هل لديك جهاز تلفزيون في غرفة نومك؟ هل جربت أن تبدأ يومك على إيقاع الفضائيات؟ تصحو من النوم فتمتد يدك في حركة لا إرادية إلى الجهاز العبقري المسمى بالريموت كونترول، تلمس يدك بحرفية شديدة وعيناك نصف مغمضتين الأرقام لتنتقي المحطة الصباحية. فماذا تختار؟ وكيف يؤثر اختيارك هذا في بقية يومك؟ اخترت متابعة الأخبار على"الجزيرة"أو"العربية"- إذاً، صباحك عنيف، دموي، قتالي، تشاؤمي بحت. جهِّز ذاتك نفسياً، أخّر تناول الإفطار بضع دقائق حتى تتبدد مشاهد قتلى فلسطين، وجثث العراق المشوهة، وأطفال الصومال النازحين من تجدد القتال، إضافة إلى باقة منتقاة من أحدث ما ورد إلى القناة من كوارث ومصائب وانفجارات و"لحسن الحظ"أن جميعها بات نهراً لا ينضب، وبالتالي، لا مجال للملل أو التكرار من نشرة لأخرى إلا في مجال المصائب"الجامبو"التي تحتمل البث غير مرة. أما إذا اخترت برنامجاً فضائياً صباحياً من النوعية التي يتضمن اسمها كلمتي"صباح"و"خير" في شكل أو في آخر، فعليك تجرع كميات مصغرة من الفقرات المنوعة والتي غالباً لن تخرج عن إطار مراجعات للتحليلات المنشورة في الصحف إذ أن الأخبار الواردة في صحف هذا اليوم جميعها أذيع مرات في نشرات الأخبار الفضائية قبل مثول الجرائد للطبع. وستتجرع - ضمن ما تتجرعه - فقرة نسائية غالباً ما تكون إما كيفية صنع أقنعة الوجه، أو كيفية وضع مكياج الوجه، أو كيفية التخلص من الشعر الزائد، أو شد التجاعيد. المهم هو الاهتمام بشكل الوجه. وربما تحظى في إطار الفقرة النسائية بمعرفة كيفية التخلص من بقع السجاد أو تقشير الباذنجان من دون اسوداد الأنامل الرقيقة. وإذا كانت"مرارتك"من النوع الذي لا يتحمل ذلك فعليك التوقف عند هذا الحد. اختيار ثالث يتمتع بشعبية كبيرة في السنوات القليلة الماضية هو الفيديو كليب. بعضهم يرى أن الاهتزازات الموسيقية والجسدية في الصباح، لاسيما إن كانت صادرة من موديلات فاتنات يتمتعن بمواصفات جسدية قياسية، تؤثر تأثيراً إيجابياً في سير بقية اليوم وتحفز الهمم والعزائم. لكن إذا كانت همتك من نوع مختلف وعزيمتك لا تحفزها الكليبات، فليس أمامك في الصباح سوى قنوات الأفلام. أول ما سيلفت نظرك هو"مش هتقدر تغمض عينيك"وهي العبارة التي ستثير فيك شجوناً وأنت تجاهد أصلاً للإبقاء على عينيك مفتوحتين في هذه الساعة من الصباح. وإذا أعياك انتظار الفيلم ومللت الإعلانات التي تروج غالبيتها للقناة، جرب حظك في القنوات المتخصصة في إذاعة الأفلام القديمة التي تخلو تقريباً من الفقرات الإعلانية، وإن كانت تلوِّح دائماً مهددة ببث أفلام"المقاولات"التي تعود إلى حقبة السبعينات والتي تحتاج إلى قدرة فائقة على الجلد والصبر لتحمل خواء المضمون. عموماً، النصيحة الذهبية التي يمكن أن تتبعها في مثل هذا الوقت من الصباح هي أن تأخذ الريموت كونترول محولاً البث إلى بث إذاعي، وپ"يا دار ما دخلك شر".