قضبان حديد على ماكينات الصراف الآلي وخطوط هاتفية مباشرة للطوارئ وحراس مدججون بالسلاح. هذه مجرد بضعة اجراءات اتخذتها البنوك العاملة في المناطق الفلسطينية مع تصاعد الغضب بسبب عدم حصول الموظفين الحكوميين الفلسطينيين على رواتبهم. وعززت بنوك كثيرة اجراءاتها الامنية تحسباً لحدوث اضطرابات بعد ان تأخر سداد رواتب 165000 موظف حكومي لمدة شهر. وتستحق الرواتب عن شهر نيسان ابريل الجاري اوائل الاسبوع المقبل لكن مسؤولي الحكومة التي تقودها حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية حماس قالوا ان خزانتهم خاوية. وقال مسؤول كبير في بنك فلسطيني طلب عدم نشر اسمه:"يساورنا القلق لأن الناس الجوعى يمكن أن يفعلوا أي شيء. الجوع يولد الكفر". وعبر مسؤولون مصرفيون عن خوفهم من أن يلقي الناس باللائمة على البنوك لرفضها التعامل في الاموال التي وعدت بها الحكومة الفلسطينية أو منحتها لها دول اسلامية. وقال مسؤولون فلسطينيون وديبلوماسيون غربيون ان البنوك ترفض حتى الآن تحويل الاموال للسلطة الفلسطينية تحت وطأة تهديد بفرض عقوبات أميركية عليها. وتعتبر الولاياتالمتحدة حركة"حماس"التي تولت رئاسة الحكومة في 29 مارس اذار كياناً ارهابياً. وينص ميثاق الحركة على القضاء على اسرائيل ورفضت المطالب الدولية بالاعتراف بالدولة اليهودية والتخلي عن السلاح وقبول اتفاقات السلام الموقتة الموقعة مع اسرائيل. وجمدت اسرائيل التحويل الشهري لعائدات الضرائب فيما قطعت دول غربية كثيرة المساعدات عن الحكومة الجديدة. ومن بين الاجراءات الوقائية التي اتخذتها بعض البنوك احاطة ماكينات الصراف الآلي بقضبان حديد بعد الساعة الرابعة مساء لمنع الوصول اليها. وصرح مسؤولون مصرفيون طلبوا عدم نشر اسمائهم بأن الشرطة الفلسطينية وزعت على بعض البنوك أرقاما مباشرة للاتصال بها في حالات الطوارئ. وزاد بعض البنوك عدد الحراس فيما نشرت السلطة الفلسطينية قوات شرطة اضافية. واضطرت الازمة المالية بعض الموظفين الحكوميين خصوصاً صغار الموظفين الى الاقتراض من أقاربهم وأصدقائهم. واقترض البعض من البنوك قبل أن تعلق بعض المؤسسات العمل بنظام الائتمان. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الاقتصاد قد ينهار في غضون أشهر مما سيؤدي الى انتشار واسع النطاق للعنف. وتعيل الرواتب الحكومية بشكل غير مباشر واحدا من كل أربعة فلسطينيين. وقال مسؤول أمني بارز:"اتخذنا اجراءات احترازية ونشرنا قوات شرطة اضافية بعضها في ملابس مدنية قرب البنوك تحسباً لتصرف بعض المجانين بحماقة". وكثير من موظفي الحكومة مدينون بالفعل بقروض وقروض عقارية للبنوك لكنهم لم يسددوا أي أقساط منذ تأخر صرف رواتبهم. وقدر المصرفيون قروض الموظفين الحكوميين بما يصل الى عشرة في المئة من مجمل التسهيلات الائتمانية العامة والتي تبلغ 1.8 بليون دولار. وهناك 22 بنكا محليا واقليميا في الاراضي الفلسطينية. وتنافست هذه البنوك ذات يوم منافسة شرسة من خلال الاعلان في الصحف لاستقطاب العملاء. والآن تشعر البنوك بالقلق على مصالحها. وقال مسؤول مصرفي آخر:"نستطيع أن ننتظر ثلاثة أشهر أخرى ولكن بعد ذلك لن نستطيع تحصيل ديوننا الهائلة وفي هذه الحالة سيتعرض النظام المصرفي بكامله لضربة قاصمة". والرواتب الشهرية لموظفي الحكومة وقيمتها 118 مليون دولار عامل أساسي لتدوير عجلة الاقتصاد. وبدأ النشاط الاقتصادي في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة في التراجع نتيجة تأخر صرف الرواتب. وناشد وزير المالية الفلسطيني عمر عبد الرازق اول من امس البنوك التعامل في أموال الحكومة وقال ان الحكومة متفهمة للحساسيات لكنها تتوقع أن تتحمل البنوك مسؤولياتها وتجازف قليلا.