استأنفت الكتل السياسية العراقية اجتماعاتها لتشكيل الحكومة في مقر اقامة رئيس الجمهورية جلال طالباني في بغداد، بعد توقف دام يومين منح خلالها"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعي فرصة للبحث في تشكيل لجنة امنية عليا تأخذ على عاتقها ادارة الملف الأمني في البلاد، وأعلن"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"بزعامة عبد العزيز الحكيم ان السفير الاميركي في بغداد لم يطالب"الائتلاف"بتغيير مرشحه لرئاسة الحكومة ابراهيم الجعفري، لكنه اعرب عن رغبة في"مرشح يحظى بتأييد وطني عام"، وجدد"حزب الفضيلة"، أحد مكونات"الائتلاف"طلب"الاحتكام"الى البرلمان"في حال فشل"الخيارات المطروحة من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، وشن"حزب الدعوة"حملة على السياسات الأميركية في العراق. قال بهاء الاعرجي، عضو"الائتلاف"عن التيار الصدري، ان"احزاب"الائتلاف"أعلنت أن الجعفري هو مرشحها الوحيد لرئاسة الوزراء، ولا نية لاستبداله"، في اشارة الى دفع ازمة رئيس الوزراء نحو التصويت في مجلس النواب، سواء رضيت به القوى السياسية الأخرى ام اصرت على اعتراضاتها، حفظاً لماء وجه"الائتلاف"ومنعاً لاحتمال حدوث انشقاقات داخله. واضاف"سيتم ابلاغ القوائم المعترضة رسمياً بهذا الامر"، واعرب عن أمله بان"يبدد الاتفاق على برنامج عمل الحكومة الاعتراضات على الجعفري بما يسرع في اعلان التشكيلة الحكومية". وطالب النائب محمد اسماعيل الخزعلي من"حزب الفضيلة"، أحد مكونات"الائتلاف"ب"الاحتكام"الى البرلمان"في حل فشل"الخيارات المطروحة من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال"نعتقد ان من الافضل في حال فشل كل الخيارات الاحتكام الى مجلس النواب، لان اللقاءات خلف الكواليس لا تقدم شيئاً كون المسألة اصبحت معقدة ومعطلة للعملية السياسية". وتابع ان"جبهة التوافق العراقية السنية بعثت باقتراح الى الائتلاف يطلب نقل الصلاحيات الامنية من رئيس الوزراء الى احد نوابه ... وقالوا ان هذا الموضوع غير خاضع للتفاوض". ولفت الى ان"الاميركيين يريدون تشكيل حكومة بأسرع وقت نظراً لوجود مصلحة لهم في ذلك، ويريدون تشكيلها وفق استحقاقات الدستور ... لكن ليس من الصحيح والمقبول ان يتدخلوا في خياراتنا السياسية". في غضون ذلك، أعلن"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"ان السفير الاميركي في بغداد لم يطالب"الائتلاف"بتغيير مرشحه لتشكيل الحكومة، لكنه عبر عن رغبة في"مرشح يحظى بتأييد وطني عام". ويأتي هذا التوضيح بعد تناقل تصريحات متناقضة خلال الأيام الماضية عن تسليم رسالة من الرئيس جورج بوش الى الحكيم يطلب فيها تغيير"الائتلاف"ترشيح الجعفري رئيساً للحكومة، علماً أن نفياً صدر عن البيت الابيض والسفارة الاميركية. وذكر"المجلس الأعلى"في بيان له أمس ان ما نسب الى أحد قيادييه رضا جواد تقي من تصريحات في"صحيفة نيويورك تايمز"في 28 الشهر الماضي بأن السفير الأميركي ابلغ الحكيم رسالة شفوية من الرئيس الأميركي مفادها بأنه"لا يريد ولا يساند ولا يقبل ترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء لم تنقل كاملة وبشكل دقيق مما حرفها عن معانيها"، مؤكداً أن"تقي لم يشر في تصريحه إلى الألفاظ هذه وإنما ذكر بأن اللقاءات المتواصلة بين السفير خليل زاد والحكيم تضمنت أفكاراً وآراء للتعجيل في تشكيل الحكومة العراقية، بما في ذلك أن البلاد تحتاج إلى رئيس وزراء قوي وله تأييد وطني عام"ما فهم انه اشارة غير مباشرة لوجود رغبة اميركية لتغيير الجعفري لأنه لا يحظى بتأييد عدد من القوى السياسية الفائزة في الانتخابات من خارج"الائتلاف"التي عبرت عن رفض ترشيحه. ولفت البيان الى ان"رضا جواد تقي لم يشارك في الاجتماع المذكور مطلقاً". الى ذلك، كشف أحد المفاوضين السنّة، رافضاً الكشف عن هويته ل"الحياة"، ان القائمتين السنيتين"جبهة التوافق"بزعامة عدنان الدليمي و"الجبهة العراقية للحوار الوطني"بزعامة صالح المطلك و"القائمة العراقية"بزعامة اياد علاوي ابلغت"الائتلاف"في اجتماع امس استعدادها للموافقة على تولي الجعفري رئاسة الوزراء والملف الامني اذا ما احيلت مهمة تولي حقيبتي الداخلية والدفاع للسنة إحداها للتوافق والثانية للقائمة العراقية، إلا ان"الائتلاف"ما زال مصراً على تولي وزارة الداخلية. ولفت الى ان"الاستقرار الامني لن يتحقق في العراق الا بحكومة مشاركة وطنية في الملف الامني والقطاع الاقتصادي فضلاً عن التمثيل السياسي". وهدد المطلك بالانسحاب من المفاوضات اذا ما اصر الشيعة على الاستئثار بالسلطة، وقال"ليس لدينا اعتراض على شخص المرشح بل على كيفية ادارة الحكومة ولا سيما الملف الامني". على صعيد آخر، حمّل جواد المالكي، نائب رئيس"حزب الدعوة الاسلامية"أحد مكونات"الائتلاف"السياسة الأميركية في العراق مسؤولية التدهور الامني، متهماً اياها بأنها"دمرت الديموقراطية والانتخابات في العراق"محذراً من انها"ستدمر العراق ما لم يتحرك العراقيون نحو عملية تشكيل الحكومة التي تقوم بها السفارة الأميركية". وكشف المالكي في تصريحات صحافية عن لقاءات ستعقد مع مسؤولين اميركيين وقال:"سنجتمع مع الجهات الأمنية الحكومية ثم سنطلب لقاء مع المعنيين في القوات الاميركية لوضع النقاط على الحروف، فإما ان يتحملوا مسؤولية الملف الامني ويوفروا الامن لنا، وإما ان يتخلوا عن هذه المسؤولية ويعطونا المجال لنتدبر امرنا بالشكل الذي يحمي شعبنا وتجربتنا السياسية"، مضيفاً"اشعر بأن كل شيء في خطر، من التجربة السياسية الى الديموقراطية فالانتخابات ونتائجها والدستور. وكل شيء في العراق في خطر". وحذر من استمرار الضغوط السياسية التي تمارسها الولاياتالمتحدة على الائتلاف"والتدخل في ترشيح رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة ومحاولة جر التيار الصدري الى مواجهات دامية"، لافتاً الى ان"التصريحات التي يطلقها السفير الأميركي عن الوزارات، وخصوصاً عن الشيعة، تؤدي الى تأزيم الملف السياسي، والمقصود منها الضغط على الائتلاف خصوصاً والشيعة عموماً، كي يفقد الائتلاف غالبيته الانتخابية البرلمانية". وعن الخروقات في الوزارات الأمنية العراقية، شدد المالكي على ان"أسوأ وزارة لدينا هي وزارة الدفاع من حيث وجود العناصر السيئة والإرهابيين الذين يعششون فيها، حتى انني شخصياً حذرت من دخول الوزارة لأني قد اقتل فيها. والداخلية ليست بأحسن منها". من جانبه، أعرب الزعيم الكردي مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان، عن قلقه من تداعيات ما وصفه بالصراع الشيعي - السني في العراق. وأشار في حديث لصحيفة"خَبات"الكردية إلى أن ما وصفه ب"العداء الشيعي - السني"أكبر مما كان يتصوره، محذراً من أن"هذا العداء يتعمق يوماً بعد يوم". وحول الدعم الأميركي لمبدأ الفيديرالية مع تصاعد المطالب الشيعية بتشكيل كيانات فيديرالية في الجنوب، أوضح بارزاني أن الأميركيين يؤيدون وحدة العراق ، لكنهم في الوقت ذاته يؤيدون إقامة عراق فيديرالي. وحول المشكلة المزمنة التي تعصف بعلاقة اقليم كردستان بالحكومة المركزية وهي مسألة كركوك وتطبيع أوضاعها، قال بارزاني إن الدستور عالج هذه المسألة ليس بالنسبة لكركوك فقط بل لجميع المناطق المتنازع عليها مثل خانقين ومندلي وسنجار وشيخان ومخمور وغيرها. الى ذلك، كشف بيان ل"الحزب الديموقراطي الكردستاني"الذي يرأسه بارزاني أن وفداً من زعماء السنة، ضم محسن عبد الحميد رئيس مجلس شورى"الحزب الإسلامي"قام بزيارة الى تركيا أجرى خلالها محادثات غير معلنة مع المبعوث التركي الخاص للعراق ئاجوز شيليك في اسطنبول تطرق الى الموقف من مستقبل كركوك، مشيراً الى ان"رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان طلب من زعماء السنة الدعم الكامل لموقف أنقرة الداعي الى تأجيل الاستفتاء المقرر على مصير مدينة كركوك".