من خواص سوق العمل، على وجه اقتصادي محض، انه ينشئ علاقات ثابتة ودائمة بين جهتين. وفي اثناء هذه العلاقات توظف الجهتان استثمارات من نوع خاص. فيعمد العامل الموظف، على سبيل المثال، الى الانتقال من مكان اقامة الى محل اقامة آخر قريب من عمله. وقد يعمد الى تحصيل مهارات جديدة تتصل بهذا العمل وأدائه، والى ترك عادات سابقة مكتسبة، وصوغ هوية مهنية تتفق ومهماته. وتكلفة هذه الاستثمارات ثقيلة، وغالباً ما يقتضيها، على نحو مخصوص، عمل محدد، وقد يستحيل على العامل تثميرها في منشأة أو شركة أخرى. فاذا تكلف العامل الاستثمارات هذه، قيدته التكلفة بازاء صاحب العمل. ووسع هذا بحسب مواد عقد العمل الجديد تخفيض أجره، أو صرفه. ويستبق العامل التهديد هذا بتقليل استثماراته في التأهيل وقرب المسكن. فيخسر، هو وصاحب العمل والعمل، من مستوى الجودة. وعلى هذا، تقضي مصلحة العامل، وصاحب العمل والجدوى الاقتصادية عموماً، ان تنص عقود العمل على شروط الصرف نصاً دقيقاً. والاصلح ان يكون معظم هذه العقود من غير قيد على المهلة والدوام غير محددة المهلة والدوام، وان تتولى الشركة الثمن الاجتماعي الكامل المترتب على صرف من العمل، وابواب هذا الثمن: تعويضات البطالة، وتعويضات التأهيل والانخراط في عمل جديد. وتحتسب اشتراكات صاحب العمل في ضوء سوابق الصرف الماضية. وعقد العمل الاول يخل بهذه الشروط كلها. عن توما بيكيتي مدير ابحاث، "ليبراسيون" الفرنسية. 27/3/2006