المجاعة التي تستفحل في غرب دارفور وشرق الكونغو، وتتفاقم في اثيوبيا والصومال وكينيا، تهدد أنحاء افريقيا الأخرى. وتعتمد القارة أكثر فأكثر على المساعدة الخارجية. ويدعوها الى ذلك النمو السكاني، ومواسم الجفاف المتكررة، والمنازعات العسكرية، وتوقف تنمية الأرياف منذ اكثر من 15 سنة. وأصبحت الجهات المانحة، والمنظمات غير الحكومية، والسلطات المحلية، اطرافاً فاعلة تؤثر سلباً في نظام يعوق بلورة سياسة زراعية تضمن الأمن الغذائي. وفي ربيع 2006، ينتظر نحو 12 مليون نسمة المطر لتنبت مناطقهم الزرع، وإلا فعليهم توقع الجفاف والجفاف يلد المجاعة. وتعريف المجاعة ملتبس. فهو يتناول أحوالاً تؤدي، في شكل أو آخر، الى"أزمة انسانية". وترافقها صرخات تحذيرية تطلقها من حين الى آخر المنظمات غير الحكومية المتخصصة. وفضّلت المنظمة العالمية للتغذية والزراعة فاو اعتماد معيار دقيق. فيقول احد خبرائها ان المجاعة تبدأ عندما يموت يومياً 4 أشخاص من 10 آلاف من السكان جراء نقص الغذاء. ويبدو ان بلدان شرق افريقيا لم تبلغ بعد العتبة التاعسة هذه. ولكن السماء إذا لم تمطر هذا الموسم، فعدد من بلدان المنطقة يتوقع ان تصيبه المجاعة. والحق ان الأحوال الغذائية في القارة الأفريقية تردت في العقد الأخير، على خلاف أحوال المناطق الأخرى. إلا ان نقص الأمطار ليس وحده السبب في التردي. فالقطاع الزراعي، عانى سوء الإدارة وفساد الحكومات، الى شح مصادر التمويل وقلة الخبرات. وعلى رغم وجود الأنهار فيها، تعتبر أفريقيا القارة الأقل رياً. فپ72 في المئة من أراضيها الصالحة للزراعة، و31 في المئة من مراعيها، تصنف"متردية". وتدنت نسبة مساحة الأراضي الصالحة الى المواطن الواحد نحو 24.5 في المئة بين 1980 وپ1993. وعانت القارة من ثلاثة عوامل ثقيلة، أولها، ازدياد عدد السكان اكثر من الضعفين. وعلى رغم تناقص الخصوبة يُتوقع ان يبلغ عدد السكان 1.8 بليون في 2050. والعامل الثاني عدم الاستقرار السياسي، فأفريقيا كانت مسرحاً لنحو 186 انقلاباً عسكرياً، و26 حرباً، في السنوات الخمسين الأخيرة، ما خلّف 16 مليون لاجئ. وأخيراً، تسبب تفشي"الإيدز"في قتل رؤساء قبائل وعشائر في الأرياف، ما أثر سلباً في الإنتاج الزراعي. وإلى ذلك، تستغل بعض الأنظمة المساعدة، في اثناء الأزمات، لأغراض سياسية. وقد تستعمل"المجاعة"في التستر على المشكلات الداخلية، وتأمين مداخيل منتظمة، بالتواطؤ مع بعض العاملين في المساعدات الإنسانية. وإلى اليوم، وحدهما شرق الكونغو وغرب دارفور، من بين بلدان افريقيا الشرقية، يصنفان بلاد جوع، ويتخطى معدل الوفيات اليومي الپ4 لكل 10 آلاف شخص. عن جان - فيليب ريمي ، "لوموند دوليكونومي" الفرنسية ، 4/4/2006