في خلال 30 عاماً من المسيرة التنموية، تمكن الصندوق السعودي للتنمية من دعم مشاريع في اكثر من 70 بلداً حول العالم، وخصوصاً في قارتي آسيا وافريقيا. وبلغ اجمالي ما قدمه من قروض ميسرة لتمويل هذه المشاريع التنموية 25635 مليون ريال سعودي حتى نهاية العام الماضي. واكد نائب الرئيس والعضو المنتدب للصندوق يوسف بن ابراهيم البسام"سعي الصندوق وفي شكل دائم الى دعم جهود التنمية في دول العالم النامي بتشديده على ان يكون هذا الدعم لمشاريع وبرامج تقع ضمن خطط التنمية في الدول المستفيدة، ومتوافقاً مع اهداف التنمية التي أقرتها هيئة الاممالمتحدة". نبذة تاريخية نشأت ضرورة تأسيس الصندوق السعودي للتنمية مع تنامي دور المملكة العربية السعودية الاقليمي والدولي، وزيادة مواردها بعد ارتفاع اسعار النفط في بداية السبعينات وزيادة التزاماتها الدولية، فرأت اهمية توحيد جهودها التنموية. وأسست الصندوق في العام 1974 ، برأس مال بلغ 10 بلايين ريال قدمته حكومة المملكة. ورُفع على ثلاث مراحل ليصبح 31 بليون ريال، مشكلاً القناة الرئيسة التي تقدم من خلالها المملكة مساعداتها الرسمية. ويجسد ذلك ايضاً ايمان المملكة في اهمية دعم جهود التنمية في الدول النامية وتعزيز قدراتها على تحسين اوضاعها الاقتصادية والتنموية، وتعبيراً عن تفاعل المملكة مع دول تشاركها الاحتياجات التنموية وتعتبر جزءاً منها. وتمكن الصندوق من دعم مشاريع التنمية في اكثر من 70 بلداً حول العالم، وخصوصاً في قارتي آسيا وافريقيا التي تعاني دولها من تدن في الدخل وارتفاع في مستوى الفقر بين شعوبها، وضعف في مؤشرات التنمية، فضلاً عن افتقارها الى البنية التحتية التي تساعد في رفع مستوى معيشة الافراد وتحسين الاوضاع الاقتصادية. واشارت احصاءات الصندوق الى"تقديم 395 قرضاً ميسراً حتى نهاية عام 2005 ، خصصت لتمويل 385 مشروعاً تنموياً وبرنامجاً اقتصادياً. ووصل اجمالي هذه المبالغ الى 25635 مليون ريال. ونالت افريقيا من المجموع 12508 مليون ريال لتمويل 226 مشروعاً وبرنامجاً اقتصادياً. في حين حصلت آسيا على حوالى 12735 مليون ريال لتمويل 153 مشروعاً وبرنامجاً اقتصادياً، ونالت خمس دول من مناطق اخرى نحو 411 مليون ريال لتمويل ستة مشاريع تنموية. وتوزعت هذه القروض على قطاع النقل والاتصالات فكانت حصته 8403 ملايين ريال، والزراعة 4639 مليوناً، والطاقة 4977 مليوناً، والبنية الاجتماعية مياه، تعليم، صحة، واسكان 5308 ملايين، الصناعة والتعدين 1737 مليوناً، والقطاعات الاخرى 589 مليوناً. هدف الصندوق الفئات المهمشة واكد البسام حرص الصندوق خلال مسيرته التنموية على الاخذ في الاعتبار احتياجات الدول النامية واستراتيجياتها التنموية،"وجعل من تحسين مستوى معيشة الفئات الضعيفة المهمشة هدفاً اساساً لنشاطه التنموي. كما حرص على ان تكون مساعداته متوافقة مع اهداف التنمية العالمية وخصوصاً مسألة خفض الفقر، وزيادة مشاركة فئات المجتمع الضعيفة في الاستفادة من هذه المساعدات". واوضح ان الصندوق"حرص خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، عندما كانت الدول النامية تعاني من تشوهات في اداء قطاعاتها الاقتصادية وضعف في البنية الاساسية، على دعم برامج التصحيح الهيكلي والاصلاح الاقتصادي في شكل متوازن مع جهوده في دعم مشاريع البنية الاساسية. وفي عقد التسعينات وبداية الالفية الجديدة دعم الصندوق برامج الدول النامية لتقليص معدلات الفقر لديها، كما ساعد في تعزيز قدرات هذه الدول لتحقيق اهداف الالفية الجديدة". ولفت الى اهتمام الصندوق بمشاريع البنية الاساسية التي"يحجم القطاع الخاص غالباً عن الدخول فيها، نظراً الى ارتفاع تكاليف انشائها وضعف العائد الاقتصادي منها، على رغم اهميتها في دفع عجلة التنمية وتحسين الاوضاع الاقتصادية لهذه الدول واستفادة كل شرائح المجتمع منها وخصوصاً الطبقتين المتوسطة والفقيرة". ادارة منح الحكومة واشار البسام الى ان الصندوق"يدير المنح والهبات التي تقدمها حكومة المملكة، والتي تقدم عادة للتخفيف من آثار الكوارث والازمات التي تتعرض لها بعض المناطق حول العالم ومعالجتها، مثل الزلازل والجفاف والفيضانات". ولفت الى انه كان للمملكة"دور كبير في اعادة البناء والتخفيف من آثار هذه الازمات بسرعة الاستجابة وتقديم العون للدول المتضررة، ما انعكس تقليصاً للخسائر واعادة تأهيل المناطق المنكوبة". وكشف ان اجمالي المنح التي يديرها الصندوق نيابة عن حكومة المملكة"تجاوز نحو 14.2 ألف مليون ريال، استفادت منها شعوب 28 بلداً نامياً في آسيا وافريقيا واوروبا، وشملت قطاعات عدة". ومن ابرز المنح التي أدارها الصندوق: توفير مياه الشرب لاكثر من 2.5 مليون نسمة كانوا يواجهون العطش في 10 دول من الساحل الافريقي وحُفرت نحو 5400 بئر، اعادة بناء المناطق المتضررة من الفيضانات والاعاصير في بنغلادش، واعادة اعمار المناطق المتضررة من الزلازل في الجزائر والمغرب واليمن ومصر والباكستان، واعادة اعمار المناطق المتضررة من الحروب في البوسنة والهرسك ولبنان وافغانستان. التمويل المشترك واعتبر البسام ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية تشكل"تحدياً صعباً يحتاج الى جهود شاقة وامكانات كبيرة للتصدي له، لا يمكن لجهة واحدة ومنفردة الاضطلاع بها. لذا تقضي احدى القواعد الاساسية التي تضمنها نظام الصندوق في عمليات منح القروض بألا يتجاوز مبلغ القرض المقدم لاي مشروع نسبة 50 في المئة من كلفة المشروع الاجمالية". ورأى ان هذا التحديد "يخدم هدفين مهمين: الاول حفز الدولة المقترضة على المساهمة في انجاز المشروع بما تستطيع تقديمه من مواردها الذاتية، ويتمثل الثاني باتاحة الفرصة لمشاركة جهات تمويلية عدة في تغطية نفقات المشروع". وأكد ان هذه السياسة"حققت مزايا عدة لنشاط الصندوق اهمها: اتاحة الفرصة للصندوق لتمويل عدد اكبر من المشاريع التنموية وبالتالي تنويع مجالات مساعداته وزيادة عدد الدول المستفيدة، وتبادل الخبرات مع المؤسسات التنموية وخصوصاً الصناديق العربية والبنك الاسلامي للتنمية وصندوق الاوبك للتنمية الدولية، والمساهمة في تمويل مشاريع كبيرة الحجم ومرتفعة التكاليف". ولفت الى ان"اجمالي القروض الممولة في شكل مشترك بلغ نحو 16.4 ألف مليون ريال أي ما يعادل نحو 64 في المئة من اجمالي مبالغ القروض حتى نهاية العام 2005". واعتبر مجموعة العون العربي"احدى انجح مجموعات العون الدولي، اذ استطاعت مؤسساتها من المشاركة في تمويل عدد كبير من المشاريع ذات الاحتياجات المالية الكبيرة، ساعدها على النجاح مستوى التنسيق العالي والتكامل القائم بين مؤسسات المجموعة". واشار الى التعاون والتمويل المشترك بين الصندوق السعودي وصندوق الاوبك للتنمية الدولية كمثال، اذ شاركت المؤسستان في تمويل مشاريع تنموية في دول نامية في آسيا وافريقيا. برنامج دعم الصادرات وانطلاقاً من قناعته بأن تمويل التنمية لا يتوقف على المساعدات الرسمية فقط، بل يطال آفاق ومجالات كثيرة يجب الاهتمام بها، وخصوصاً دعم القطاع الخاص في الدول النامية ليقوم بدوره في دعم جهود التنمية في الدول المستفيدة. لذا رأى الصندوق بحسب ما اوضح البسام ان"يستحدث برنامجاً لدعم الصادرات السعودية في الوصول الى هذه الدول من خلال تشجيع المصدرين السعوديين على الوصول بسلعهم اليها"، معتبراً ان ذلك"يساهم في في دعم العلاقات الاقتصادية بين المملكة والدول المستفيدة، وفي فتح الآفاق امام المصدرين السعوديين لاكتشاف اسواق جديدة، وحصول اسواق هذه الدول على سلع وخدمات تساهم في تطوير قدراتها التجارية والانتاجية، ما يؤدي الى توظيف اعداد كبيرة في هذه الدول وتحسين قدرتها على الاستفادة من الموارد الاولية لديها". بدأ البرنامج اعماله في العام 2002 ، وتمكن في خلال ثلاث سنوات من ان يعتمد 85 عملية تصدير بلغت قيمتها 2243 مليون ريال لسلع سعودية غير نفطية. فضلاً عن خدمة تأمين التمويل وضمان الصادرات التي باشر البرنامج في تقديمها في العام 2003 ، اذ اصدر 25 وثيقة ضمان بأنواع مختلفة، بلغت قيمتها الاجمالية 324 مليون ريال. ونظراً الى الآثار الايجابية للتجارة في دعم التنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين المملكة ودول العالم، أعلن البسام ان الصندوق"يسعى الى دعم برنامج الصادرات ليتمكن من الايفاء بمتطلبات التصدير، فزاد رأس مال البرنامج الى 15 ألف مليون ريال العام الماضي، رغبة منه في زيادة عملياته والوصول الى اكبر عدد من المستفيدين من خلال تقديم مجموعة كبيرة من الخدمات للمصدرين السعوديين وتسهيل وصولهم الى المستفيدين في كل دول العالم". النظرة المستقبلية وأكد نائب رئيس الصندوق"السعي الدائم الى دعم جهود التنمية في دول العالم النامي من خلال تأكيده على ان يكون هذا الدعم لمشاريع وبرامج تقع ضمن خطط التنمية في الدول المستفيدة، ومتوافقاً مع اهداف التنمية التي أقرتها هيئة الاممالمتحدة، والهادفة في شكل اساس الى خفض مستوى الفقر وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الايجابية في العملية الاقتصادية، من خلال التركيز على مشاريع التعليم والصحة وتوفير المياه الصالحة للشرب وتعزيز الصحة العامة وتوفير فرص العمل وتحسين الاوضاع الاقتصادية والخدمات في المجتمعات الريفية، اضافة الى الاهتمام بمشاريع البنية التحتية الاساسية التي تساهم في شكل اساس في دعم التنمية الاقتصادية". واضاف:"كما يسعى الصندوق الى دعم علاقات المملكة الاقتصادية مع الدول الاخرى من خلال دعم صادرات المملكة وتطوير آليات هذا الدعم". ولفت الى ان الصندوق"يراجع استراتيجياته التنموية دورياً، بما يتماشى مع متطلبات الدول النامية ودور التمويل المشترك مع الجهات المانحة الاخرى، من خلال مشاركته في المؤتمرات وورش العمل التي تنظمها المؤسسات التنموية الدولية والاقليمية والوطنية". واوضح انه يهدف من ذلك الى"تحقيق التوافق الذي يؤدي الى زيادة فاعلية مساعداته للدول المستفيدة، وجعلها تتوافق مع توجهات الجهات المانحة الاخرى لتعزيز أثر هذه المساعدات في الدول والشعوب المستفيدة تحقيقاً لاهداف التنمية الدولية". وأعلن"قدرة الصندوق من خلال الدعم الكبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين والثقة الكبيرة التي اولتها له، اضافة الى وجود الكوادر المتميزة لديه، والتي اكتسبت خبرات كبيرة في مجال التنمية، على الاستمرار في اداء دوره الذي أُنشىء من اجله ليجعل من مسمى مملكة الانسانية حقيقة واضحة ومحل تقدير من الدول المستفيدة والمؤسسات والدول المانحة التي تعمل في مجال عمل الصندوق نفسه".