عمّت شوارع باريس و150 مدينة فرنسية أخرى، تظاهرات شاركت فيها أمس، عشرات الآلاف من الطلاب والنقابيين الداعين الى سحب مشروع رئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان حول مكافحة بطالة الشباب، والذي بدأت الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان مناقشته أمس. وينص مشروع القانون على استحداث عقد عمل خاص بالشباب ممن هم دون الپ26 من العمر، يتيح للمؤسسات توظيفهم لمدة تجريبية عبارة عن سنتين، ويمكنها صرفهم متى تشاء لقاء تعويضات معينة. وكان دوفيلبان أعد مشروع القانون تحت وطأة النقمة المتصاعدة في اوساط الشباب الفرنسي، الذي يواجه صعوبات بالغة في سوق العمل، مما جعل فئات فرنسية واسعة تعتبر ان وظيفة الجامعات والمؤسسات التعليمية الفرنسية ليست سوى تخريج عاطلين من العمل. وراهن دوفيلبان على المرونة التعاقدية التي ينص عليها مشروع القانون، لاغراء أرباب العمل وحضهم على التوظيف. لكن هذه المرونة تشكل محور الرفض الذي يبديه الطلاب والنقابيون حيال المشروع. ويعتبر الرافضون الذين تؤيدهم غالبية نسبتها 54 في المئة من الفرنسيين، ان مشروع القانون يحوِّل الوافدين الجدد الى سوق العمل، يداً عاملة موقتة تفتقر للاستقرار، ويشكل مدخلاً للانقضاض تدريجاً على قوانين العمل القائمة في فرنسا والغاء الضوابط والقيود في مجال الصرف. وعلى رغم محاولات الشرح المتعددة التي قام بها دوفيلبان لاظهار الجوانب الايجابية لمشروعه، فإن قدرته على التحديث والاصلاح تواجه اختباراً فعلياً امام التعبئة المناهضة له في الوسطين الطالبي والنقابي، خصوصاً اذا استمرت بعد اقرار الغالبية البرلمانية اليمينية له. شعبية شيراك وتزامن هذا الاختبار مع استطلاع للرأي يشير الى تراجع في شعبية الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس وزرائه، بنسبة 7 نقاط للأول 37 في المئة و6 نقاط للثاني 52 في المئة. وفيما دوفيلبان منهمك في مواجهته مع الشارع الفرنسي، والتي تترتب عليها آثار بالغة الاهمية على صعيد فوزه بترشيح اليمين الحاكم لانتخابات الرئاسة سنة 2007، فإن الحزب الاشتراكي المعارض منهمك في تطويق التصاعد المستمر في شعبية زوجة امينه العام، النائبة سيغولين رويال. وكان استطلاع للرأي أجري يوم الجمعة الماضي، أشار الى انها قادرة على الفوز بالرئاسة والتغلب على وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الطامح بدوره لترشيح اليمين له، بحصولها على 51 في المئة من الاصوات في مقابل 49 في المئة للاخير. وهذا الاستطلاع الى جانب تصريح رويال بأنها تؤيد بعض سياسات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، في سياق تأكيد تمايزها عن المسؤولين الاشتراكيين، تسبب لها ولزوجها بسلسلة انتقادات جديدة في أوساط الزعماء اليساريين.