير في"فتح"عبدالله الافرنجي الذي يشارك في المفاوضات:"هناك تفاهم شامل على هذه الوثيقة، مع بعض التحفظات، واتوقع التوقيع على اتفاق مطلع الاسبوع المقبل". وحسب مصادر مطلعة، دخل الحوار الوطني في مسارين سريين أو شبه سريين، الأول تم خلاله عقد لقاء خماسي يومي بمبادرة من"الجبهة الشعبية"وفي مقرها في غزة، والثاني مسار ثنائي بين"فتح"و"حماس". وخلال اللقاء الأول الذي ضم الفصائل الخمسة الكبار فتح وحماس والجهاد والشعبية والديموقراطية، اجتهد قياديو"الشعبية"على وضع صيغ توفيقية تكون مقبولة من"فتح"و"حماس"و"الجهاد"التي أبدت تشدداً أكثر من"حماس"في شأن"وثيقة الاسرى". وكشفت مصادر مشاركة في الحوار الخماسي ل"الحياة"ان خلافات جمة شهدتها الجلسات بين"فتح"و"حماس"على الوثيقة، سواء الديباجة او بقية بنودها ال18. وعُرضت في اللقاء الخماسي الاخير مسودة تتضمن تعديلات لبعض بنود الوثيقة بما فيها المقدمة، يفترض أن تكون الحركات الثلاث قدمت رأيها فيها خلال جلسة عقدت مساء أمس في مقر"الشعبية"وتسبق جلسة موسعة تعقد اليوم. ومن بين هذه التعديلات ما يتعلق بالديباجة التي اصبحت"مقدمة"تمثل جزءاً لا يتجزأ من الوثيقة اضيفت اليها عبارة مفادها ان"الحقوق لا تسقط بالتقادم، وعلى قاعدة عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال الاسرائيلي". ولأن غالبية، ان لم يكن كل بنود الوثيقة، متوافقة مع برنامج"فتح"ومنظمة التحرير، فان اعتراضات"فتح"عليها قليلة، ويمكن وصفها بأنها"ملاحظات"، على حد تعبير مسؤول في الحركة ل"الحياة". لكن"حماس"وافقت على معظم بنود الوثيقة، ويجري النقاش حالياً على صيغ جديدة وتعديلات للبنود الاول والثاني والثالث والرابع والسابع، فيما تعترض"الجهاد"على كل ما له علاقة بالاعتراف بالدولة العبرية او اقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 او قرارات الشرعية الدولية او حتى المبادرة العربية. وباختصار، فان"الجهاد"ترفض مضمون الوثيقة رفضاً كلياً، وستستمر على موقفها هذا مهما كلف الثمن، حسب قال قيادي في الحركة ل"الحياة". وحسب وثيقة حصلت عليها"الحياة"وتتضمن التعديلات المقترحة على البنود الخلافية بين"حماس"و"فتح"، لا تزيد التعديلات المدخلة على البند الأول المتعلق باقامة الدولة المستقلة في حدود 1967 عن كلمتين فقط، وثلاثة كلمات على البند الثاني الذي يعتبر"اعادة انتاج"للبند المتعلق باعادة تفعيل مظمة التحرير الوارد في اعلان القاهرة. اما البند الثالث فشطبت منه عبارة"تركيز المقاومة في الاراضي المحتلة العام 1967". واعيد صوغ البند الرابع على نحو يعتبر ان توحيد الخطاب السياسي الفلسطيني ووضع خطة للتحرك السياسي يجب ان يتم"على أساس برنامج الاجتماع الوطني الفلسطيني في هذه الوثيقة وقرارات الشرعيتين العربية والدولية المنصفة لشعبنا". وكان النص الأصلي للوثيقة تضمن عرض أي اتفاق في المفاوضات مع اسرائيل للتصديق على المجلس الوطني الجديد للمنظمة بعد اعادة تفعيلها او اجراء استفتاء عليه، وتم حذف اجراء استفتاء وهو بانتظار موافقة"فتح"عليه. ومن المرجح أن تكون المواقف النهائية للفصائل من هذه التعديلات اتضحت في جلسة الحوار الخماسي والتي عقدت أمس، وتمهد الطريق أمام جلسة الحوار الموسعة التي ستعقد اليوم. وفي هذه الحال يصبح الاتفاق قاب قوسين أو ادنى من التوقيع عليه.