يعتبر الفنان المصري محمد ثروت أن غيابه عن الساحة الفنية مسألة طبيعية:"غيبوني كما غيبوا فيروز وماجدة الرومي. وغبت يوم غاب المطربون والمطربات. هناك مطربون لزموا بيوتهم منذ ثلاثين عاماً، جلسوا في مقاعد المتفرجين وتحسروا على ضياع الفن الأصيل". لكنه يتابع بحماسة:"سأبقى صامداً حتى الرمق الأخير من حياتي. لا أحتاج إلى"نيو لوك"ولن أركض لاهثاً وراء الفن التجاري. بكل ثقة، أتحدى مغنيات الفيديو كليب أن يقفن على خشبة المسرح ويغنين... الغناء ليس هز خصر وكلمات مسفّة". ويتابع متنهداً:"رحم الله الفنان محمد عبدالوهاب الذي كرر على مسامعي دوماً جملته الشهيرة: يا بني الفن رسالة وقيم تعبر عن وجدان الأمة ومرآة الشعوب، ليس فولاً سودانياً ومخاطبة للغرائز". ويفخر الفنان محمد ثروت بكونه تتلمذ على يد عبدالوهاب:"اختارني لتلحين العديد من الأغاني الوطنية مثل"مصريتنا"و"عاشت بلادنا"و"الأرض الطيبة". كانت علاقتنا مثل علاقة الأب بابنه، وشهد لي دوماً بالتميز والأصالة... شهادته وسام على صدري وعاهدته على ألا أسير في الطريق الخاطئ". أما آخر أعماله، فألبوم يصدر قريباً ويضم عدداً من الأغاني، أبرزها:"حلم العمر"كلمات رضا أمين وألحان إبراهيم رجب، وپ"أنا موش ذكرياتك"كلمات مدحت العدل وألحان رياض الهمشري ، وپ"على الليالي"كلمات أحمد زكي وألحان عصام كريكة، و"أعتقد الناس إتغيروا"كلمات مصطفى زكي وألحان عصام كريكة. كما أصدر أخيراً شريط كاسيت يتضمن أغاني دينية تتحدث عن حب النبي الكريم، يوزعه مجاناً. ويقول:"أعكف على إعداد ابتهالات دينية وأعتبر نفسي قدوة لجيل الشباب الذي لا يزال نقياً. كما سأتجه الى تكثيف أغانيّ للأطفال لأنهم مستقبلنا الواعد وهذا ليس عيباً فالفنان محمد فوزي ظل يغني لهم حتى آخر حياته". قلّة هم الناس الذين يعرفون أغاني ثروت الجديدة. معظمهم يتذكر إطلالاته المؤثرة وأغانيه الوطنية التي كانت تبثها الفضائية المصرية يوم فاز المنتخب المصري ببطولة كرة القدم. ويقول:"خصخصة الفن أضرت كثيراً بالمطربين الحقيقيين. أرفض الحديث عن فن أصيل وآخر غير أصيل، أو أول نظيف وثان مبتذل. هناك باختصار فن قوي وفن ضعيف. والسائد حالياً في القنوات الفضائية هو الفن الضعيف. ويكمن تحدي المطربين الأقوياء في قدرتهم على الوقوف ضد هذه الموجة... للأسف، أنا لست وزير إعلام أو صاحب قناة فضائية، قادراً على تغيير الواقع الأليم. ببساطة أنا مطرب، تقع على عاتقي مهمة جذب عواطف الجمهور وتسليط الضوء على قضاياه الوطنية. لذا، فإن مسألة غيابي وانقطاعي عن الناس طبيعية". ويرى أن ظهور مغنين من أمثال شعبان عبدالرحيم ونانسي عجرم وهيفا وهبي هو"نتاج طبيعي لانقلاب في ثقافة المواطن العربي"، وقال:"لدينا شرائح كثيرة تتجرأ على القيم وتجاهر وتشد من أزر العولمة وتلعب بالغرائز، وبمعيار السوق فإن هؤلاء المغنين يلاقون طلباً متزايداً لكنهم لا يمثلون الفن الأصيل، والجمهور من كثرة ما يعرض عليه إنتاج هؤلاء في القنوات الفضائية يشعر نفسياً بغياب من يحبهم ويعرفهم من أمثالي". ويخص شعبان عبدالرحيم باللوم لأنه"أفرغ الأغنية من مضمونها وهمشها وسطحها ولا يدرك ما يفعله، ويشكل خطراً حقيقياً على فن الغناء". ويشير إلى أن ولعه بإعادة غناء أعمال عبدالحليم حافظ ومحمد فوزي وليلي مراد لا يرجع إلى ندرة النصوص الجيدة لديه،"لكن الأعمال المتميزة تعيش مئات السنين، وهناك قصص أعيد تمثيلها وإنتاجها أكثر من مرة، كما أعاد مغنون أجانب كبار تقديم أغان قديمة لأنها كانت تعبر عن وجدان الشعوب". آخر إطلالات محمد ثروت كانت في أبو ظبي حيث قدم أغنيات وطنية ودينية.