تتجه انظار المراقبين الى قوى 14 آذار لمعرفة كيف ستتصرف في الجلسة المقبلة لمؤتمر الحوار الوطني اللبناني في 28 الجاري في ضوء ما بات مؤكداً من أن المؤتمرين لن يحققوا أي تقدم في ملف رئاسة الجمهورية البند الاساسي على جدول اعمال المؤتمر وأن رئيس الجمهورية اميل لحود باق في سدة الرئاسة الاولى الى حين انتهاء ولايته الممددة الا في حال حصول اختراق غير متوقع يسمح بالتوافق على مخرج دستوري - سياسي لانتخاب رئيس جديد للبنان؟ للوهلة الاولى وفي محاولة الاجابة عن السؤال، هناك من سيحاول توظيف إخفاق قوى 14 آذار في إطاحة لحود كانتصار له، حتى ولو بالمعنى السلبي. كما ان هذا الاخفاق سيعزز موقع رئيس"تكتل التغيير والاصلاح"العماد ميشال عون الذي سيصنف في خانة الفائزين على قوى 14 آذار المتمسكة برئيس جديد ينتمي اليها. وبصرف النظر عن الطريقة التي سيتعاطى بها الفريق المناوئ لقوى 14 آذار في الجلسة الحوارية، فإن الرأي العام الداعم لهذه القوى سيشعر بالاحباط، لكنه لن يوقف حملته السياسية المطالبة باستقالة لحود على رغم ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيعلن في نهاية الجلسة وبصورة رسمية أن المؤتمرين اخفقوا في التوافق على آلية لانتخاب رئيس جديد. لكن قوى 14 آذار وبحسب مصادرها تعتبر ان الاخفاق في اطاحة لحود لا يشكل تراجعاً سياسياً لها لمصلحة تقدم الفريق الآخر في الحوار والمقصود به"حزب الله"وحركة"أمل"و"التيار الوطني الحر"وذلك انطلاقاً من قناعتها بأن بقاء لحود لا يشكل انتصاراً لفريق على الآخر طالما ان ازمة الرئاسة مستمرة من دون حل، خصوصاً أن جميع المؤتمرين كانوا أقروا في الجلسات السابقة بأن تعريفهم لأزمة الحكم يعني ان حلها لن يكون الا باستقالة رئيس الجمهورية. وسألت هذه المصادر:"أي انتصار سيدعيه الفريق الآخر لنفسه ما دامت الازمة الرئاسية على حالها، لا سيما ان تداعياتها تتجاوز الوضع السياسي الى ايجاد حلول للأزمة المالية - الاقتصادية - الاجتماعية في ضوء التحضير لمؤتمر بيروت - 1 للدول المانحة لمساعدة لبنان على التغلب على مشكلاته والذي كان على رأس اهتمامات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في محادثاته في واشنطن ونيويورك؟". ولفتت المصادر ذاتها الى ان لا مشكلة، وأمام التعثر في الملف الرئاسي، في الانتقال الى مناقشة البند الأخير المدرج على طاولة الحوار ويتعلق بالاستراتيجية الدفاعية للبنان ومن خلالها سلاح"حزب الله"لمواجهة التهديدات والاطماع الاسرائيلية، مشيرة الى ان لديها وجهة نظر ستدلي بها في مقابل تأكيد اوساط مقربة من بري ل"الحياة"انه على وشك الاتفاق مع الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله على نص في هذا الخصوص من شأنه ألا يلقى اعتراضاً من الآخرين. لكن قوى 14 آذار - كما تقول هذه المصادر - ستصر على تمسكها بالبنود التي كان اجمع عليها المؤتمرون في الجلسات السابقة مطالبة بتنفيذها خصوصاً في ما يتعلق بجمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومعالجته في داخلها وتلبية الحقوق المدنية للفلسطينيين وإقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسورية ودعم جهود الحكومة في اتصالاتها لتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة وتحديدها وفق الاجراءات والاصول المعتمدة والمقبولة لدى الأممالمتحدة. واذ تتفق هذه القوى مع ما تنقله أوساط بري عنه، من ان عدم التوصل الى حل لأزمة رئاسة الجمهورية لا يعني نهاية المطاف ولا يوفر الذرائع لتعليق جلسات الحوار، تؤكد في المقابل أن تمسكها باستعراض المشاورات الجارية حول تطبيق البنود التي اجمع عليها المؤتمرون، يستدعي تقويم ما آلت اليه زيارة السنيورة لواشنطن ونيويورك تحديداً بالنسبة الى تثبيت لبنانية مزارع شبعا وصولاً الى التفاهم على الاجراءات المعتمدة دولياً للتشديد على هويتها اللبنانية. وأكدت المصادر أن قوى 14 آذار، وإن كانت خسرت موقتاً المعركة ضد لحود، فإنها تعتقد أن ما تحقق من خلال اجماع المؤتمرين يشكل كسباً لها وبالتالي لا بد من ملاحقة تطبيقه، خصوصاً بالنسبة الى اقامة علاقات ديبلوماسية بين سورية ولبنان وتحديد المزارع في ضوء اصرار دمشق على موقفها الرافض لأي شكل من اشكال ترسيم الحدود في هذه المنطقة بذريعة استحالة ذلك في ظل بقاء الاحتلال الاسرائيلي على رغم امكان اتباع التحديد على اساس توقيع سورية على الخريطة الخاصة بالمزارع اعترافاً منها بلبنانيتها. وأكدت المصادر ان اصرار قوى 14 آذار على موقفها سيؤدي الى احراج سورية عربياً ودولياً تحت عنوان رفضها مبدأ اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين والاستجابة لرغبة الاممالمتحدة بالنسبة الى الاجراءات المعتمدة لتثبيت لبنانية المزارع. وذكرت بأن الرئيس بري ونصرالله كانا التزما أمام المؤتمرين بتقديم المساعدة من أجل تطبيق ما اتفق عليه، اضافة الى التزامهما بمسألة جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومعالجته في داخلها في ضوء ورقة العمل التي قدمها الامين العام ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"احمد جبريل الى رئيس"تيار المستقبل"سعد الحريري معتبراً اياها أساساً للبحث في تنفيذ قرار مجلس الوزراء. وأشارت المصادر الى ان ورقة جبريل لن توفر الحل لقضية السلاح خارج المخيمات وعزت السبب الى ان جبريل يشترط استجابة الكل ما هو وارد في الورقة مدخلاً لخلق المناخ السياسي المؤاتي للبحث في هذا السلاح. ناهيك بأن ورقة جبريل، كما تقول المصادر، تحتاج الى سنوات طويلة لتحقيق ما نصت عليه من مطالب نظراً الى انها تختزل في داخلها مأساة الشعب الفلسطيني في لبنان منذ ان هجّرته اسرائيل من ارضه عام 1948. ولم تستبعد المصادر ان يبادر الحريري الى طرح ورقة جبريل على طاولة الحوار، بعد ان تسلمها من قيادة"حزب الله"التي كانت تسلمتها من جبريل، مشيرة الى ان زعيم"القيادة العامة"ابدى انفتاحاً بالشكل عندما زار بيروت بتشجيع من دمشق من دون ان يسلم بجمع السلاح الفلسطيني. وقالت ان المشكلة حول السلاح تتجاوز جبريل الى النظام السوري الذي كان رفض انطلاقاً من اعلامه الرسمي فصل السلاح الفلسطيني عن سلاح"حزب الله"وغمز من قناة الذين وافقوا على إدراجه الى جانب ترسيم الحدود على طاولة الحوار. وأوضحت مصادر 14 آذار انها ستضغط في اتجاه اتخاذ موقف من التلكؤ السوري في الاستجابة لما أجمع عليه المؤتمرون في الحوار، خصوصاً ان تردد عون في التناغم معها على هذا الصعيد سيشكل احراجاً له في الشارع المسيحي المؤيد لجمع السلاح وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين. وفي المحصلة تقر قوى 14 آذار بأنها خسرت المعركة، حتى الآن، ضد لحود، لكنها تعتقد بأنها ربحت سياسياً المعركة المتعلقة بتحديد الحدود وجمع السلاح وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، وبالتالي لن تتوانى عن مواصلة الضغط السياسي لإلزام النظام السوري بالسير قدماً بغية الاسراع في تطبيق الشق المعني به في مؤتمر الحوار.