دعا "المؤتمر التأسيسي العراقي" في اجتماعه الثالث أمس، لمناسبة مرور ثلاث سنوات على احتلال العراق، الى"تشكيل مرجعية سياسية وطنية موحدة للعراقيين بمختلف طوائفهم وأديانهم"، و"مواجهة مخطط الفتنة والتقسيم الطائفي"، و"اعادة صوغ الدستور وفق أسس وطنية سليمة"، ورفض مبدأ"الفيديرالية العرقية والطائفية". كما طالب بجدولة انسحاب القوات الأميركية من البلاد وفق"ضوابط وأسس صحيحة وأبعاد زمنية مناسبة"، وباعادة تشكيل حكومة انتقالية تعنى بتقديم الخدمات العامة للمواطنين، وتحضر لانتخابات جديدة تحت إشراف دولي واسلامي وعربي. ودان الارهاب في جميع أشكاله سواء كان صادراً عن القوات الأميركية أو الجماعات المسلحة، مؤكداً حق المقاومة المشروعة التي تستهدف المحتل، محملاً القوات الاميركية المسؤولية القانونية عن تزايد أعمال العنف والتفجيرات واستهداف المراقد المقدسة. وانتقد المؤتمر الذي اقيم تحت شعار"من اجل عراق مستقل موحد"وحضره أكثر من 35 حزباً وتياراً سياسياً من القوى الرافضة للاحتلال بينهم"التيار الخالصي"و"هيئة علماء المسلمين"و"حركة التيار العربي الوطني"و"حزب التحرير الاسلامي"و"الجبهة الوطنية لتحرير العراق"، وممثلون عن"جبهة التوافق"و"مجلس الحوار الوطني"سنة، تأخر تشكيل الحكومة وتدخل السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد في الحوارات الدائرة حول الموضوع. وانتهى المؤتمر بالمطالبة باعادة صوغ الدستور ومجابهة الارهاب وادانته في جميع اشكاله والمطالبة بالانسحاب الفوري للقوات الأميركية من العراق وتشكيل حكومة انتقالية تؤسس لانتخابات جديدة واقرار حق الشعب العراقي في المقاومة الشريفة. كما دعا المؤتمرون جميع العراقيين من الطلاب والعاملين في المؤسسات الرسمية، إلى الانتظام في الدوام الرسمي اليوم واسقاط قرار الحكومة باعتبار اليوم الاحد عيداً وطنياً لتحرير العراق من سطوة نظام صدام. الى ذلك، قال الشيخ جواد الخالصي إن مشاريع الاحتلال"المتمثلة بالعملية السياسية"،"استكملت مراحلها واستنفدت أغراضها"، مضيفاً أن هذه العملية فشلت في تشكيل حكومة وطنية تخدم البلاد، بل أدخلتها في"أزمة حكم"بعد الانتخابات يحاول بعض السياسيين تجاهلها. وأكد أن العراقيين وبعد ثلاث سنوات من مسيرة الاحتلال، لم يلمسوا تغييراً ملحوظاً في وضعهم المعاشي، مشيراً الى أن البلاد تكاد تغرق في"بحر من الدماء"بسبب استفحال المشكلات الأمنية. وأكد أن الصراع الذي تشهده البلاد ليس صراعاً مذهبياً بين السنة والشيعة أو بين المسلمين وبقية الاديان كما ليس صراعاً عرقياً بين عرب العراق وكرده وتركمانه، انما هو صراع طبيعي ومعروف تاريخياً بين قوى تسير مع مخططات الاحتلال وأخرى ترفضها. واعتبر أن الخروج من المأزق الكبير الذي وقع فيه العراق يبدأ بالافساح في المجال أمام المنظمة الدولية، لتلعب دوراً مميزاً في هذه المرحلة. وتابع أن المشروع الأميركي يستخدم اللعبة الطائفية في العراق كما يستخدمها في لبنان، لافتاً الى أن الايادي التي تثير الفتنة في البلاد باتت معروفة بعدما اتضحت معالمها الحقيقية. وزاد أن عمليات التفجير التي تطاول المساجد والمراقد المقدسة والقتل الطائفي، تقف وراءها جهات لا تريد الاستقرار للعراق والعراقيين. واتهم عناصر تعمل"بتوجيه قوات الاحتلال"بشن عمليات القتل الطائفي، قائلاً إن"هناك جماعات مسلحة تستقل سيارات غير حكومية تعدم عشرات المواطنين وترمي جثثهم في أماكن متفرقة من البلاد". وأوضح أن هذه الجماعات ترمي جثث مواطنين شيعة في مناطق سنية وجثث مواطنين سنة في مناطق شيعية لتغذية الاحتقان"، داعياً الى تشكيل مرجعية سياسية وطنية موحدة لجميع العراقيين. وأكد الناطق الرسمي باسم"هيئة علماء المسلمين"الشيخ عبد السلام الكبيسي وعضو الامانة العامة ل"المؤتمر التأسيسي"أن"الخطيئة الأولى في الجسد العراقي تأسست على يد مجلس الحكم الذي ابتدع نظام المحاصصة الطائفية". وقال إن العراق"بدأ يتدحرج منذ ذلك التاريخ نحو الأسوأ، بمساعدة تصريحات بعض القادة والسياسيين الذين أوجدت سياساتهم محاور محددة داخل المجتمع العراقي وغذتها بغية الوصول الى مرحلة الاقتتال الطائفي". وانتقد الممارسات الطائفية في حكومة الجعفري التي حولت"شريعة الدولة الى ارهاب الدولة". وقال إن السبب في ذلك"يعود الى اننا رضينا بأن يكون الاحتلال وأزلامه مرجعيتنا السياسية"، مشيراً الى أن"مشكلة العراق ليست مشكلة دين أو مذهب، انما الموقف من الاحتلال". وتابع أن المعارضين للاحتلال اتبعوا نهجين من المقاومة: سياسي ومسلح، محذراً من جهات"تحاول صرف المقاومة المسلحة عن هدفها الرئيس وشد انتباهها الى أمور أخرى تتمثل في مسجدها وحسينيتها ومذهبها وعرضها". وأكد أن حياة الاحتلال قصيرة وأنه راحل، ويجب أن لا يتعلق السياسيون بدباباته وطائراته كما فعل اقرانهم في فيتنام. من جهته، اتهم الامين العام ل"التيار القومي العربي"صبحي عبد الحميد القوات الأميركية بزرع بذور الفتنة الطائفية في البلاد، قائلاً إن أعوان الاحتلال يشجعون الفتنة ويغذون الاقتتال الطائفي في البلاد. أما زعيم طائفة الصابئة المندائية في العراق ستار جبار حلو فشدد على ضرورة ابتعاد القادة السياسيين عن كل ما هو ضيق وفئوي وترك النوازع الشخصية والطائفية والانطلاق باتجاه المبدأ السامي المتمثل بالحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً، مؤكداً أن طائفة الصابئة المندائيين تؤيد تعزيز وحدة المسلمين في العراق بشيعتهم وسنتهم وكردهم وعربهم. وقال ان"الجميع يبحرون في باخرة واحدة في بحر متلاطم الأمواج، وعليهم أن يتصرفوا في حكمة كي لا تغرق السفينة".