في اقل من 24 ساعة، قتل الجيش الاسرائيلي 14 فلسطينيا، من بينهم القائد العام المؤسس للجان المقاومة الشعبية المراقب العام لوزارة الداخلية والامن الوطني جمال عطايا أبو سمهدانة 43 عاما، في حين اصيب عشرات اخرون بجروح متفاوتة. وقصفت البوارج الحربية الاسرائيلية من البحر المصطافين على شاطئ بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة عصر أمس، ما ادى الى استشهاد سبعة فلسطينيين، معظمهم من عائلة واحدة، ومن بينهم امرأتان وثلاثة أطفال، واصيب عشرات اخرون بجروح. وفي عملية ثانية، قصفت طائرة حربية اسرائيلية سيارة كانت تقل اربعة من ناشطي"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الاسلامي"جنوب بلدة بيت حانون شمال القطاع. واستشهد في هذه الغارة ثلاثة مواطنين من عائلة واحدة كانوا بالصدفة في المكان، هم شقيقان وابن عمهم. وجاءت هذه الغارات بعدما شيع عشرات الآلاف من الفلسطينيين ظهراً ابو سمهدانة وثلاثة من رفاقه في واحدة من أكبر الجنازات المهيبة التي شهدتها انتفاضة الاقصى الحالية. وكانت طائرات حربية اسرائيلية اطلقت ثلاثة صواريخ عند منتصف ليل الخميس - الجمعة على ابو سمهدانة وثلاثة من رفاقه، هم نضال موسى، أحد ناشطي"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الاسلامي"، ومحمد عسلية، احد ناشطي"كتائب شهداء الاقصى - كتيبة المجاهدين"التابعة لحركة"فتح"، واحمد أبو ستة، أحد ناشطي"ألوية الناصر صلاح الدين". وشارك في الصلاة على جثمان أبو سمهدانة 43 عاماً ورفاقه وتشييعهم وزير الداخلية والامن الوطني سعيد صيام وعدد من المسؤولين وقادة وممثلو الفصائل والهيئات والفعاليات المدنية والرسمية وآلاف المسلحين من"الوية الناصر صلاح الدين"، الذراع العسكرية للجان المقاومة والقوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، ومن الاجنحة المسلحة لمختلف الفصائل الفلسطينية. واطلق مئات المسلحين النار في الهواء وتوعدوا برد مزلزل على جريمة اغتيال أبو سمهدانة الذي نجا خلال الأعوام الخمسة الماضية من نحو خمس محاولات اغتيال فاشلة. وتوعدت"ألوية الناصر صلاح الدين"التي لم تنفذ عمليات خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، بالرد في قلب اسرائيل انتقاماً لاغتيال قائدها ومؤسسها الذي بدأت اسرائيل في مطاردته العام 82 بعدما انخرط مبكراً في صفوف الثورة الفلسطينية في مخيم رفح للاجئين على الحدود مع مصر التي جاءت منها والدته لتتزوج والده المناضل الراحل عطايا ابو سمهدانة. ويعتبر أبو سمهدانة الذي عينه وزير الداخلية والأمن الوطني سعيد صيام في نيسان ابريل الماضي مراقباً عاماً لوزارة الداخلية، من اكثر القادة الشبان في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني شهرة ليس في مدينة رفح وحسب بل في الضفة والقطاع. وهو يحتل المرتبة الثانية بعد القائد العام ل"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة"حماس"على قائمة تضم 28 فلسطينياً وضعتها اسرائيل قبل أكثر من عام. وبعدما عينه صيام مراقباً عاماً لوزارة الداخلية عادت اسرائيل وتوعدته بالاغتيال، مؤكدة أن منصبه لن يمنحه حصانة من الاغتيال. وفي ردود الفعل على اغتياله، أفرد رئيس الوزراء الفلسطيني اسماهيل هنية جزءاً كبيراً من خطبة الجمعة في غزة للحديث عن مناقب أبو سمهدانة الذي تحالف مع"حماس"في الاعوام الاخيرة. وقال ان عمليات الاغتيال لن تفت من عضد الشعب الفلسطيني، ولن تدفعه للرضوخ لشروط الاحتلال الاسرائيلي، مؤكدا حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه. واعتبر الناطق باسم الحكومة غازي حمد ان مثل هذه الاعمال الاجرامية يشير بوضوح الى النهج الدموي الذي تتبعه حكومة الاحتلال في ارتكاب المزيد من اعمال القتل والاغتيال في الاراضي الفلسطينية. ووصف اغتيال أبو سمهدانة ب"جريمة حرب تتطلب وقفة دولية جادة من المجتمع الدولي"، محملاً اسرائيل تبعات المجزرة البشعة وما يترتب عليها من نتائج وردود أفعال. ورأى أن اسرائيل بدأت على ما يبدو في تطبيق مخططاتها في استهداف المسؤولين في الحكومة الفلسطينية، ما ينذر بتطورات ونتائج خطيرة ويفتح الامور على كل الخيارات. ووصف الناطق باسم وزارة الداخلية اغتيال أبو سمهدانة بأنه تصعيد خطير وتنفيذ لتهديدات سابقة باستهداف رموز الحكومة الفلسطينية التي اعلنت انها حكومة مقاومة شرعية. واضاف ان"ردنا على الحصار والتجويع ومحاولات التركيع وهذا الاستهداف القذر والخطير للقائد أبو سمهدانة هو المزيد من التمسك بمواقفنا الوطنية وشرعية المقاومة". وفي استاد كرة القدم في مدينة رفح، اقامت لجان المقاومة الشعبية بيت عزاء لقائدها المؤسس أمه الاف الفلسطينيين. وعلى أحد المقاعد في احد الصفوف، جلس فتى يحمل بندقية اميركية من نوع"ام 16"، وقال ل"الحياة"بشيء من المكابرة انه لم يحزن لاستشهاد والده. واضاف الابن البكر لابو سمهدانة عطايا وهو يضع بندقية والده في حضنه انه سيسير على درب والده وسيصبح مناضلاً من أجل الحرية وضد الاحتلال. وروى ل"الحياة"انه لم يلتق والده منذ نحو اسبوعين، وقال ان والده اوصاه ان يكون"خليفته"في المنزل وان يحافظ على اشقائه الثلاثة وشقيقته الوحيدة.