يحتفل المصريون غداً ب "شم النسيم". وهذا العام، تأتي المناسبة العزيزة على قلوبهم، محملة بقدر كبير من هموم السياسة والاقتصاد... وأنفلونزا الطيور! وعلى رغم احتقان الأجواء العامة في شوارع مصر في أعقاب أحداث الإسكندرية الأخيرة، تجرn الاستعدادات على قدم وساق في معظم البيوت المصرية لاستقبال هذا العيد الفرعوني الأصل. وينتظر المصريون شم النسيم كل عام، إذ يكاد يكون من الفرص النادرة أو ربما الوحيدة التي يروحون فيها عن أنفسهم. روائح الأسماك المملحة من"رنجة"و"فسيخ"و"ملوحة"وغيرها تنبعث في شكل واضح من زوايا الشوارع في مصر، ناهيك بتلال الخس والملانة والبصل الاخضر وبقية الخضراوات التي تصاحب أكلة السمك المملح بغرض تسهيل الهضم والمنتشرة لدى باعة الخضار والباعة الجوالين. ولعلها المرة الأولى التي تخاصم فيها جموع المصريين البيض الذي كان سيّد مائدة الإفطار في هذا اليوم على مدى آلاف السنين، وذلك بسبب شبح أنفلونزا الطيور الذي ما زال يلوح في الأفق بقوة لا سيما مع وصول عدد الحالات البشرية المصابة إلى إثنتي عشرة، توفيت منها أربع وشفيت خمس وتخضع ثلاث حالات للعلاج. وهو ما أقام حاجزاً نفسياً بين المصريين والطيور ومنتجاتها، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار البيض، إذ وصل سعر الواحدة الى 35 قرشاً بعد ما كان سعرها لا يتعدى 25 قرشاً، وهو ما يعد عبئاً على الموازنات المترنحة أصلاً تحت وطأة غلاء الأسعار، وتدني الرواتب، والإلغاء الخفي لما تبقى من دعم للكثير من المواد الغذائية الأساسية. ولعلها المرة الأولى كذلك التي يجد فيها المصريون البسطاء أبواب ملاذهم المفضل موصداً أمامهم والمتمثل في حدائق الحيوان وأكبرها حدائق الحيوان في الجيزة التي كانت تستقبل نحو 800 ألف زائر في هذا اليوم. ويلمح البعض إلى أن أزمات الاقتصاد وأنفلونزا الطيور هذا العام ستجعل من شم النسيم عيداً للأغنياء فقط، وهو ما يتضح من إعلانات الصحف والتلفزيون المتأججة هذه الأيام والموجهة إلى شرائح بعينها من أجل الاحتفال بشم النسيم. ولهذه المناسبة نجومها أيضاً، إذ سيستقبل استاد القاهرة الدولي نانسي عجرم التي تحيي حفلة هي الأكبر مساء اليوم، فيما تستضيف مدينة شرم الشيخ كلا من نوال الزغبي وإيهاب توفيق ونادية مصطفى. كما يتوقع أن تحيي نيكول سابا عدداً من الحفلات في المناسبة نفسها. وعلى النهج نفسه، فإن الخيارات المتاحة أمام الأغنياء للاستمتاع بشم النسيم لا أول لها ولا آخر هذا العام. فعلى رغم أن كثيرين منهم لديهم شاليهات وفيلات في العين السخنة ورأس سدر وقرى الساحل الشمالي، تسابقت فنادق الخمس نجوم والمنتجعات الراقية هذا العام على تقديم عروض شتى لقضاء اليوم في ربوعها حيث الخضرة والأطعمة"الشم نسيمية"وحفلات الفنانين وعروض العرائس للصغار،"ولكن كله بثمنه"إذ لا يقل سعر أرخص هذه العروض عن 200 جنيه مصري. ولم تنقطع هذا العام عادة نشر أخبار مصادرة مئات الأطنان من الأسماك المملحة غير الصالحة للاستخدام الآدمي إضافة إلى أخبار القبض على عصابات المخدرات التي تستغل المناسبة لتوزيع أنواع من المخدرات تحمل عادة أسماء مواكبة للحدث مثل"شمة الربيع"و"نانسي عجرم". كما كرّر الأطباء تحذيراتهم الموسمية في شأن تناول أسماك شم النسيم لا سيما للمصابين بأمراض الضغط والسكري. وإضافة إلى حالة الاستعدادات القصوى المعلنة في مستشفيات وزارة الصحة، أضيفت درجة أخرى من الاستعداد خاصة باستقبال ضحايا الفسيخ الذين يقعون كل عام ضحية لشم الفسيخ بدلاً من شم النسيم.