في زيارة مفاجئة إلى بغداد لم يُعلن عنها إلا لحظة هبوط طائرته، أكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن واجب المجتمع الدولي في العراق يمكن في"ضمان ألا يهزم الارهاب الديموقراطية"، مصراً على أن هذا البلد الذي يشهد مسلسل أعمال عنف دموية منذ شهور، حقق تقدماً منذ الغزو الأميركي البريطاني عام 2003. وقال بلير خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إثر اجتماعهما في"المنطقة الخضراء"إن"المرة الأولى التي جئت فيها إلى هذا البلد، لم تكن هناك ديموقراطية فاعلة كتلك القائمة اليوم". وأضاف أن"مهمتنا والأميركيين والتحالف والمجتمع الدولي والعراقيين أنفسهم أن نتأكد من أن قوى الارهاب لن تهزم إرادة الشعب بأن يكون لديه ديموقراطية". وجاءت زيارة بلير الى بغداد، والتي لم يعلن عنها"لأسباب أمنية"، في وقت ينعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية دعا إليه المالكي في محاولة لاحتواء العنف الطائفي المتصاعد في العراق، والذي بات يحصد قرابة 120 شخصاً يومياً وفقاً للأمم المتحدة. وقال بلير للمالكي إن بريطانيا"ستقف بقوة الى جانبكم ومع الشعب العراقي حتى لا يدمر الإرهاب والطائفية والذين يفضلون العيش في الكراهية على السلام، ديموقراطيتكم". ورأى أن هناك"واجباً ملحاً جداً على كل الدول في المنطقة لدعم رئيس الوزراء وحكومته". ونفى رئيس الوزراء البريطاني الذي التقى أيضاً الرئيس جلال طالباني ومسؤولين أميركيين خلال زيارته، وهي السادسة الى هذا البلد، أن يكون الغزو الأميركي - البريطاني للعراق في العام 2003 قاد الى الفوضى في العراق، لافتاً الى أن"دماء الأبرياء تراق، ولكن ليس بأيدي الحكومة العراقية المنتخبة ديموقراطياً، ولا أُولئك الذين يدعمونها". وألقى بلير بالمسؤولية عن العنف في العراق"على القوى نفسها التي تحاول في جميع أنحاء العالم من خلال العنف منع الاعتدال والحداثة ومنع الشعوب من التعبير عن رغبتها في الديموقراطية". وأكد المالكي وبلير أن خطط نقل المسؤولية الأمنية في منطقة البصرةجنوبالعراق من القوة البريطانية وقوامها قرابة سبعة آلاف رجل الى القوات العراقية تسير في شكل جيد، على رغم أنهما لم يحددا موعداً لنقل هذه المسؤوليات الأمنية. وقال بلير:"مع تنامي القدرات العراقية، سنخفض عدد قواتنا"، مشدداً على أن الاستراتيجية البريطانية لم تتغير، ومؤكداً أن حكومته ما زالت ملتزمة تماماً دعم جهود المالكي للمصالحة التي تواجه صعوبات. يذكر أن رئيس الوزراء البريطاني وصل الى بغداد على متن طائرة عسكرية بريطانية قادماً من القاهرة في إطار جولة اقليمية شملت تركيا. ويواجه بلير ضغوطاً داخلية وانتقادات لسياسته في العراق بعد صدور تقرير لجنة بيكر - هاملتون الذي دعا حليفه الرئيس الأميركي جورج بوش الى مراجعة شاملة لاستراتيجيته في العراق. ومن المقرر أن تجرى مناقشة في البرلمان البريطاني قبل نهاية كانون الثاني يناير المقبل حول سياسية حكومة بلير في العراق. وزار بلير ليل أمس مدينة البصرة في جنوبالعراق حيث تفقد بعض وحدات القوات البريطانية المنتشرة هناك. وقال لحوالي 300 عنصر من فرقة"لايت 19"إن مهمتكم في العراق كانت"صحيحة ومهمة"، مضيفاً أن"بلدنا وبلاد أخرى مثلها تضطر الى إعادة اكتشاف ماذا يعني أن تقاتل من أجل ما تؤمن به... أنتم لا تقاتلون دولة، إنما مجموعة من الأفكار والعقائد والمتطرفين". وتابع أن"ما نحاول أن نفعله هو بناء حلف من المعتدلين في مواجهة التطرف".