في تحول كبير لسياستها إزاء"العدو"القديم، أعلنت واشنطن أمس استعدادها المشروط للمشاركة في مفاوضات"الترويكا"الأوروبية مع طهران، في حال وقفها تخصيب اليورانيوم. راجع ص 8 وشدد الرئيس الأميركي جورج بوش على أن الولاياتالمتحدة ستتولى"موقع القيادة"في حسم قضية الملف النووي الإيراني"ديبلوماسياً"، فيما خيّرت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس النظام الإيراني بين مسار العزل ومواجهة العقوبات الاقتصادية الدولية أو مسار التزام الاتفاقات الدولية ونيل"ضمانات اقتصادية". ويعتبر الموقف الأميركي سابقة منذ قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين عقب أزمة الرهائن الأميركيين في طهران عام 1979. وفي اول خطوة رسمية من نوعها بين الجانبين، ابلغ السفير الاميركي لدى الاممالمتحدة جون بولتون، في اتصال هاتفي، نظيره الايراني جواد ظريف ان البيان الذي القته رايس في طريقه اليه لتسليمه رسمياً الى حكومة بلاده. ووصف بولتون الاتصال بأنه"مخابرة لطيفة". وقامت البعثة الاميركية بتوزيع بيان رايس على اعضاء مجلس الأمن في مطلع جلسة مغلقة لمناقشة مسألة اخرى، كمؤشر على اهتمام الادارة الاميركية بإبلاغ مجلس الأمن بموقفها الجديد. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، ببيان وزيرة الخارجية الاميركية، واعرب عن أمله بأن"تتجاوب ايران بصورة ايجابية"مع هذا"التطور المرحب به"، بحسب ستيفان دوجاريك الناطق باسم انان. وقال الناطق"ان هذه المبادرة تتماشى مع دعوات الأمين العام المتكررة الى اقامة حوار والى التوصل الى حل ديبلوماسي عبر التفاوض". ووصف البيان بأنه"طويل ومفصل ويتطلب دراسة عن كثب". واكدت رايس في بيانها ان بوش يبقي كل الخيارات مفتوحة مع طهران. ولفتت الى ان واشنطن تريد علاقات"جديدة وإيجابية"مع ايران، فيما اعتبر مبادرة لتشجيعها على قبول صيغة الحل الأوروبية. وأعرب الرئيس الأميركي، بعدما القت رايس بيانها، عن اعتقاده ب"إمكان حل المسألة ديبلوماسياً"، مشيراً الى رغبته في"بذل كل الجهود لتحقيق ذلك". وأكدت رايس في مؤتمر صحافي قبل توجهها الى فيينا للاجتماع مع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا، ودرس برنامج الحوافز والعقوبات الهادف الى اقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، أن الولاياتالمتحدة مستعدة للانضمام إلى فرنساوألمانيا وبريطانيا في التفاوض مع إيران، إذا أوقفت التخصيب" في شكل يمكن التحقق منه". وأضافت:"من أجل تأكيد التزامنا الحل الديبلوماسي وتعزيز احتمالات تحقيق النجاح، بمجرد أن تعلق إيران التخصيب، ستحضر الولاياتالمتحدة عبر ممثليها الى الطاولة مع زملائنا في دول الاتحاد الأوروبي الثلاث وسنجتمع مع ممثلي إيران". ويتوقع ان يتولى مساعد الوزيرة نيكولاس بيرنز تلك المهمة. وشددت على أن الخطوة"ليست صفقة كبرى مع طهران"، معلنة ان الولاياتالمتحدة لم تغير موقفها من النظام الإيراني و"تصرفه المقلق"في الملف النووي، أو في"دعم الإرهاب في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية". وأكدت مصادر في الخارجية الأميركية ل"الحياة"أن إعلان رايس جاء بعد"تأكيد الجانبين الروسي والصيني التزامهما خطوات تصعيدية في مجلس الأمن ضد طهران في حال فشلت المفاوضات". ورأت المصادر أن إعلان رايس يتفق مع استراتيجية"الجزرة والعصا"التي تتبعها الإدارة مع إيران، وبرنامج الحوافز والعقوبات الذي ستناقشه الوزيرة في فيينا اليوم. ورفضت الوزيرة الدخول في تفاصيل الحوافز، مؤكدة أن هذا الأمر سيناقش بعد اجتماعاتها مع الجانب الأوروبي. وقالت أن الولاياتالمتحدة وافقت على"العناصر الأساسية"في البرنامج، معربة عن أملها بأن تدرس الحكومة الإيرانية الاقتراح بإمعان. وزادت:"الاختيار السلبي هو أن يبقى النظام الإيراني على نهجه الحالي، في السعي إلى امتلاك أسلحة نووية وتحدي المجتمع الدولي والمواثيق الدولية وإذا فعل ذلك سيتكبد ثمناً باهظاً". وفي فيينا، توقعت مصادر أن يعلن وزراء خارجية الدول الست عقب اجتماعهم اليوم، عن اتفاق مبدئي يطلق"مفاوضات سداسية"مع إيران، على أن تعقد الجولة الأولى في غضون اسبوعين. وعلمت"الحياة"أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يزور تركيا اتفق مع رايس على هذا الإعلان. الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك قال:"شعورنا أننا نتوجه إلى فيينا ونحن مستعدون جيداً". وأشار إلى"تسوية واتفاق"بين الدول المشاركة في الاجتماع، وأكد أن"الضمانات الأمنية الأميركية لم تطرح بعد على الطاولة". وأفاد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي فريدريك جونز أن الرئيس بوش أجرى اتصالات هاتفية بكل من زعماء روسياوفرنساوألمانيا، لم يكشف مضمونها. أما وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف، فأعلن من باكو أن اقتراح روسيا في شأن تخصيب اليورانيوم الإيراني على أراضيها"لا يزال مطروحاً على طاولة المفاوضات". وأوضح مصدر روسي ل"الحياة"أن الجديد في كلام ايفانوف هو تأكيده استعداد موسكو لإعطاء ضمانات للإيرانيين في شأن مستقبل مشاريعهم النووية، في حال أسفرت أي تطورات عن منع وصول تقنيات نووية لازمة لبرامجهم السلمية.