في إطار المعرض الدولي في باريس وفي مركز المعارض في"بورت دو فرساي"، يقام معرض جماعي بعنوان"مهرجان ثقافة العالم العربي". تشارك في المعرض فنانات بحرينيات هنّ: لبنى الأمين، نبيلة الخيّر، مريم فخرو، فائقة الحسن، شفيقة الهرمي، بلقيس فخرو، وحيدة ملولة وسامية انجنير. تكشف الأعمال المعروضة عن تنوع في الأساليب وفي المواد والتقنيات المعتمدة من أجل تنفيذها، وتتراوح بين التصويرية والتجريدية وتزاوج أحياناً بينهما. من تصويرية مريم فخرو وشخوصها المتأملة على خلفية لا تغيب عنها عناصر الطبيعة، إلى نبيلة الخيّر التي تعتمد الألوان الحارة وتنهل من الموروث القديم. ومن سامية أنجنير التي تستعمل أسلوب الكولاج وتعالج موضوع المرأة بإيحائية يغذيها حضور زهرة الأوركيديا عنصراً أساسياً من عناصر اللوحة، إلى فائقة الحسن وتداخل التصويري والتجريدي في عملها وشفيقة الهرمي وأعمالها التجريدية وألوانها الحارة. إلى وحيدة ملولة التي تعرض عدداً من الصور الفوتوغرافية القائمة على موضوع واحد ويتألف المشهد عندها من فتاة وطابة موضوعة ضمن كوّة في حائط، وفي طرف الصور جانب من المناخ المحلي الذي يتألف من أغصان نخيل وظلالها. من المشاركات البارزة في المعرض تجربتا بلقيس فخرو ولبنى الأمين. وفي حين تحضر تجربة الفن الحديث بقوة في أعمال بلقيس فخرو التي درست الفنون في جامعة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، وفي حين تواصل مسيرتها الإبداعية في العمل على إنجاز لوحة تجريدية تلعب فيها المساحات والأشكال الهندسية والألوان دوراً بارزاً، تتميز أعمالها المعروضة الآن في باريس، بالكثير من الاقتصاد في لغتها التشكيلية وألوانها الى درجة تبدو معها هذه الألوان منزهة، تذهب كلها في اتجاه اللون الأبيض وتدرجاته. وتأخذ هذه التدرجات مداها الأوسع في الأعمال الكبيرة الحجم التي كانت أنجزتها في السنوات الماضية وعبرت من خلالها، إضافة إلى المهارة الفنية، عن وعي لمفردات الحداثة الفنية. من جانب آخر، تأتي أعمال لبنى الأمين من جهة الكثافة اللونية والاعتماد على الألوان الحارة. من الأحمر القاني والنبيذي إلى الأصفر والأزرق. تموجات من الألوان تجعل من اللوحة مسافة للتأمل. وإذا كانت التجريدية هي السمة الطاغية في أعمالها المعروضة، فإن ثمة عملاً واحداً يلوح في أفقه هذا التداخل الذي أشرنا إليه بين التجريدية والتصويرية. ولكن إذا اشرنا إلى تصويرية ما في أعمالها، فهي تصويرية غير معلنة، كأنها جزء من داخل اللوحة لا من سطحها، وهي جزء من لعبة الألوان التي تلعبها الفنانة بانسياب وطواعية. أعمال لبنى الأمين منفذة بتقنيات مختلفة، وهي أعمال مشرقة تستوحي البيئة والطبيعة وتعكس تنوّعاً وعمقاً كبيرين في تجربتها التشكيلية. وما يطالعنا من أعمالها هنا، سواء بمادته اللونية، أو بعلاقته بالضوء، يشكّل امتداداً لعلاقتها بالمادة التي تستعملها كمحمول لأعمالها، وهي مادة الخشب، وتتجسد في تلك النوافذ القديمة التي تولد من جديد تحت ريشتها بعد أن تستمدّ معالم وقسمات جديدة. إنها لوحات ينصهر فيها الماضي بالحاضر في تجريد يستفيد من الموروث الفني مع الانفتاح على التيارات الفنية الحديثة. نشير أخيراً إلى أنّ الأعمال المعروضة تقدّم صورة وافية عن المحترف التشكيلي البحريني الذي يتميّز بتجربته وانفتاحه على الأساليب المتنوعة التي تشغل العالم التشكيلي، وجرأته على اقتحام أسئلة الفنّ المعاصر التي تتزايد يوماً تلو يوم.