لا ريب في أن مونتينيغرو الجبل الاسود نموذج طلاق سياسي مدني. فأهالي هذه المنطقة قرروا الانفصال عن صربيا والاستقلال، في استفتاء شعبي. وليست النزعات الانفصالية جديدة بالبلقان. فانفصال البوسنة والهرسك كان دموياً. وطالب سكان مونتينيغرو بالانفصال منذ استقلال البوسنة. وحالت الضغوط الصربية دون تحقيق مطلبهم هذا. وبعد تدخل الاتحاد الأوروبي، حصلت مونتينيغرو على حكم ذاتي مرن. وعلى الأتراك استخلاص العبر والدروس من هذا الانفصال. فغالباً ما يكون إجبار قومية ذات هوية مختلفة على الخضوع الى سلطة حكومة مركزية، صعباً ومستحيلاً. والاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا هما خير دليل على ذلك. والحق أن أساس طلب الانفصال في الاتحاد السوفياتي وأوروبا هو اختلاف الأعراق والاديان والثقافات، والخلافات التاريخية.وما حصل بمونتينيغرو لا سابق له. فأهالي مونتينيغرو مسيحيون أرثوذكس، شأن الصرب. والزيجات بين الصرب وپ"المونتينيغريين"كثيرة، والاندماج الاجتماعي بينهما خطا خطوات كبيرة في عهد تيتو. وانفصال مونتينيغرو هو مؤشر الى غلبة النزعة القومية العرقية على غيرها من النزعات. ولكن هل يمكن أن يشكل 650 ألف شخص عدد سكان مونتينيغرو دولة مستقلة؟ نعم، فهناك دول في أوروبا اصغر من هذا الإقليم، على غرار مالطا. وفي وسع مونتينيغرو النمو اقتصادياً، وتشجيع قطاع السياحة، والسعي الى تحقيق حلم الانضمام الى الاتحاد الأوروبي بعد خمسة أعوام. واستقلال مونتينيغرو يحملنا على التفكير في القضية القبرصية. وتشير نتائج الانتخابات القبرصية الأخيرة واستطلاعات الرأي في أوساط القبرصيين - اليونانيين، الى انهم لا يريدون العيش مع القبارصة - الأتراك. ولكن هل يترتب على هذه الانتخابات انفصال مدني بين الطرفين القبرصيين على ما حصل بمونتينيغرو؟ وشأن القيادات الصربية، لن يوافق الرئيس بابادوبولوس، وهو يسعى الى السيطرة على الجزيرة القبرصية كلها على هذا الحل. ولكن الضغوط الأوروبية حسمت الأمر، وحملت الصرب على الامتثال الى رغبات الجبل الاسود. فما رأي المسؤولين الأوروبيين في قبرص، غداة احتفالهم بانفصال مونتينيغرو عن صربيا؟ عن سامي كوهين ، "مللييت" التركية ، 25/5/2006