شهدت القاهرة قبل أيام افتتاح مهرجان السينما العربية الاوروبية في دار الاوبرا المصرية داخل قلب المسرح الصغير، في حضور نخبة من الفنانين العرب والمصريين والاجانب، وعدد من المخرجين وخصوصاً من الشباب المشاركين بأعمالهم ضمن أعمال المهرجان. كان افتتاح المهرجان بالفيلم الفرنسي"الطفل"وهو انتاج مشترك فرنسي - بلجيكي 2005 سبق ان فاز بالسعفة الذهبية للدورة الاولى لمهرجان"كان"2005، وبعد الطفل، توالت في الايام التالية عروض مجموعة من الافلام يسودها اسلوب الانتاج المشترك، وهو الهدف المنشود من اقامة المهرجان الذي يحيي عملية الانتاج المشترك. فهناك الافلام الفرنسية - التونسية، والألمانية - الهولندية - الفرنسية، والهولندية - الفرنسية، والمغربية - الفرنسية او الاسبانية، او الجزائرية - الاوروبية، كما شارك ايضا في المهرجان افلام فلسطينية انتجت بصورة مشتركة مع ألمانيا، فرنسا، وهولندا. اضافة الى هذا حرص المهرجان على وجود بعض الافلام الانكليزية والايرانية والنمسوية والمصرية سواء كانت خاصة ام مشتركة? وتوالت العروض يومياً في مبنى الاوبرا ومركزالابداع الفني وساقية عبد المنعم الصاوي، وكذلك في المراكز الثقافية السينمائية في القاهرة، وفي الجامعة الاميركية وقاعة"التاون هاوس غاليري"في القاهرة على مدى اسبوع، انتقل المهرجان بعده الى الاسكندرية لمواصلة برامجه هناك في الاطار نفسه. على ان يواصل قافلته تباعاً. ولما كان المهرجان يخص ابداعات الشباب فقد ساده ايضاً تنظيم"شاب"وان كان يفتقد الى حد ما الى التجربة والخبرة، ما انتقص من الاداء التنظمي ناهيك بالعراقيل التي وضعتها دار الاوبرا المصرية من ضوابط البيروقراطية التي تحد من الاداء تحت مسمى اللوائح والقوانين. ومن ذلك على سبيل المثال، منع الاعلاميين من تصوير بعض اللقطات من الافلام للاستعانة بها في برامجهم فهي تلقي الضوء على المهرجان والاعمال المشاركة فيه. لقد منعوا بالطبع تحت مسمى البيروقراطية واللوائح، وفرض كل مكان من ضوابطه على العروض ليحد من فعاليات المهرجان الأمر الذي أقلق المشارك الاوروبي. والمهرجان يقام في اطار شراكة ارومتوسطية، بالتعاون بين مصر والاردن ولبنان وهولنداوفرنسا، تحت عنوان"كارافان السينما العربية الاوربية"، وذلك بدعم من الاتحاد الاوروبي، ضمن برنامج"يوروميد 2"للسمعيات والمرئيات وبمبادرة من شركة سمات المصرية للانتاج. ورش عمل وتقول المدير المسؤول عن المشروع في القاهرة المخرجة هالة جلال: ان المشروع ينتمي الى جملة من الاعمال السينمائية تحتضنها مدن مختلفة في اوروبا والعالم العربي على مدار العام، ولمدة ثلاث سنوات. وتتمثل هذه الأعمال في عروض متنوعة من حيث نوعية الأفلام وأسلوب العرض". وتستطرد هالة جلال:"بما ان للمهرجان رحلة تجوال طويلة ينتقل خلالها في مدن متعددة داخل مصر وخارجها، اطلقنا عليه اسم"قافلة، حيث تنتقل القافلة بما تحمله من برنامج سينمائي حافل بالافلام الروائية والتسجيلية الطويلة والقصيرة حديثة الانتاج من التي تم انتاجها خلال الثلاثة أعوام الماضية، ويصاحب العروض برامج خاصة قد تعرض ضمنها أفلام قديمة تحت"تيمات"تخص تكريم بعض المخرجين او بعض الاعمال السنيمائية". وللتوضيح تقول جلال: يعتني المهرجان باقامة عروض وندوات ولقاءات للسينمائيين من الشمال والجنوب بالتوازي مع الافلام المشاركة، لبحث كيفية التواصل فيما بينهم، في لقاءات تكون كورش عمل لطرح مقترحات لمشاريع فنية من منطلق رؤية كل منهما. كما يتضمن برنامج القافلة حلقات نقاش يركز بعضها على الافلام المعروضة، لينطلق منها بتحليل الظواهر والقضايا التي تتناولها هذه الافلام، والبعض الآخر يتناول قضايا التواصل الفني والثقافي ومن ثم الحضاري ما بين دول الشمال والجنوب مع التركيز على أوجه القصور في هذا التواصل الفني والثقافي. اما الهدف الرئيس للمهرجان - من وجهة نظر هالة جلال - فهو في المرتبة الاولى"خلق أرضية للتواصل ما بين ضفتي المتوسط، وجذب جمهور جديد من عاشقي السينما من طلاب الجامعات، كما انه من خلال المهرجان ستتاح تلقائياً الفرص لتحقيق بعض المشاريع المشتركة من خلال التعامل المباشر بين سنيمائيين عرب وأوروبيين، وهو ايضاً محاولة لفتح آفاق مستقبلية للتعاون". ويقام في اطار كارافان، برنامج خاص تحت عنوان"ليالي السينما العربية - الاوروبية"، ينظم في المدن الساحلية في الصيف، على ان تختار تبعاً افلام بمعايير خاصة تتناسب مع جمهور الصيف. وتعرض الافلام في اماكن مكشوفة ووسط تجمعات شبابية في الاسكندرية والاسماعيلية، لتنتقل القافلة بعد ذلك الى عمان ثم بيروت وتنتهي بباريس مروراً بروتردام. وتعود القافلة السينمائية في نهاية الصيف الى الاسكندرية لتختتم النشاط السنوي. اما عن الشركاء من خارج مصر لهذا العمل الفني الضحم فهم: معهد العالم العربي في باريس، ومهرجان الفيلم العربي - روتردام - هولندا، ومهرجان بيروت الدولي للأفلام التسجيلية، اضافة الى شركة بيونير للانتاج الفني في الاردن. وينظم"كارافان"برنامجاً خاصاً يتوازى مع مهرجان الفيلم العربي في هولندا في دورته السادسة، ويبرز من خلال هذا البرنامج محوران أساسيان: علاقة الشرق بالغرب في الأفلام، وصورة العربي في الأفلام الأوروبية والعكس. اما عن برنامج كارافان في فرنسا فقد خصص كي يستفيد منه جمهور بينالي السينما العربية في معهد العالم العربي في قلب العاصمة الفرنسية باريس، في دورته الثامنة ويقام مرة كل عامين من شهر تموز يوليو - ينتقل بعدها المهرجان الي مارسيليا ليستكمل العروض الساحلية سابقة الذكر. اما شركة سمات المنظمة للمهرجان فهي مسؤولة عن الادارة والاشراف على أعمال القافلة، وهي مؤسسة مصرية تعنى بالسينما المستقبلية، انشئت على يد مجموعة من سنيمائيين شباب لإنتاج افلام تسجيلية طويلة وقصيرة? بدأت عملها عام 2001 ودعمت الشباب صناع السينما لتحقيق ابداعاتهم وافكارهم علي الشاشة بطرق عدة، وهي تعمل على ابراز جيل شاب قادر على صناعة السينما وبالتالي خدمة المجتمع، ومنذ نشأتها ومجموع اعمالها الفنية السنيمائية يصل الى 60 فيلمًا كأنتاج كلي او جزئي. وعن اهداف المهرجان على المستوى المحلي والدولي تضيف المخرجة الشابة هالة جلال: من المتفق عليه وجود حال من الانقطاع في ما يتعلق بالتواصل الفني - وعلى وجه التحديد السينمائي، بين دول شمال وجنوب المتوسط، وهذا الانقطاع يأتي في اطار أزمة اكبر من قصور الاتصال عموماً بين مختلف الجزر الثقافية على مستوى العالم والتي تعبر عن خصوصياتها ومجتمعاتها في مقابل حالة الاستقبال من طرف واحد والتي تجعلها تكتفي بموقف المتلقي إزاء نوعية وافدة من الثقافة المصطنعة والمعلبة والتي تمتلك قدرات كونية فيما يتعلق بالتوزيع على مستوى العالم . اذا كان ممكناً تلخيص كل هذه الظروف في عبارتي"أزمة الابداع"و"أزمة التواصل"فانه يمكن ملاحظة الصلة التبادلية بين الازمتين، فأزمة الابداع تمنع وجود مادة كافية للتواصل وازمة التواصل تحد من فرص التكاتف محل أزمة الابداع". وتضيف هالة ان"كارافان"اليوم يهدف الى ان يكون حلقة من حلقات الجهود التي بذلت وتبذل في هذا الصدد، لان المكوّن الاول لكارافان هو العروض السينمائية التي تستهدف ان تعوض فراغاً ملحوظاً لوجود الفيلم الاوروبي لدى المشاهد العربي ومن ناحية اخرى تعوض غياباً للفيلم العربي لدى المشاهد الأوروبي، فعلى مدار فترة طويلة، انحسر تواجد الافلام الاوروبية في البلاد العربية واقتصرت على حالات خاصة من العروض في المراكز الثقافية او المنتديات السينمائية - والتي بدورها تقلص نشاطها - حتى اصبح هذا الوجود مقصوراً على الخاصة من المشاهدين المهتمين بهذا النوع من السينما، وغابت هذه الافلام عن منافذ العروض التقليدية التي تستهدفها القاعدة العريضة من الجمهور، وحتى في الحالات القليلة للمهرجانات الدولية والتي قد تقدم للجمهور نافذة على هذه الافلام، فإن هذه المهرجانات تكتنفها أوجه قصور، مثل قلتها وعيوبها التنظيمية فضلاً عن مزاحمة الأفلام التجارية داخلها للأفلام الاوروبية التي نتناولها بالحديث، وتكفي ملاحظة انه قلة من افلام تعرض في هذه المهرجانات متضمنة ترجمة عربية - وهي أولى بديهيات التواصل - سوى الأفلام التجارية التي تكون معدة للطرح في الاسواق لاحقاً... اي ان المهرجان بالنسبة اليها هو حدث هامشي".