تحولت الملفات السياسية الخلافية إلى العنصر الأبرز في التجاذبات الدائرة في أوكرانيا لتشكيل الحكومة الجديدة، ووضع حزب السلطة شروطاً تعجيزية لإقامة تحالف مع حزب"الأقاليم"المعارض الفائز في الانتخابات البرلمانية، فيما تباين تقويم موسكو وواشنطن لنتائج الاستحقاق الانتخابي. وأعلنت أمس في كييف أول حصيلة شبه رسمية لعمليات الاقتراع، بعدما أنهت لجنة الانتخابات المركزية فرز بطاقات الاقتراع. وحصل حزب"الأقاليم"الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق فيكتور يانوكوفيتش على نقطتين إضافيتين، ليصل إلى نحو 32 في المئة، موسعاً الفارق بينه وبين حزب يوليا تيموتشينكو الليبرالي الموالي للغرب الذي حصد 23 في المئة من الأصوات، فيما تراجعت نسبة أصوات حزب"أوكرانيا لنا"الحاكم إلى أقل من 14في المئة. واتخذ الجدل الدائر حول تحالفات ما بعد الانتخابات منحى جديداً أمس، بعدما نشر الحزب الاشتراكي الذي حل رابعاً بأصوات نحو 7 في المئة من الناخبين، مشروع مذكرة تفاهم لتشكيل تحالف مع طرفي"المعسكر البرتقالي"الحزب الحاكم وتكتل يوليا تيموتشينكو، وشدد أحد مسؤولي الحزب على إن الاشتراكيين الذين باتوا في موقف مرجّح في التحالفات، لن يتحالفوا مع المعارضة، ما يعني أن الخيار الوحيد لمشاركة حزب يانوكوفيتش القريب من موسكو في الحكومة المقبلة بات عبر صفقة سياسية مع الرئيس فيكتور يوتشينكو نفسه. لكن الخلافات السياسية المستعصية بين الجانبين ظهرت أمس بإعلان وزير الخارجية بوريس تاراسيوك المقرب من الرئيس، إمكان فتح حوار مع حزب"الأقاليم"إذا نفذ زعيمه فيكتور يانوكوفيتش ثلاثة شروط، هي:"التخلي عن فكرة الفيديرالية وسحب مقترح منح اللغة الروسية صفة رسمية كلغة ثانية والاعتراف بطريق تكامل اوكرانيا مع أوروبا". ورأى مصدر أوكراني تحدثت معه"الحياة"أن هذه الشروط"تعجيزية"، لأن يانوكوفيتش الذي يتمتع بشعبية واسعة في المناطق الشرقية من أوكرانيا الناطقة بالروسية"لن يتخذ خطوات تتعارض مع مصالح ناخبيه"، معتبراً الاقتراحات"تكرس مسألة تقسيم أوكرانيا إلى شطرين، أحدهما قريب إلى روسيا والآخر إلى الغرب". وكان ناطق باسم يانوكوفيتش شدد على رفض الحزب التراجع عن سياسته، وشن هجوماً عنيفاً على"أطراف تسعى إلى تصويرنا طابوراً خامساً للروس"وقال إن حزبه يقترح فيدرالية"على الطريقة الغربية تحمي مصالح وحقوق كل الأطراف". وأضاف أن الحزب يدعو إلى استئناف المباحثات بين أوكرانياوروسيا فوراً حول إنشاء المجال الاقتصادي الموحد. تباين أميركي - روسي إلى ذلك، ظهر تباين واضح في تقويم كل من موسكو وواشنطن لنتائج الانتخابات الأوكرانية، إذ أعربت وزيرة الخارجية الأميركية عن ارتياحها أمس لأن"أطراف الثورة البرتقالية حصدت مجتمعة أصواتاً أعلى من أصوات خصومها"وأعربت عن استعداد بلادها لمواصلة التعاون مع كييف. في المقابل، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأوكراني أكد خلاله حرص موسكو على تعزيز التعاون مع البرلمان المنتخب والحكومة المقبلة، ولفت إلى أهمية"ان نتائج الانتخابات أظهرت ميل غالبية الأوكرانيين إلى تعميق علاقات التعاون والشراكة مع روسيا"، في إشارة إلى تقدم حزب"الأقاليم"بنتيجة الانتخابات الأخيرة. على صعيد آخر، شن بوتين هجوماً عنيفاً على الولاياتالمتحدة واتهمها ب"اختلاق عراقيل لمنع انضمام موسكو إلى منظمة التجارة العالمية". وأوضح بوتين أثناء اجتماع عقد في الكرملين أمس مع مجموعة من رجال الأعمال الروس، أن موسكو استلمت من الجانب الأميركي لائحة بالمسائل التي تتطلب اتفاقاً إضافياً"على رغم أننا كنا نعتبر الجزء الأعظم منها متفقاً عليه منذ وقت طويل".