سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زوليك الى العاصمة السودانية مع انتهاء مهلة المفاوضات في أبوجا ... وانقسام فصائل التمرد يعقد توقيع اتفاق سلام . متمردو دارفور يقرون بأن الخرطوم قدمت تنازلات تلبي بعض مطالبهم
طرحت الإدارة الأميركية مبادرة لحل قضية دارفور عبر ملف الترتيبات الأمنية ووحدت جهودها مع بريطانيا لإيجاد مخرج لتوقيع اتفاق سلام مع انتهاء مهلة المفاوضات في أبوجا منتصف ليل الخميس - الجمعة. وبقي الغموض يلف الموقف حتى ساعات المساء الأولى، إذ لم يُعرف هل سيتم توقيع اتفاق أم لا، على رغم إقرار مصادر المتمردين بأن الحكومة قدّمت بعض التنازلات التي تلبي مطالبهم. وكثّف نائب وزيرة الخارجية الأميركية روبرت زوليك ووزير التعاون الدولي البريطاني هيلاري بن من لقاءاتهما مع أطراف النزاع في أبوجا. وأفيد ان الاقتراحات الجديدة تدعو الى إجراء تعديل على مسودة مشروع السلام الذي قدمه الاتحاد الافريقي، وتحديداً في شأن مطالبة الحكومة بنزع سلاح"الجنجاويد"قبل ان يلقي المتمردون سلاحهم. كما يتضمن الاقتراح خطة مفصلة لدمج أعداد محددة من مقاتلي المتمردين في قوات الأمن السودانية ومنح صلاحيات موسعة لمنصب مساعد الرئيس الذي سيُمنح الى المتمردين والنص على ذلك في الدستور الانتقالي. وأكد الناطق باسم الوفد الحكومي أمين حسن عمر أن زوليك طرح خلال لقائه مع الوفد الحكومي مبادرة لمعالجة ملف الترتيبات الأمنية، مبيناً ان الوفد الحكومي سيدرسها ويقوّمها ويقدم ردوداً حولها في أقرب وقت ممكن. وعلم أن زوليك طرح على الحكومة دمج أربعة آلاف جندي من الحركات المسلحة في القوات النظامية، ونزع سلاح ميليشيا"الجنجاويد". ويقدر الأميركيون قوات المتمردين بأربعة آلاف مقاتل، في حين قدرتها الحركات المتمردة بتسعة آلاف مقاتل. وبات من المؤكد تثبيت منصب مساعد رئيس الجمهورية مع تحديد صلاحياته وتضمينه في الدستور وإقرار التعويضات مع انشاء صندوق لهذا الغرض بأربعة بلايين دولار. وتعهد زوليك للحكومة بأنها إن قبلت اقتراحاته فإن الحركات المتمردة ستوقع اتفاق سلام، مؤكداً أن الترتيبات الأمنية تعتبر مرتكزاً لحل الأزمة. وعقد زوليك اجتماعاً ثالثاً أمس مع وفد الحكومة، وتوقع مصدر حكومي رفيع وصول نائب وزيرة الخارجية الاميركية الى الخرطوم في وقت متقدم ليل أمس لإجراء محادثات مع الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفاكير ميارديت وعلي عثمان محمد طه. وفي السياق ذاته، وصل الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي ورئيس المفوضية الافريقية الفا عمر كوناري الى أبوجا لدعم جهود الوسطاء. وشارك المسؤولان في المفاوضات لتسريع سلام دارفور، كما شاركا أمس في أبوجا في قمة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا. من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الاتحاد الافريقي نور الدين المازني ان المشاورات التي تجريها الولاياتالمتحدةوبريطانيا وكندا والاتحاد الاوروبي وليبيا واريتريا تهدف أساساً الى دفع جهود الاتحاد الافريقي من أجل التوصل الى سلام قبيل انتهاء المهلة الجديدة التي كان من المقرر ان تنتهي منتصف ليل أمس. ونقلت وكالة"رويترز"من أبوجا عن ديبلوماسي غربي وثيق الصلة بالمحادثات طلب عدم ذكر اسمه:"هناك منظومة مدهشة من الضغوط الدولية وهناك مجموعة كاملة من عقوبات الأممالمتحدة يمكن استخدامها ضد أي شخص يعرقل الاتفاق، لذا فكل شخص يعرف ان هناك عواقب لعدم التوقيع". وأضاف"لكن هناك الكثير من الانقسام الداخلي في صفوف حركة التمرد وهم ليسوا منظمين في شكل يساعدهم على اتخاذ قرارات. والمسألة يمكن ان تسير في أي من الاتجاهين"التوقيع أو عدمه. وحمل المتمردون السلاح في أوائل عام 2003 في منطقة دارفور التي تقطنها اعراق مختلفة بسبب ما يعتبرونه إهمالاً من جانب الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب. واتهمت الخرطوم باستخدام ميليشيات تعرف محلياً باسم"الجنجاويد"تتألف من افراد قبائل عربية لسحق التمرد. غير ان الخرطوم تنفي اي صلة لها ب"الجنجاويد". وأودى الصراع بحياة عشرات الالوف ودفعت حملة من اعمال الحرق والسلب والنهب والاغتصاب أكثر من مليونين الى النزوح عن ديارهم الى مخيمات في دارفور وفي تشاد المجاورة. وقال عضو في الوفد الأميركي ان الساعات التي تسبق الموعد النهائي لا يمكن التنبؤ بما ستسفر عنه. وقال:"ستجرى سلسلة من المحادثات وسنرى بمرور الوقت الى أين تسير الأمور". ولم تخرج تفاصيل في شأن ما الذي وافقت الحكومة السودانية على تقديمه. وجوهر الاقتراح الأميركي هو ان تقبل الخرطوم خطة تفصيلية لدمج المقاتلين من المتمردين في صفوف القوات المسلحة السودانية وهو مطلب رئيسي للمتمردين. وينقسم المتمردون الى حركتين وثلاثة فصائل لها تاريخ من الخلافات والصراعات الداخلية مما يصعب عليهم الاتفاق على أي قرار كبير. وحتى الآن أصروا على عدم رضاهم عن العديد من جوانب مسودة الاتفاق. وعلى سبيل المثال هم يريدون منصب نائب الرئيس السوداني وحكومة اقليمية جديدة وقدراً أكبر من التمثيل في المؤسسات الوطنية والمحلية وتعويضات لضحايا الحروب. ويقول وسطاء انهم كانوا يفتقرون للمرونة في شأن هذه النقاط. وامتدت محادثات السلام عامين في العاصمة النيجيرية فيما تصاعدت اعمال العنف في دارفور الى الحد الذي لا يكمن عنده لموظفي الاغاثة الوصول الى عشرات الاف النازحين. ويقول موظفو معونة ان التوصل الى اتفاق سلام في دارفور مهم قبل موسم الامطار الذي يبدأ في حزيران يونيو حيث يمكن ان تتعرقل عملية زرع محاصيل الغذاء الضرورية اذا استمر انعدام الأمن في منع النازحين من العودة الى حقولهم. وقالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في السودان انطونيا باراديلا ل"رويترز"هاتفياً"ترد الينا تقارير عن المزيد من القرى المحروقة. ولهذا السبب فإن السلام مهم جداً حتى يستطيع الناس ان يجمعوا شتاتهم ويعودون الى قراهم ويستطيعون زراعة حقولهم". وما يزيد من تفاقم الموقف في دارفور هو نشوء أزمة في تشاد التي يستخدمها المتمردون قاعدة خلفية وحيث يخوض الرئيس التشادي ادريس ديبي معركة ضد مسلحين يتهمهم بأنهم واجهة للسودان. وقال ديبلوماسي غربي ان ديبلوماسيين استدعوا اعضاء جماعات من متمري دارفور مقرهم تشاد أمس الخميس في محاولة لمنعهم من تقويض اتفاق محتمل في أبوجا.