بعد مرور شهر على الموعد الذي سبق للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب، المعروفة اختصاراً بپ"الهاكا"، أن أعلنته كموعد للكشف عن اللائحة الأولى من الجيل الأول من قنوات تلفزيون وإذاعات زمن التحرير في المغرب، لا تزال الهيئة في مرحلة من الصمت، ولم يعد التواصل ممكناً مع أجهزتها، ولا مع موظفيها الممنوعين من الكلام. فالمغرب يقف اليوم أمام تحدٍ جديد للتخلص من هيمنة الدولة، التي واصلت احتكارها للصورة والصوت، من إذاعة وتلفزيون، طيلة نصف قرن منذ الاستقلال... خصوصا أن المسؤولين يخشون اليوم أن يكونوا قد فتحوا على أنفسهم نافذة تدخل منها رياح غير مرغوب فيها. وتروج أخباراً حول المشروع في غياب أي تأكيد أو نفي رسمي. فهناك من تحدث عن رغبة السلطات العلية المغربية التمهل قليلاً، حتى استكمال كل التحضيرات اللوجستية والقيام بدراسة تقرأ التحرير في بعده السياسي والأمني. وهناك من ذهب إلى التحدث عن"ميدي 1 سات"، كمشروع قناة وحيدة، ستمنح الترخيص لها، على اعتبار أنها كانت سترى النور قبل ميلاد الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، إلا أن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، الذي كان أحد أهم الممولين للمشروع، حال دون ذلك. وبين هذه المقولة وتلك، يسود حال ترقب في أوساط المهنيين، الذين عاشوا عقوداً من الجمود الإعلامي، وهم تواقون اليوم إلى حلحلة من نوع ما... من دون ان ننسى ما يشاع حول رغبة الدولة في إعادة وضع يدها على الإعلام المرئي، لكن هذه المرة بأسلوب عصري، يستلهم تبريراته من التجربة الفرنسية، في صناعة الخدمة العمومية في التلفزيون، حيث يعمد المغرب في هذا المجال إلى الاقتباس من تجربة المستعمر السابق. ويبقى السؤال الذي يؤرق المغاربة في هذا المجال هو: هل ما يعيشه المغرب اليوم هو انتقال إعلامي حقيقي، أم مجرد تراخيص لقنوات من القطاع الخاص عملها عموماً ترفيه وغناء ورقص، كما تبدو الأجواء في الفضائيات العربية؟ والملاحظ أن كل الاحتمالات تصب في خانة فضائية"ميدي 1 سات"، التي ستبث برامجها من المنطقة الحرة. ومهما كانت الحصيلة، فإن المغرب حتماً موشك على خطوة ستعيد الاعتبار للمشاهد المغربي، من خلال توفير تنوع إعلامي يتيح للمشاهد حرية الاختيار.