بين الدول الضالعة في الحرب الغربية والجديدة المستعرة منذ 11 أيلول سبتمبر، لعل الصين أكثرها قدرة على انتهاج سياسة غير مقيدة. وعلى هذا، فمصير الغرب هو بين يدي الصين. وفي وسع بيجينغ قراءة وقائع الحرب الكبيرة الجارية على نحوين. فتخلص من النحو الأول الى ان الصراع مع واشنطن بلغ مرحلة الحسم، وعليها انتهاز فرصة تحررها، واستجماع قوتها، وتحقيق غاياتها الاستراتيجية. والقوة التي تقيد التوسع وبسط السيطرة الصينيين، في تايوان والشرق الأوسط على حد سواء، هي اميركا. وذلك من طريق تشديد قبضتها على نفط الخليج، وغداً على نفط العراق، ومن طريق تهديد ثالثة الأثافي النفطية الإيرانية. ويترتب على هذه الحال ان تستعطي الصين مواردها من الطاقة من الولاياتالمتحدة والنزول على شروطها. والقرينة الساطعة على إرادة الصين بلوغ اكتفاء ذاتي هي خطتها بناء مصب نفطي في غوادار، ببلوشستان الباكستانية، يستقبل الذهب الأسود الجاري من منابع الخليج بأنابيب تمد براً عبر باكستان. ويرمز خط الأنابيب البري الى رغبة حارة في استقلال التموين الصيني وحمايته من القوة البحرية الأميركية، المهيمنة الى وقت طويل آت. وثمة نظير يكافئ مشروع المصب وخط الأنابيب على الصعيد السياسي والمالي، هو ضرب من السيطرة الصينية الاستعمارية على بلدان نفطية ضعيفة وهشة. ففي دارفور أطلقت الصين الرصاصات الأولى لسياسة الاكتفاء المبيتة، وسمعت الطلقات على ابواب عاصمة تشاد، نجامينا. ولكن نحواً آخر من القراءة جائز. وهو يقود الى ما مفاده ان الصين، شأن اميركا وأوروبا، لا مصلحة لها في تقوية منظمة الدول المنتجة للنفط والمصدرة. وبالأحرى ألا تكون لها مصلحة في تسلط السياسة والقيادة الإسلاميتين الإيرانيتين على دينامية تسعير موارد الطاقة. ويقضي الرد، والحال هذه، بتنسيق سياسة الإنتاجية مع الغرب واليابان. ويترتب، ظاهراً، على التنسيق خسارة الصين بعض استقلالها الاستراتيجي. ولكنه يسعها تعويض خسارتها بيسر من طريق حلف وثيق ومطمئن مع تايوان، ومع الرأسمالية الكورية الجنوبية. والثمن، في الحالين، معقول، ويرتب التخلي عن النظام الكوري الشمالي، والإقرار بمشروعية الوطنيين التايوانيين المعتدلين والتزام نهج سلمي في مسألة التوحيد. وقبول هذا الثمن يجعل الصين حليفاً قريباً للولايات المتحدة والهند. وهو حلف تقدر الصين قيمته بينما لا يزال العسكريون الباكستانيون المتشددون من خصوم مشرف يأملون في مساندة بيجينغ تجديد السيطرة العسكرية الإسلامية على باكستان. عن ألكسندر آدلر،"لو فيغارو"الفرنسية، 27/4/2006