شهد الصراع على رئاسة حزب"الوفد"المصري، أمس، تطورات درامية. إذ قُتل شخص وأصيب خمسة وعشرون آخرون إثر اقتحام رئيس الحزب المخلوع الدكتور نعمان جمعة مقر"الوفد"على رأس عشرات من أنصاره، بينهم مسلحون. وقالت مصادر حزبية ان جمعة تمكن من السيطرة على مقر الحزب في حي الدقي القاهري، بمساعدة حوالي مئة من أنصاره، بعدما طردوا أنصار منافسه ونائبه محمود أباظة الذين كانوا منعوا جمعة من دخول المقر قبل شهرين، إثر قرار الهيئة العليا للحزب عزله. وتوفي عامل في الحزب يدعى ممدوح بدوي متأثراً بجروحه، فيما أصيب 25 آخرون بإصابات متفاوتة الخطورة، بينهم 15 بطلق ناري. وأفيد ان أنصار جمعة هددوا صحافيي جريدة"الوفد"والعاملين في مقر الحزب، بالأسلحة النارية وأجبروهم على مغادرة المقر. وحصل تراشق بالحجارة بين الطرفين قبل أن يستخدم أنصار جمعة البنادق والمسدسات لتفريق الصحافيين والعاملين في الحزب، الذين ردوا بتحطيم سور المقر الجديد للحزب. وعلم ان المصابين سبعة من صحافيي جريدة الحزب، منهم خالد إدريس وعادل صبري وعبدالعزيز النحاس ومحمد علي ومصور تلفزيوني يعمل لدى فضائية"العربية"يدعى محمد كرم، إضافة إلى ثمانية من الموظفين والعاملين في مقر الحزب. وأصدر النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد قراراً بضبط وإحضار جمعة واثنين من أنصاره. وحتى الظهر، ظل جمعة متحصناً في مقر الحزب وسط أنصاره المسلحين الذين كانوا يطلقون النار على مَنْ يحاول دخول المقر، يقودهم نائب الحزب في البرلمان أحمد ناصر. ولم يخرج جمعة من المقر حتى المساء عندما جاءت قوة امنية نقلته في"مصفحة"للتحقيق معه ومع عدد من مناصريه في ملابسات ما حصل. وقبل ذلك نجح أنصار أباظة في"خطف"أحد مساعدي جمعة وأوسعوه ضرباً في حديقة القصر حيث يقع مقر الحزب. وعلى رغم أن قوات الأمن المركزي طوقت مقر الحزب الذي وصلت إليه بعد نحو ساعتين من اقتحامه، فإنها لم تتدخل لفض الاشتباكات الدامية بين الطرفين. لكنها أطفأت عدداً من الحرائق التي أشعلها الطرفان في حديقة الحزب، ومقر جريدته، والإدارة المالية. ورفضت مجموعة أباظة طلب جمعة التفاوض معهم، وربطوه بخروج جمعة وأنصاره من مقر الحزب. واعتبر أباظة ان"ما حدث من جانب جمعة بلطجة سياسية لا يمكن السكوت عليها". وقال أباظة ل"الحياة":"تقدمنا ببلاغ إلى النائب العام نحتج فيه على ما حدث. هذه جريمة وقعت تحت نظر الشرطة التي لم تتحرك لإنقاذ الضحايا... لم نكن نتصور أن يحدث هذا". وألمح إلى"علاقة تثير التساؤل بين اقتحام مقر الحزب، واتصالات جمعة مع بعض المسؤولين"، لكن السكرتير العام للحزب السيد البدوي وجه اتهاماً مباشراً إلى الدولة بالمسؤولية عما حدث، وقال ل"الحياة"إن اقتحام جمعة وأنصاره المقر حدث"بمباركة الدولة، وتحت سمعها وبصرها، والموقف السلبي للأمن هو خير دليل على ذلك". وستبحث لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى التطورات في"الوفد"بعد استيلاء جمعة على المقر، بعدما كانت قررت حل أزمة الحزب"إما عن طريق القضاء أو بالتراضي بين الأطراف المتنازعة". وغادر سياح أجانب وعرب فندق"كينغ"المقابل لمقر"الوفد"، خوفاً من الأعيرة النارية التي لم تتوقف طيلة يوم أمس، والحرائق التي اندلعت تباعاً في مقر الحزب. وكانت مجموعة"الإصلاحيين"التي يقودها أباظة عقدت اجتماعاً للهيئة العليا للحزب في كانون الثاني يناير الماضي، قررت خلاله الهيئة بغالبية أعضائها عزل جمعة بزعم"ديكتاتوريته وتفرده بالقرار داخل الوفد، والنتائج الهزيلة للحزب في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية". وانتخبت الجمعية العمومية للحزب المستشار مصطفى الطويل، خلفاً لجمعة الذي رفض الامتثال لقرار الهيئة العليا عزله، واعتبره صادراً من"قلة من المنشقين". فرد أنصار أباظة بمنعه من دخول الحزب، على رغم قرار النائب العام تمكينه من المقر. وأقام الطرفان دعاوى قضائية عدة، فصل في إحداها أخيراً لمصلحة جمعة. واستند جمعة وأنصاره في اقتحام مقر الحزب أمس إلى قرار المحكمة رفض استشكال تقدم به أباظة ضد الحكم بتمكين جمعة من المقر. من جهة أخرى، باشرت نيابة أمن الدولة العليا أمس التحقيق مع 11 من قيادات جماعة"الإخوان المسلمين"على رأسهم الدكتور حلمي الجزار، بعد توقيف تسعة منهم خلال اجتماع في منزل أحدهم في مدينة الإسكندرية الساحلية. وتحدث"الإخوان المسلمون"عن"حملة تستهدف وقف نشاط الجماعة في محافظات مختلفة"وتوجيه"ضربات اقتصادية"لمؤسسات يديرها ناشطون في صفوف الجماعة المحظورة رسمياً. وقالت مصادر في الجماعة إن"الحملة شنت في خمس محافظات"، ونفت أن تكون أجهزة الامن أوقفت تسعة من قادة الجماعة خلال اجتماع، مؤكدة أنهم"ينتمون إلى خمس محافظات، كما أن معظمهم يملكون شركات أو عيادات طبية". ولفتت إلى أن"أجهزة الأمن صادرت أعداداً كبيرة من أجهزة الكومبيوتر وأموالاً تخص المتهمين". وفي المقابل، أكدت مذكرة قدمها جهاز مباحث أمن الدولة إلى النيابة أن المتهمين اوقفوا خلال اجتماع تنظيمي، وأنهم كانوا بصدد وضع خطط لتحريك الجماهير في أكثر من محافظة. وشددت على أن النيابة العامة أصدرت تصاريح بالقبض على المتهمين وتفتيش أماكن عملهم. إلى ذلك، أرجأت دائرة شؤون الأحزاب في المحكمة الإدارية العليا أمس الحكم في قضية ترخيص حزب"الوسط"ذي التوجه الإسلامي حتى 3 حزيران يونيو المقبل، بناء على طلب من هيئة قضايا الدولة بررته ب"تنازل عدد من المؤسسين عن الاستمرار في الدعوى". واعتبر وكيل مؤسسي الحزب المهندس أبو العلا ماضي الحكم"مماطلة من جانب الدولة في إطلاق الحزب"، مشيراً إلى أن"تنازل عدد من أعضاء الحزب أمام المحكمة عن طلب التأسيس لا يمكن أن يصبح مبرراً لإعادة الدعوى للمرافعة". ولفت إلى أن"عدداً من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين سجلوا أمام المحكمة في إحدى الجلسات السابقة تنازلهم عن طلب التأسيس إلا أن المحكمة لم تعر هذا الأمر أي اهتمام، ولم تأخذ به". وكان ماضي لجأ إلى المحكمة مطالباً بوقف قرار لجنة شؤون الأحزاب الاعتراض على تأسيس"الوسط"الذي تقدم ماضي بأوراقه ثلاث مرات منذ العام 1996. وكانت هيئة المفوضين في المحكمة الإدارية العليا أعدت تقريراً في حزيران يونيو الماضي يوصي بالموافقة على إنشاء الحزب بسبب"تميز برنامجه عن برامج الأحزاب الأخرى في عدد من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وحددت المحكمة جلسة في شباط فبراير الماضي للنطق بالحكم، لكنها قررت تمديد أجل النطق بالحكم إلى جلسة الأمس، قبل أن تعيد القضية للمرافعة مرة أخرى.