تستعد بلدة بريبور التشيخية لتكريم سيغموند فرويد مؤسس التحليل النفسي بعد عقود من النسيان، من خلال افتتاح متحف في المنزل الذي ولد فيه هذا العالم لمناسبة عيد ميلاده الخمسين بعد المئة الذي يصادف السادس من أيار مايو المقبل. ويقول ميلان ستراكوس رئيس بلدية هذه المدينة الصغيرة التي كانت تدعى فريبرغ في الماضي عندما كانت تابعة لامبراطورية النمسا والمجر"بريبور لم تنس انها مسقط رأس فرويد، لكنها لزمن طويل لم تعطه المكانة التي يستحق". وعلى مدى سنوات، كانت لوحة تذكارية بسيطة تشير الى وجود منزل طفولة فرويد. وانتظرت السلطات المحلية حتى العام 1969، اي بعد ثلاثة عقود على وفاته، لترفع له تمثالاً، وعشرين عاماً بعد ذلك لاطلاق اسمه على الساحة الرئيسة. ويقول رئيس البلدية ان"فرويد أصبح في عام 1994 مواطن شرف، بعد 55 عاماً على وفاته. ولم يأت اي فرد من عائلته الى بريبور، خشية زعزعة الوضع عندنا وبسبب نظرة التشيخيين الى اليهود على حد قولهم". وخلال الاحتلال النازي، حُظرت نظريات فرويد في اطار السياسة المعادية لليهود. بعد ذلك اصبحت تشيخيا بلداً خاضعاً للاتحاد السوفياتي في ظل النظام الشيوعي الذي لم يشجع بتاتاً انتشار افكاره لاعتبارها تنم عن ذهنية"البورجوازية الصغيرة". لذلك ظلت افكار فرويد غير معروفة في تشيخيا، وقلة من التشيخيين يعتبرونه ابن بلدهم. ويقول الطبيب ميشال سيبيك من الجمعية التشيخية للتحليل النفسي ان"العديد من الاطباء التشيخيين يقرون بانه نابغة لكنهم لا يبدون حماسة لنظرياته. فالأطباء الذين يتبعون مدرسة"الطب القائم على الوقائع المثبتة"يعتبرون انه يفتقر الى العلمية". ويقول هذا الاختصاصي الذي سيقدم محاضرة حول اعمال فرويد نهاية ايار في بريبور في اطار الاحتفال بذكرى ميلاده ان"هذه المدرسة الطبية متشددة جداً في ما يتعلق بعلم الاحياء والعلوم الطبيعية بصورة عامة. وعلى مستوى التحليل النفسي، يصعب كثيراً الحديث عن وقائع مثبتة". وفي بريبور، قضى مؤلف كتاب"تفسير الاحلام"الشهير السنوات الاولى من حياته. وسرعان ما اضطر والده الذي يعمل في صناعة النسيج الى الانتقال مع عائلته الى فيينا بسبب مشكلات مالية. وبعدما ضم النازيون النمسا في العام 1938 بينما كانت تحرق كتبه في برلين، انتقل فرويد الى منفاه في لندن. وقال فرويد في الخامسة والسبعين من عمره:"لا تزال بعض الذكريات القليلة ماثلة في ذهني لكن ما اتذكره جيداً هو هذا الطفل السعيد في بريبور الابن الأول لام شابة تنشق هواء تلك البلدة وترابها". وكان المنزل الذي شغلت عائلة فرويد منه غرفة متواضعة مساحتها 3.5 امتار، قد ادرجت اخيراً ضمن قائمة تراث البلدة. وتأمل بلدة بريبور بان تعطي هذه الاحتفالات التي ستقام تحت رعاية الرئيس التشيخي فاكلاف كلاوس، دفعاً للحركة السياحية في هذه المنطقة الصناعية التي لا تشهد حركة زوار كبيرة.