لليوم الثالث على التوالي تبرز الصحف البريطانية أخبار تشكيل الحكومة العراقية، فيما طغى أمس خبر زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى بغداد لاعلان دعم لندن لأول حكومة عراقية دائمة منذ احتلال العراق، في ظل أنباء عن لقاء قريب لبلير مع الرئيس جورج بوش للبحث في امكان تسريع انسحاب القوات الأميركية والبريطانية ابتداء من تموز يوليو المقبل. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة"ذي غارديان"ان خطة بوش وبلير للانسحاب من العراق ستكون اسرع واوسع من المتوقع، مشيرة الى ان اجتماعهما سيركز على كيفية الانسحاب من العراق، ولكنهما لن يؤكدا، علناً، تحديد موعد للانسحاب. واوضحت الصحيفة، من دون تحديد مصادرها، ان بريطانيا، التي تنشر ثمانية آلاف جندي في جنوبالعراق، ستبدأ سحب بعض قواتها مع تسليم محافظة المثنى للقوات العراقية في تموز المقبل. اما الولاياتالمتحدة التي تنشر 130 الف جندي، فستبدأ بالانسحاب من مدينة النجف الشيعية المقدسة جنوببغداد. وتابعت الصحيفة ان"عمليات انسحاب اخرى ستلي ذلك بسرعة طوال ما تبقى من السنة". واشارت الى ان عدداً من"المسؤولين"يتوقعون خفض عديد القوات البريطانية الى خمسة آلاف عسكري والقوات الاميركية الى مئة الف بحلول نهاية 2006. ولفتت الصحيفة الى أن بوش في حاجة ماسة للإعلان عن خفض القوة الأميركية في العراق قبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، مشيرة إلى أن وصول الديموقراطيين إلى مجلس النواب يعني أن عامي بوش سيكونان في غاية الصعوبة. وأضافت أن بلير لا يختلف عن ذلك، إذ يسعى إلى الحفاظ على إرثه ولا يريد لرئاسته للوزراء أن تقترن في الأذهان بحرب مدمرة. واعتبرت ان تعيين نوري المالكي رئيساً لحكومة العراق وافتتاح الجلسات الأولى لحكومته السبت الماضي كان أمراً جوهريا بالنسبة الى خطط بلير وبوش، مضيفة أن زيارة بلير في هذا التوقيت خير دليل على ذلك. أما صحيفة"ذي إندبندنت"فكتبت تحت عنوان"الحرب التي ستلازم بلير حتى يغادر منصبه"ان توني بلير ابدى"إشارة طموحة إلى دعم أول حكومة دائمة منذ غزو العراق واطاحة الرئيس السابق صدام حسين"، ولفتت إلى أن معظم الخسائر البشرية في هذه الأيام تقع بين صفوف العراقيين، وهو ما يعكس التغير الذي طرأ على طبيعة الصراع بعد السنة الأولى من الاحتلال. ومن جانبها قالت صحيفة"تايمز"انه ربما استغرق تشكيل التحالف بين الجماعات الطائفية والعرقية المتنافسة خمسة أشهر، غير أن ثمة ما يجمع بين أبرز خمسة وزراء، وهو أنهم قضوا فترة كبيرة من حياتهم في المنفى ببريطانيا، وعلى رأس هؤلاء الوزراء برهم صالح نائب رئيس الوزراء، ووزير النفط حسين الشهرستاني، ووزير الخارجية هوشيار زيباري، وفوزي الحريري وزير الصناعة، ولطيف رشيد وزير المياه. وذكرت صحيفة"ذي صن"ان بوش وبلير سيحضان خلال اجتماعهما حكومات اخرى على المساهمة في مكافحة اعمال العنف في العراق بزيادة دعمها للحكومة العراقية الجديدة. وقال ديبلوماسي بريطاني كبير للصحيفة:"الكل يريد الرحيل لكن لا يمكننا المغادرة قبل وقف العنف". واضاف"مهما كانت الخلافات في الماضي، من الضروري ان يقف الزعماء صفا واحدا"، معتبرا انه"لا مبرر للعنف اليوم". واوضح ان"هناك حكومة انتخبها الشعب للشعب بشكل ديموقراطي وهذا امر يتحتم على قادة العالم مساندته بشكل واضح وصريح". وتأتي هذه التطورات بعد لقاء بلير والمالكي في بغداد أول من أمس واعلان المالكي ان القوات العراقية قادرة على تسلم الامن في"المحافظاتالعراقية الواحدة تلو الاخرى"من القوات المتعددة الجنسية بحلول نهاية العام. وأوضح المالكي في مؤتمر صحافي مشترك مع بلير الاثنين ان القوات العراقية ستبدأ بتسلم الامن في محافظتي السماوة والعمارة جنوبالعراق من القوات المتعددة الجنسية اعتبارا من حزيران يونيو. غير ان صحيفة"ذي غارديان"اشارت الى ان مسؤولين بريطانيين صححوا التاريخ في ما بعد، موضحين انه من المقرر بدء الانسحاب في تموز. وتوقع مسؤول بريطاني كبير ان تستغرق عملية تسليم الامن اربع سنوات.