في وقت شهدت المناطق التشادية هدوءاً حذراً أمس بعد الهزيمة التي ألحقها الرئيس إدريس ديبي بمعارضيه فجر الخميس خلال محاولتهم دخول العاصمة نجامينا، أعلنت الحكومة السودانية انها تلقت إخطاراً رسمياً من تشاد بقطع العلاقات معها وكلفت ليبيا رعاية مصالحها في تشاد، رافضة في الوقت نفسه أي حوار مع نجامينا في ظل قطع العلاقات. واعتبرت تهديد الرئيس ديبي بطرد اللاجئين السودانيين من أراضيه مخالفاً للمواثيق الدولية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية السفير جمال محمد ابراهيم للصحافيين أمس ان الحكومة التشادية استدعت القائم بالأعمال السوداني في نجامينا وأمهلته خمسة أيام لمغادرة البلاد بعدما أبلغته رسمياً قرار قطع العلاقات، موضحاً ان حكومته دعت أمس السفير الليبي في الخرطوم وطلبت منه ان ترعى حكومته المصالح السودانية في تشاد. وعن استمرار السفير التشادي في مباشرة مهماته في الخرطوم، أوضح إبراهيم ان الأعراف الديبلوماسية لا تدعو السودان الى اجراء مماثل بل تعني ان تسحب نجامينا سفيرها من السودان، على رغم انه لم يطلب منها ذلك. وانتقد تهديد الرئيس ديبي بطرد اللاجئين السودانيين من بلاده، واعتبره مخالفاً للأعراف والمواثيق الدولية، مشيراً الى ان الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة أعربتا عن قلقهما ازاء التهديد التشادي. وقال انه في ظل قطع العلاقات الديبلوماسية فلا مجال الى الحوار أو التواصل الديبلوماسي بين البلدين. وأعرب مجدداً عن أسف حكومته ازاء قرار الحكومة التشادية قطع العلاقات وإغلاق الحدود من طرف واحد، على خلفيه اتهامها الخرطوم بدعم الهجوم الذي شنه المتمردون التشاديون على نجامينا. ونفى مجدداً دعم المتمردين التشاديين، مؤكداً ان السودان ليس له مصلحة في دعم المعارضة التشادية. وعلي الصعيد ذاته، نفى الجيش السوداني تقديمه أي دعم للمعارضة التشادية المسلحة، مبيّناً ان الحكومة أبعدت تماماً القوات التشادية المعارضة من أراضيها، معتبراً ان اتهام تشاد للسودان بدعم المتمردين يعتبر"اتهاماً باطلاً تنقصه الأدلة والبراهين". وأكد بيان صادر عن الناطق الرسمي باسم الجيش براءة السودان من دعم المعارضة التشادية. وأفادت وكالة"فرانس برس"في تقرير من نجامينا ان الهدوء عاد الى تشاد بعد يومين من انتصار الجيش على المتمردين. وذكرت مراسلة للوكالة ان شوارع نجامينا التي يجوبها عدد غير مألوف من الآليات العسكرية، استعادت نشاطها العادي لا سيما في سوق المدينة المركزي. لكن العديد من الفعاليات التي نظمتها السلطات احتفالاً بانتصارها على من تعتبرهم"مرتزقة"الجبهة الموحدة للتغيير، لم تُطمئن السكان الذين لا يخفون قلقهم في وقت تتوالى فيه الأخطار على النظام. وقال أحد سكان نجامينا في السوق المركزي:"لا نريد تغييراً عنيفاً". وأضاف ان"تشاد مرتبطة بتمويل خارجي ونحن قلقون على وظائفنا اذا قررت بعض الدول ان تقطع عنا التمويل". وما يثير القلق في الدرجة الاولى تهديد الرئيس التشادي بطرد نحو 200 الف لاجئ سوداني من شرق تشاد في حال لم يتم ايجاد حل للنزاع المستمر في اقليم دارفور. وأثار الانذار الذي وجهه ديبي رداً عنيفا من واشنطن التي حذرت تشاد من هذا الطرد واعتبرته"غير مقبول". وقال الناطق باسم الخارجية شون ماكورماك"ندعو حكومة تشاد الى احترام التزاماتها عبر توفير الحماية لهؤلاء اللاجئين". وضاعف التوتر اعلان نجامينا الجمعة قطع علاقاتها مع الخرطوم وخطر اتساع الازمة. ونددت تشاد منذ الخميس بتعرضها"لعدوان مبرمج انطلاقاً من الخرطوم". وتتهم نجامينا بانتظام السودان بتمويل المتمردين وتسليحهم، الأمر الذي تنفيه الخرطوم في شكل منهجي وترد ان النظام التشادي يدعم متمردي دارفور. من جهتها قررت افريقيا الوسطى اغلاق حدودها مع السودان بهدف"عدم تسهيل حصول اعتداء على تشاد انطلاقا من اراضيها" وثمة أمر آخر يثير القلق ويتمثل في التصعيد المفاجئ للخلاف بين تشاد والبنك الدولي حول ادارة عائدات نجامينا النفطية. وهددت تشاد الجمعة بوقف انتاج النفط الذي يقدر بنحو 200 الف برميل يومياً اعتباراً من 18 نيسان ابريل اذا لم تسترجع أكثر من مئة مليون دولار من أموالها التي جمدها البنك الدولي والكونسورسيوم الأميركي - الماليزي الذي يستخرج نفطها. وعلقت دلفين جيرايبي، وهي رئيسة جمعية تشادية للدفاع عن حقوق الإنسان، قائلة ان"السلطة في حاجة ماسة الى الأموال في حربها، والنظام يمر بحالة حرجة جداً". وحتى لو بدا الوضع العسكري مستقراً في نجامينا وادري التي تبعد 800 كلم عند الحدود الشرقية مع السودان وحيث دارت المعارك الخميس، فإنه ما زال مشوباً بالغموض داخل البلاد. وفي جدة ا ف ب، أعرب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي أمس السبت عن"الأسف"لقطع العلاقات بين تشاد والسودان العضوين في المنظمة. وأسف في بيان"للتطورات الأخيرة في تشاد وما وقع من اعمال عنف لتغيير نظام الحكم فيها الأمر الذي تسبب في تداعيات اقليمية خطيرة منها قطع العلاقات الديبلوماسية"مع السودان اضافة الى اغلاق الحدود والتهديد بطرد اللاجئين"مما ينذر بتفاقم الاوضاع الانسانية الحرجة هناك".