رفضت إسرائيل وقف الهجمات الفلسطينية داخل "الخط الأخضر" فقط، وتمسكت بوقفها داخل الأراضي الفلسطينية، فيما واصل الفلسطينيون نقاشاتهم من أجل الاتفاق على صيغة وثيقة "البرنامج الوطني" للمرحلة المقبلة، والتي أشارت ضمناَ إلى استمرار الهجمات داخل إسرائيل ولم تتضمن أي اشارة مباشرة إلى ذلك، منعاً للوصول إلى طريق مسدود في الحوار. تجنب ممثلو القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية الخوض في نقاش عن وقف الهجمات، ومنها الاستشهادية، داخل إسرائيل. وعلى رغم أن مسألة وقف العمليات الاستشهادية باتت قضية ملحة بالنسبة إلى جهات كثيرة، منها السلطة الفلسطينية والدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وقبل كل هؤلاء إسرائيل، إلا أن أحداً من ممثلي الفصائل ال12 المشاركة في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية لم يشأ أن يطرح القضية على بساط البحث في لقاءاتهم. ولم يرغب المسؤولون في "الجبهة الديموقراطية" الذين صاغوا المسودة الأولى والواحدة تلو الأخرى، في وضع أي اشارة إلى مسألة وقف العمليات الاستشهادية أو التفجيرية في المدن الإسرائيلية، على رغم موقفهم الرافض لها. وتضمنت الوثيقة السياسية التي تشكل "مشروع برنامج وطني" ويجري البحث في نصوصها حالياً في جلسات استمرت أشهراً عدة، اشارات ضمنية إلى الهجمات داخل "الخط الأخضر" الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية. وتشدد الوثيقة على أهمية استمرار المقاومة والانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين وشرعية هذه المقاومة وضرورة استمرارها. وخلا المحور الثاني من الوثيقة تحت عنوان "الوسائل" من أي اشارة أو نص أو وسيلة لتحقيق ما اطلقت عليه الوثيقة "الأهداف الاستراتيجية الراهنة" للشعب الفلسطيني. واشترطت الدولة العبرية، التي راقبت الحوارات الفلسطينية الداخلية عن كثب، وقف العمليات الفدائية في الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية بعد صمت طويل إنه يجب وقف كل العمليات العسكرية الفلسطينية سواء داخل "الخط الأخضر" أو في الأراضي الفلسطينية. وإن كانت ثمة فصائل وقوى ترفض تنفيذ عمليات فدائية من قبلها أو من قبل غيرها داخل "الخط الأخضر" أو ما يسمى "ضد المدنيين الإسرائيليين"، فإن كل القوى تقريباً تجمع على أهمية مقاومة قوات الاحتلال والمستوطنين في الأراضي المحتلة عام 1967. وباستثناء حركتي "المقاومة الإسلامية" حماس و"الجهاد الإسلامي"، فإن لدى بقية القوى التي تمارس الكفاح المسلح ضد إسرائيل، استعداداً لوقف العمليات داخل "الخط الأخضر"، ومنها حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". وقال رمزي رباح عضو المكتب السياسي ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" ل"الحياة" إن "القيادة الوطنية الموحدة" المنوي تشكيلها في أعقاب التوقيع على الوثيقة، هي التي ستقرر إن كان من الملائم والمفيد تنفيذ عمليات داخل "الخط الأخضر". وشدد على أن القيادة المنوي تشكيلها من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والأمناء العامين للفصائل والقوى وشخصيات وطنية واعتبارية، ستقرر وسائل النضال وأدواته ومكانه وزمانه. وغمزت الوثيقة من طرف هذه المسألة تجنباً للوصول إلى طريق مسدود في هذا الشأن. وجاء في المحور الثالث من الوثيقة "الوضع الداخلي" في البند الأول "تشكيل قيادة وطنية موحدة ليشارك فيها الجميع، تجسد الوحدة الوطنية وتحقق جماعية القيادة والمشاركة في القرار الوطني وإقرار السياسة والممارسة العملية"، في اشارة ضمنية إلى العمليات الفدائية. ورداً على سؤال ل"الحياة" إن كانت حركة "الجهاد الإسلامي" نجحت في عدم تضمين الوثيقة أي اشارة إلى وقف العمليات الاستشهادية، قال الدكتور محمد الهندي، أحد قياديي الحركة إن "هذه القضية لم تطرح من أي جهة في لجنة الصياغة" التي انبثقت عن لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية لوضع الصياغة النهائية للوثيقة. واعتبر أن مسألة تنفيذ العمليات داخل "الخط الأخضر" مسألة خلافية، لذا تم ترحيلها إلى اجتماعات "لجنة الحوار الوطني" المنوي تشكيلها لاحقاً بموجب المحور الرابع من الوثيقة تحت عنوان "الحوار الوطني". واعتبر الهندي أنه بموجب هذا المحور "سيتم نقاش المسائل المختلف عليها"، في إطار الحوار الوطني الشامل الذي قالت الوثيقة إنه سيتم "على الأسس المحاور الأربعة لبلورة البرنامج الوطني المشترك وآليات العمل الوطني للمرحلة المقبلة"، التي ربما لن يكون من بينها تنفيذ عمليات فدائية على أحد أو كلا جانبي "الخط الأخضر". إلى ذلك، عقدت لجنة المتابعة مساء أمس اجتماعاً لها للبحث في التعديلات التي طالبت حركتا "حماس" و"الجهاد" بادخالها على الوثيقة.