أعلن المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو دي راتو موافقة المجموعات الاقتصادية والاقتصادات الرئيسة، الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو واليابانوالصين والسعودية، على المشاركة في مشاورات تهدف إلى الحد من اختلال موازين المدفوعات والحفاظ على الزخم القوي لنمو الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن المشاورات المتعددة الأطراف التي أنيطت مسؤوليتها بالمؤسسة الدولية أخيراً، ستبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة على مستوى الخبراء. كما أكد دي راتو أن الاقتصاد العالمي في وضع جيد ويتوقع أن يستمر وللعام الثالث على التوالي بالنمو بوتيرة تضاهي معدله التاريخي. وقال في كلمة ألقاها أمام نادي الصحافة الاسترالي في كانبيرا أول من أمس ونشر صندوق النقد نصها، إن ما يميز الأداء الحالي هو أن"قاعدة النمو أصبحت أكثر اتساعاً من الماضي إذ احتفظت الولاياتالمتحدة والاقتصادات الناشئة الآسيوية، وخصوصاً الصين، بأدوارها كقاطرات رئيسة إلا أن الانتعاش الاقتصادي في اليابان ومنطقة اليورو ازداد قوة". تصحيح متواضع للبورصات حتى الآن لكن المسؤول الدولي نبّه من أن الأخطار التي تهدد النمو الاقتصادي ازدادت هي أيضاً، مستشهداً بتزايد القلق في أسواق المال العالمية. ووصف الخسائر التي لحقت بمؤشرات الأسهم حتى الآن بپ"تصحيح متواضع"للزيادات التي حققتها أسعار الأصول الاستثمارية في الفترة الماضية لكنه اعتبرها في المقابل شاهداً على تعاظم قلق المستثمرين إزاء مسائل السيولة والتضخم والنمو الاقتصادي وتزايد إحجامهم عن تقبل الأخطار. وأوضح اقتصاديون أميركيون مخضرمون من خارج صندوق النقد أن ثلاثة عوامل تمثلت في انكماش السيولة كنتيجة مباشرة لرفع أسعار الفائدة في أميركا وعلى المستوى العالمي، وتزايد الضغوط التضخمية واحتمالات تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي، لعبت كلها دوراً خطيراً في اضطراب أسواق المال العالمية وخسارة مؤشرات الأسهم الأميركية وحدها ما يزيد على تريليون دولار من قيمتها السوقية منذ الذروة التي بلغتها في بداية الاسبوع الثاني لشهر أيار مايو الماضي. واعترف دي راتو بأن تزايد التوقعات التضخمية والمخاوف من احتمال أن تؤدي زيادات أسعار الفائدة إلى إعاقة النمو الاقتصادي، جعلا مهمة إعادة التوازن التي على المصارف المركزية القيام بها أكثر صعوبة لكنه شدد على أن الحكومات تستطيع تسهيل هذه المهمة من طريق معالجة بعض المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي، وأهمها أسعار النفط المرتفعة والمتقلبة وتحول إنفلونزا الطيور إلى وباء واختلال موازين المدفوعات العالمية. وأكد على أن صندوق النقد يعمل مع دوله الأعضاء على مواجهة هذه الأخطار ضمن نطاق اختصاصه، مشيراً في شأن مكافحة مخاطر أسعار النفط المرتفعة والمتقلبة، إلى تشجيع الإدارة السليمة للاقتصاد الكلي وتبني السياسات المفضية إلى دعم استقرار أسواق النفط وتحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب. ولفت كذلك إلى مساعدة الدول الأعضاء على اتخاذ إجراءات احترازية ضد الأخطار الوبائية. اختلال موازين المدفوعات لكن المدير العام لصندوق النقد شدد على أن المجتمع الدولي يحتاج إلى بذل قدر أكبر من الجهد لمعالجة مشكلة اختلال موازين المدفوعات العالمية التي تنعكس أهم مؤشراتها في عجز الحساب الجاري الضخم لميزان المدفوعات الأميركي من جهة، والفوائض التجارية لمجموعة من الدول تضم الدول المصدرة للنفط واليابان والاقتصادات الناشئة الآسيوية الكبرى، لا سيما الصين، ولفت إلى أن استراليا تعاني عجزاً ضخماً في حسابها الجاري لكنه قلّل من خطورته. الى ذلك أشار دي راتو الى أن مشكلة موازين المدفوعات تتلخص في أن الاختلال القائم بين أميركا وبقية العالم غير قابل للاستمرار وقال إن"المستهلك الأميركي لا يستطيع دعم الطلب على منتجات بقية العالم إلى ما لانهاية كما لا تستطيع الدول الأخرى الاستمرار في تمويل الاستهلاك الأميركي إلى ما لا نهاية". وأشار إلى أن الاستثمار الدولي يضخ بليوني دولار يوميا لتمويل العجز الأميركي محذراً من أن أي تغير مفاجئ في موقف المستثمرين يمكن أن يحدث اضطراباً في أسواق المال العالمية يؤدي إلى هبوط الاقتصاد العالمي. وأفاد المسؤول الدولي أن المشاورات المتعددة الأطراف ستعقد على خلفية إجماع دولي على الإجراءات والسياسات الواجب اتباعها على المستوى العالمي للحد من مخاطر اختلال موازين المدفوعات، وفي مقدمها حفز الادخار في أميركا لتقليل اعتمادها على التمويل الخارجي ومبادرة الاقتصادات الآسيوية الناشئة إلى السماح بارتفاع أسعار صرف عملاتها في مقابل الدولار، وحفز الطلب المحلي لتخفيف اعتمادها على المستهلك الأميركي.