ينقل عدد من حلفاء سورية عن كبار المسؤولين فيها ان زيارة رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة دمشق لن تتم، على الاقل في المدى المنظور، محملين مسؤولية تأخيرها لقوى 14 آذار التي"ما زالت تمعن في التحريض على النظام السوري وتواصل تحركها باتجاه المجتمع الدولي لإصدار قرارات ضده". ويؤكد الحلفاء، خلافاً لموجة التفاؤل التي أشاعها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد مقابلته الرئيس السوري بشار الأسد، ان زيارة السنيورة تحتاج الى مزيد من التحضير وانه لا بد من ان يسبقها نقاش حول جدول اعمالها، مشيرين الى ان مسألة الإعداد لها متروكة للأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري. ويرى هؤلاء الحلفاء ان القيادة السورية تحبذ ان يأتي اللقاء بين البلدين في اطار المجلس الاعلى وتحديداً بمشاركة رئيس الجمهورية اميل لحود. ويوضحون ايضاً ان زيارة السنيورة مشروطة بوقف الحملات الاعلامية والسياسية التي يرعاها معظم قادة قوى 14 آذار، ويضيفون الى الشروط ازالة الخلاف على جدول اعمال المحادثات الذي يجب ان يبحث من خلال التحضيرات حتى لا تأتي الزيارة وكأن السنيورة يريد أن يملي على دمشق مطالب الفريق السياسي الذي ينتمي اليه. وإذ يؤكد الزوار ان الهجوم السياسي الذي شنه رئيس وزراء سورية محمد ناجي عطري على نظيره اللبناني يعود الى حديث صحافي ادلى به قبل ان تعمم القيادة السورية على المسؤولين وقف الحملات ضد القوى اللبنانية المعارضة لها، يرون في المقابل ان لدى هذه القيادة جدول اعمال غير الجدول الذي سيحمله السنيورة معه الى دمشق. وسأل مسؤول سوري كبير، كما نقل عنه الزوار:"لماذا يصر السنيورة ومن يدعمه على ان يبدأ ترسيم الحدود في مزارع شبعا المحتلة، ولا يوافق على اقتراحنا بأن يبدأ من الشمال او البقاع... وهل انه بإصراره لا يبيت نيات ضد النظام السوري لا اظن انها بريئة في ظل الهجمة الدولية التي تستهدفه؟". ويقول المسؤول السوري ان"الاصرار على ان يبدأ الترسيم من مزارع شبعا يخفي ما يخفيه اضافة الى ان احداً لا يلزمنا بإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، في ظل الظروف غير الطبيعية التي تتحكم بها"، مشيراً الى ان حملات التحريض المستمرة ضد النظام السوري كافية لاتخاذ قرار بقطع العلاقات وسحب السفراء لو ان التبادل قائم بين البلدين. كما ينقل الزوار عن المسؤول السوري الكبير قوله ان قوى 14 آذار تتصرف مع سورية على انها ضعيفة وان الهجمة الدولية ستضطرها في نهاية المطاف الى التسليم بجدول الاعمال اللبناني لزيارة السنيورة، لكنها ستكتشف عاجلاً او آجلاً ان رهانها ليس في محله وان النظام السوري نجح في احتواء الضغوط واستيعابها وهو الآن قادر على القيام بهجوم سياسي مضاد. ويؤكد الزوار ايضاً ان عامل الوقت وكما يقول المسؤول السوري الكبير لن يكون حكماً لمصلحة قوى 14 آذار التي لم تعد قادرة على الدفاع عن مواقعها في الساحة المحلية. وبكلام آخر، يعتبر هؤلاء ان الازمة اللبنانية تجاوزت الاطراف الداخليين وقدرتهم على ايجاد حلول لها، بعد ان اخذوا يتصرفون وكأن التدويل سيؤمن لهم الحلول المعلبة من الخارج على طبق من فضة، مشيرين الى ان قدرة الرئيسين الاميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك على التأثير اصبحت محدودة وأنها مع مرور الزمن ستكون رمزية لانشغالهما في انتخاباتهما الداخلية. ولم يخف الزوار، حال الترقب التي يعيشها حالياً النظام السوري في انتظار معرفة ما سيتضمنه تقرير المحقق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي البلجيكي سيرج براميرتز الى مجلس الامن الدولي من معطيات جديدة. ويؤكد هؤلاء ان براميرتز سيرفع تقريره في النصف الثاني من الشهر المقبل من دون ان يستبعدوا امكان قيامه قبل إعداد التقرير في صيغته النهائية بزيارة جديدة لدمشق. ويضيفون ان كبار المسؤولين السوريين يتوقعون اتمام الزيارة في وقت قريب من دون ان يسقطوا من حسابهم مبادرة براميرتز الى انتداب فريق من لجنة التحقيق لهذه المهمة في حال قرر ان يصرف النظر عن زيارته شخصياً، مؤكدين انه سيلتقي مجموعة من الضباط السوريين من اصحاب الرتب المتوسطة ممن لم يسبق له ان قابلهم هو او سلفه القاضي الالماني ديتليف ميليس. لذلك، فإن زيارة السنيورة دمشق موضوعة حالياً في"البراد"والتحضيرات التي يتولاها خوري تبقى في حدودها الاعلامية، خصوصاً انه لم يحمل معه حتى الساعة أي جديد سوى المزيد من"التفاؤل"الذي لا يعكس حقيقة الاجواء السورية من هذه الزيارة. اضافة الى ان الموفد السوداني مصطفى عثمان اسماعيل الذي تحرك اخيراً بين بيروتودمشق حمل معه اقتراحاً الى المسؤولين اللبنانيين بوجود رغبة سورية في ادخال تعديلات على جدول اعمال الزيارة وتكليف وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ او أي مسؤول آخر تنقية الاجواء تحضيراً لها.