كأنها لوْحة سورْيالية... هذه البقعة من الأرض! كأنّها هَوَتْ إلى الأبد... في قعر اللامنطق! لا شكل للأشياء، كما لا شكل للإنسان، ما هو الإنسان؟ أهو تلك الأشلاء التي اجتمعت لتتمزق بعد حين؟! ما لوْن الفرات؟ ما لوْن القمر في بغداد؟ ما لوْن الشروق في الضفة؟ لقد كتِبَ علينا بالأحْمر! كتِبَ علينا بالأحْمر نحن، ساكنو أرض الأنبياء والكتب السّماوية والذهب الأسود. أسأل: من هو نمْرود هذا الزمان الذي استجلب غضبَ الربّ إلى العراق، فتبلبلت عقول الناس وليس ألسنتهم فحسب؟ لا بدّ من أن يكون هنالك نمرود، أو حتى نماريد، وإلا كيف نفسّر تحوّل العراقيين البشر إلى أرقام تمرّ في أسفل شاشاتنا كل يوم؟ أن نقول انّ الضبابَ يلفّ منطقتنا هو التفاؤل بعيْنه. إنه الظلام! ظلامٌ تزيد من وحشته نذرُ حروب العراق ضدّ العراقوفلسطين ضدّ فلسطين والمسلمين ضدّ المسلمين. هذا كله وجدار شارون الهانئ في غيبوبته، يقضم شجرة تلو أخرى تحت أعيْن مجلس الأمن... مجلس أمن إسرائيل. هذا كله في ظلّ تقرير دولي يبشرّنا بحروب مستقبلية، ليْس من أجل النفط النادر هذه المرّة، إنما من أجل ما تغنيْنا يوماً بغزارتِه: الماء! وما زلنا نملك الجرأة بأن ننعت قممنا بالقمم، قمم الهروب إلى الأمام والاحتيال على الواقع وتأجيل جنازة العروبة. غداً، وبعدما شطبنا كلمة"أفعال"من قواميسنا، سنستنكر أشدّ الاستنكار تقسيم العراق إلى دويلات. كما سنندد بإنشاء إسرائيل كنيساً تحْت المسجد الأقصى، وسندين بشدة إنجازها خطة الفصل في الضفة وقيام سجن فلسطينيّ كبير يسمّى - تخفيفاً ? في ما بعد بپ"الدولة". وبالتالي، أمِنَ المستغرب أن نرى أنفسنا أمام لوحة سورْيالية؟ لوحة أسْوَدُها ينهش ما تبقى من أبيضِها. لوحة معروضة بأبخس الأثمان في معرض المجتمع الدولي... ولا من يشتري. لوْحة بلا اسم ولا إمضاء... ولا من يجرؤ أنْ ينطقَ:"أنا الرّسام". باسل الخليل - بريد الكتروني