بدأت أحزاب المعارضة المصرية تحصد نتائجها الهزيلة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. فبعد صراعات وخلافات عنيفة داخل حزب الوفد الليبرالي، فجّرت الهيئة العليا للحزب امس مفاجأة من الوزن الثقيل واطاحت رئيس الحزب الدكتور نعمان جمعة الذي خاض الانتخابات الرئاسية الأخيرة وحلّ ثالثاً مسجلاً نتيجة اعتبرها أعضاء الحزب لا تليق بتاريخ الوفد. وسجل يوم أمس ذروة الصدام بين جمعة ومعارضيه الذين كانوا تحفظوا - بعد انتخابه رئيساً للحزب العام 2001 خلفاً لزعيمه التاريخي فؤاد سراج الدين - عن طريقة إدارته للحزب ورغبته في"السيطرة عليه"وإقدامه على فصل عدد غير قليل من الصحافيين العاملين في صحيفة الوفد. وكانت الهيئة العليا للحزب قررت بغالبية 33 صوتاً من مجموع 54 صوتاً عزل جمعة من رئاسة الوفد وكل تشكيلات الحزب والصحيفة، وعينت الهيئة نائب رئيس الحزب الدكتور محمود اباظة رئيساً موقتاً لمدة 60 يوماً يتم خلالها انتخاب رئيس جديد للحزب. واستند القرار الى ما اسمته الهيئة المخالفة الجسيمة التي اقترفها جمعة في حق الحزب واتخاذه قرارات مخالفة للائحة، إلى جانب"احضاره عدداً من البلطجية اليوم أمس فقاموا باحتلال قاعة الهيئة العليا المخصصة لعقد الاجتماعات، ما جعل أعضاء الهيئة يعقدون اجتماعهم في قاعة أخرى. وكان مقر حزب الوفد شهد صباح أمس طوقاً أمنياً شديداً. واثناء دخول أعضاء الهيئة العليا، قال نائب رئيس الحزب محمد علوان إنه إذا لم يمتثل جمعة لقرارات الهيئة العليا فسوف"نشيله". أما منير فخري عبد النور فقال"إننا نأمل في الاصلاح". وقال الدكتور محمد سرحان، نائب رئيس الحزب، ل"الحياة"إن هذا القرار"لا رجعة فيه ونهائي ولا يجوز الطعن ضده إعمالاً للمادة الخامسة من لائحة الحزب التي تعطي الحق للهيئة العليا بمعاقبة أي مسؤول في الحزب إذا اقترف أي أخطاء". وأعلن سرحان انه تم اخطار لجنة شؤون الأحزاب بالقرار، مضيفاً"اننا بدأنا نتلقى برقيات التأييد من لجان مختلفة من المحافظات". أما جمعة فاعتبر القرار"باطلاً وغير صحيح"، وأعلن"قرار تجميد عضوية كل من محمود اباظة ومنير فخري عبد النور ومحمد سرحان وتحويلهم على التحقيق في ما نسب اليهم من إحداث انشقاقات في الحزب بهذه القرارات الخارجة عن شرعية الحزب". وقال الدكتور جمعة"ان القرار الذي اتخذته تلك المجموعة الخارجة عن مبادئ الحزب هو قرار خاطئ لأن رئيس الحزب ليس عضواً في الهيئة العليا وانما يتم تعيينه من خلال الجمعية العمومية للحزب"، مشيراً الى أن الجمعية العمومية تحدد موعد انعقادها يوم الثاني من شهر آذار مارس المقبل للنظر في بعض القرارات الاستثنائية. وقال انه يتحدى تلك المجموعة ان تواجه الجمعية العمومية بهذا القرار. وأضاف انه"أعلن تجميد عضوية الثلاثة الذين يقودون تلك المجموعة الخارجة عن مبادئ الحزب لأنهم يريدون احداث انشقاق في صفوف الحزب وتخريبه وإلقائه في احضان الاستعمار الاميركي وهو ما يرفضه أي وفدي مخلص يريد الحفاظ على حزب الوفد العريق". واشار الى ان تلك المجموعة قادت حملة طوال الاسبوع الماضي في كل الصحف لتشويه صورة الحزب وإحداث خلل في صفوفه وإثارة البلبلة. لكن اباظة رد بأن"ليس من حق الدكتور نعمان جمعة تجميد عضوية أي من اعضاء الحزب لأنه تم فصله بالفعل من رئاسة الحزب وتم ابلاغ القرار الى لجنة شؤون الاحزاب". واشار الى أن أعضاء الهيئة العليا طلبوا من جمعة في بداية اجتماع امس"الاستقالة، إلا انه رفض، وأحضر مجموعة من البلطجية مما حدا بأعضاء اللجنة الى الخروج من الاجتماع وعقد اجتماع في غرفة اخرى واتخاذ القرارات التي اتُخذت". واعتبر سرحان ان القرار هو"بداية لعمليات تصحيح داخل حزب الوفد الذي شهد قرارات انفرادية من جانب جمعة لا تمت بصلة لقواعد ومبادئ حزب الوفد، وهو ما استوجب بدء تلك الحركة التصحيحية". وأوضح عبد النور، من جهته، ان قرار فصل جمعة اتخذ"بإجماع اعضاء الهيئة العليا التي تعتبر قراراتها نافذة".