يعتزم الرئيس الفرنسي جاك شيراك التطرق الى"عقد الوظيفة الأولى"في حديث يدلي به"خلال الأيام المقبلة"على حد قول أوساطه أمس، وغداة تظاهرة الملايين التي كشفت مجدداً مدى خطورة الأزمة القائمة حول هذا العقد. ولم تحدد الأوساط لا موعد هذه المداخلة الرئاسية ولا صيغتها، التي ستكون مختلفة عن المداخلات العرضية التي أدلى بها شيراك منذ بدء الأزمة وعبّر من خلالها عن دعمه الكامل لرئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان، وعن تأييده لتوجهه القاضي بالتمسك بالعقد مع إبقاء باب الحوار مفتوحاً أمام تعديله. وكان الأمناء العامون للاتحادات النقابية الخمسة الكبرى وجهوا رسالة الى شيراك، طالبوه فيها بالتدخل لحل الأزمة عبر إلغاء العقد. ودعا الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض فرانسوا هولاند"السلطات العليا"في الدولة الى تحمّل مسؤولياتها وحلّ الأزمة. ويتوقع أن يأتي حديث شيراك في أعقاب القرار حول العقد المرتقب صدوره من المجلس الدستوري، وهو أعلى سلطة استشارية في فرنسا. ويمكن للمجلس ان يطالب بإلغائه أو أن يدعو الى ادخال تعديلات عليه أو أن يعتبر أن ليس فيه ما هو غير مطابق للدستور، بحيث تكون أمام شيراك مهلة تسعة أيام للمصادقة عليه. وبانتظار قرار المجلس الذي سيصدر اليوم أو غداً، خيم التوتر على الاجتماع الأسبوعي الذي عقدته الحكومة برئاسة شيراك، على رغم ان الوزير الناطق باسم الحكومة جان فرانسوا كوبيه أكد أنه لم يجر التطرق خلاله الى عقد الوظيفة الأولى الذي لم يدرج على جدول الأعمال. ويشكل مضمون مداخلة شيراك محوراً لتكهنات عدة، خصوصاً ان الرئيس الفرنسي بات يشكل السند الأخير لرئيس حكومته، الذي يقف في مواجهة الشارع والقوى اليسارية ويمين الوسط الممثل بحزب"الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية"، الساعي منذ مدة للاستقلال عن اليمين الديغولي. لكن الأقوى والأقسى بالنسبة اليه هو تخلي مسؤولين من غالبيته عنه، في هذا الظرف بالذات، بايحاء من وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الطامح للرئاسة. فاتساع نطاق التعبئة خلال التظاهرات حمل ساركوزي ومؤيديه الى تصعيد انتقاداتهم لدوفيلبان وأسلوبه. واعتبر وزير الداخلية أنه من الضروري اجراء"مفاوضات حقيقية من دون شروط مسبقة"وان التوصل الى تسوية"ليس أمراً مخجلاً". ولفت مستشار ساركوزي الوزير السابق باتريك ديفيد مان الى ان 90 في المئة من نواب حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"اليمين الديغولي باتت تطالب بتجميد العقد. الى ذلك، ذكرت الشرطة الفرنسية ان 787 شخصاً اعتقلوا على هامش التظاهرات.