تخطو فرنسا على طريق سن قانون هجرة جديد. وهي درجت في"الثلاثينات الرائعة"ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي تلت الحرب العالمية الثانية وانتهت في 1975 على"استيراد"اليد العاملة من غير تمييز أو تحديد. ثم حصرت الدخول إلى أراضيها بذوي القربى. فانتهجت سياسة لمّ شمل الأسرة والعائلة، ومنح اللجوء السياسي إلى طلابه. وعلى خلاف سياسة الهجرة الفرنسية، لا تستقبل الولاياتالمتحدةوكندا وأوستراليا المهاجرين من غير أصحاب الكفاءات. فبعد التحولات في قطاعي الزراعة والصناعة، أصبح أصحاب الأدمغة والخبرة في التكنولوجيا"سواعد"الاقتصاد ورافعاته. وتتنافس الاقتصادات الغربية على جذب هؤلاء. فالرئيس الاميركي يسعى الى كبح الهجرة غير الشرعية، وتحكيم حاجات الاقتصاد الاميركي في قوانين الهجرة. وهذا انعطاف في سياسات الهجرة الاميركية. فإلى وقت قريب، عوّل الاقتصاد الاميركي على هؤلاء المهاجرين. فهم يد عاملة رخيصة، ولا يحظون بضمانات صحية ومساعدات اجتماعية. والى تسعينات القرن المنصرم، حرصت مقاطعة اوتاوا الكندية على استقبال المهاجرين على أنواعهم لزيادة عدد السكان. وكانت قوانين لمّ الشمل الكندية الاكثر مرونة عالمياً. وفي 1995، عُدِّلت هذه القوانين، فأصبح لمّ الشمل يقتصر على الوالدين والابناء، دون غيرهم من الاقارب. وشددت السلطات الكندية معايير اختيار الوافدين، وقدمت أصحاب الكفاءات على غيرهم. واعتمدت نظاماً تقويمياً يحصل طالب الهجرة بموجبه على نقاط تقوّم دراسته وشهاداته وخبراته المهنية، وتؤهله الى حيازة تأشيرة الهجرة. فانخفض عدد الأقارب من الوافدين الجدد، وبلغ عدد أصحاب الكفاءات الاطباء والعاملين في قطاع المعلوماتية 130 ألف مهاجر من نحو 250 ألف مهاجر الى كندا سنوياً. وأسهم اعتماد هذا النظام التقويمي في تنويع مصادر المهاجرين الجغرافية. فتدنت نسبة سكان البحر الكاريبي وأفريقيا في الوافدين الجدد، وارتفعت نسبة القادمين من الصين وباكستان والهند وتايوان وإيران. ولكن في هذا النظام ثغرات. فالمهاجرون يفضلون الهجرة الى بلد يسمح بلمّ شمل العائلة. وفي وسع منتقدي تعديل قانون الهجرة الفرنسي إمطار وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، صاحب المشروع، بملاحظاتهم السلبية على السياسات الاميركية والكندية والاوسترالية، وتهمته بالكلبية القسوة الحسابية وسرقة الأدمغة، وپ"التخلص"من المهاجرين بعد"استعمالهم". والحق أن فرنسا تأخرت عن اللحاق بركب أميركا وكندا. وهي تسعى، اليوم، الى منافسة الاقتصادات العالمية على جذب الكفاءات. عن جان مارك غونان،"لوفيغارو"الفرنسية. 2/5/2006.