وصلت إلى بيروت الفنانة الفلسطينية - الأميركية إميلي جاسر، الحائزة جائزة «بيينالي» البندقية والمعروفة بأعمالها التركيبية والبصرية والأرشيفية والتي تتناول غالبيتها مواضيع الهوية والذاكرة الجماعية الفلسطينية، لتدير برنامج «أشغال داخلية» الذي بدأ أخيراً ويستمر 11 شهراً. وتشرح مديرة ومؤسِّسة مركز «أشكال ألوان»، كريستين طعمة، أن أهمية البرنامج تكمن في أنه يدعم دراسات مستقلة وغير أكاديمية، لكل راغب في ذلك من العالم العربي، سواء كان فناناً في الأصل أو لم يكن. المهم أن يتقدم بتصوّر عام مقنع ومتماسك لمشروع فنّي ينوي تنفيذه، وأن يكون هذا المشروع على تماس مع بيروت حيث يتاح للطالب-الفنان أن يقيم 11 شهراً، إضافة إلى ضرورة أن تنسجم فكرة البحث مع هوية مؤسسة «أشكال ألوان» وأهدافها. ويتضمن البرنامج ورشات عمل ومحاضرات نظرية وأعمالاً تطبيقية، إضافة الى المشاركة في كل ما يستضيفه مركز «أشكال ألوان»، وبيروت، من أعمال فنية، مسرحية، راقصة، تشكيلية، سينمائية... ويشرف على الطلاب - الباحثين أساتذة - فنانون مشهورون عالمياً وعربياً، يتبدّلون كل سنة. ومن هؤلاء اليابانية هيتوش شيسيار، جيم فيشير، رامي ضاهر، لينا صانع، حسن خان، الإيراني كامران راستاغار، أكرم زعتري، طوني شكر، وغيرهم. أما الطلاب فيُختار منهم 10 إلى 15 شخصاً، وفق معايير حدّدتها اللجنة المشرفة المؤلفة من الفنانين وليد رعد وخليل رباح وغريغوري شوليت وأكرم زعتري وجوانا حاجي توما ولينا صانع. واختارت اللجنة هذا العام، من بين 200 مرشّح، 14 طالباً-فناناً فقط، من لبنان وفلسطين والأردن والكويت وإيطاليا وفرنسا. وسيكون مركز «أشكال ألوان» بمثابة محترف خاص للمختارين، مفتوح لأي عمل يريدون تنفيذه وعرضه. وبعد 11 شهراً، لن يتسلّم الطلاب شهادات، بل سيصدر «كاتالوغ» يتضمن سيرة كل طالب وأعماله. وإضافة الى «أشغال داخلية»، سيكون المركز ساحة للتجارب والبرامج الثقافية المختلفة التي تصب في الهدف الأول للمركز، وهو إنتاج الأعمال، بدل الاكتفاء بعرضها. ومن هذه المشاريع، مكتبة عامة مجانية تتضمن عدداً كبيراً من الكتب والأفلام والأسطوانات الموسيقية. لكن لهذه المكتبة خصوصية، إذ تحتضن أيضاً برنامج «لائحة كتبك المفضّلة». وهو عبارة عن أرشيف لمشاريع شخصية، فيقترح أي باحث أو كاتب أو فنان أو مهندس لائحة كتب قرأها سابقاً، أو أنه يقرأها حالياً لبحث خاص. فتُوضع هذه الكتب في المكتبة التي لا يحق للقارئ إخراج محتوياتها من المركز، ويتولى الباحث الذي قرأها إلقاء محاضرة أو إدارة ندوة حول «قائمته المفضلة» شارحاً أسباب اهتمامه به، كما يقدّم ورقة خاصة حول الموضوع نفسه تُحفظ باسمه في المكتبة ويطّلع عليها الزوار. وتؤكد طعمة أن المركز مفتوح لأي فنان عربي ناشئ، حتى لو من خارج برنامج «أشغال داخلية». لكن «أشكال ألوان» سيفتح أبوابه أيضاً للمؤسسات الثقافية العريقة، والكتّاب المعروفين والفنانين، ليقدّموا أعمالهم وعروضهم وورشاتهم ومؤتمراتهم الصحافية، وذلك طبعاً مقابل مبلغ بسيط كإيجار للمكان. لكن، تقول طعمة، «إذا كانت هذه المؤسسات ناشئة، ولا تتلقى دعماً مادياً من أحد، وتشاركنا أفكارنا وأهدافنا التنموية، يمكننا استضافتها مجاناً». خلال البحث عن ممولين للمركز، عُرضت على «أشكال ألوان» مبالغ هائلة من حكومات وسفارات ومؤسسات حكومية، لكن طعمة رفضت هذا الدعم «لأن هذه الجهات تريد فرض أجنداتها». لذا لجأت لتمويل المركز الى مؤسسات مثل «هاينريش بول»، «فورد فاونديشين»، «آندي وارهول»، «آفاق»، «ياطف»، «فاونديشين فور آرت إنيشياتيف» (مؤسسة المبادرات الفنية)، مؤسسة العصيمي، إضافة الى مؤسسة «سي أي إس» اللبنانية للبرمجيات التي قدّمت أجهزة الكومبيوتر. لكن هناك مؤسسات ثقافية بدأت مع تأسيس «أشكال ألوان» ثم أقفلت أبوابها بسبب مشاكل في استمرارية التمويل. فهل أخذت طعمة ذلك في الاعتبار؟ «طبعاً، ومنذ اللحظة الأولى، نعمل على خطة طويلة الأمد. عندما يثق الناس بعملنا، يمكننا أن نتعاون مع رؤوس الأموال المهتمة بالقطاع الثقافي». ولا تستبعد التعاون مع مؤسسات عالمية مانحة أيضاً «شرط ألا تفرض علينا مشاريعها وأفكارها»، إضافة إلى خطة لاستقطاب المؤسسات الثقافية والأكاديمية والجمعيات التي يمكن أن تستفيد من مساحة المركز وخدماته مقابل مبلغ مالي. - «أشكال ألوان»... مختبر ثقافي في ضواحي بيروت