ساد الغموض المشهد السياسي في أوكرانيا بعدما فشلت أطراف"الثورة البرتقالية"في الاتفاق على تأسيس تحالف ضيق لمواجهة المعارضة الفائزة في الانتخابات النيابية، واتجهت الأوضاع نحو تأجيل البت في تشكيلة الحكومة المقبلة حتى إعلان النتائج النهائية، فيما سادت توقعات باحتمال لجوء الرئيس فيكتور يوتشينكو إلى"أصعب الخيارات"عبر التحالف مع خصمه السياسي القوي القريب من موسكو. لكن ألكسندر موروز زعيم الحزب الاشتراكي ذي الدور المرجح في أي تحالف مقبل، بعد حصده 7 في المئة من الأصوات، تحدث عن اتفاق مبدئي لتأسيس تحالف برتقالي رجح توقيعه خلال أسبوع. وعلى رغم مرور يومين على اعلان النتائج الاولية للانتخابات التي أعادت حزب"الأقاليم"المعارض الى الواجهة بعد حصوله على أكثر من 30 في المئة من أصوات الناخبين، فشلت الأطراف في حسم الموقف والتوصل الى اتفاق حول تركيبة الحكومة المقبلة ونهجها. وكانت رئيسة الوزراء السابقة يوليا توموشينكو التي حل تكتلها الانتخابي في المركز الثاني بحصوله على نحو23 في المئة من الاصوات، سعت الى تشكيل تحالف ضيق يضم أطراف"الثورة البرتقالية". لكن محادثات اليومين الماضيين اصطدمت باصرارها على تولي رئاسة أي حكومة ائتلافية، الأمر الذي يعارضه الرئيس يوتشينكو، بسبب مخاوف من تحولها الى"الطرف الاقوى القادر على فرض شروطه السياسية"بحسب مصدر في كييف تحدثت معه"الحياة"أمس. ولفت المصدر الى ان يوتشينكو يواجه ضغوطاً داخل حزبه"أوكرانيا بيتنا"الذي حلّ ثالثاً في الانتخابات، اذ يدعو فريق قوي داخل الحزب الى التحالف مع حزب"الأقاليم"المعارض على رغم الخلافات السياسية العميقة بين الطرفين. ورأى ان هذا التطور بات مرجحاً في حال وافقت المعارضة القريبة من موسكو على التوصل الى"صفقة سياسية"تحفظ للرئيس مواقعه، من خلال الاتفاق على تمديد ولاية الحكومة الحالية، خصوصاً ان التوصل الى اتفاق مع المعارضة سيمنح يوتشينكو فرصة للظهور ك"رئيس لكل الأوكرانيين". واللافت ان زعيم حزب"الأقاليم"فيكتور يانوكوفيتش الذي اطاحته"الثورة البرتقالية"أرسل امس اشارات ايجابية على هذا الصعيد، اذ أكد ان رئيس الحكومة المقبل يجب ان يكون مستقلاً. وشن مقربون من يانوكوفيتش هجوماً عكسياً بعد الاعلان عن مشاورات لاقامة تحالف"برتقالي"، اذ أكد نائبه يفغيني كوشنارييف ان الحزب"لا يخشى ان يبقى في المعارضة"وسيسعى لتشكيل معارضة قوية وفاعلة في حال اتفق"البرتقاليون"، لافتاً الى ان اي تحالف بين أطراف هذا المعسكر لن يعيش طويلاً بسبب التناقضات الداخلية. وبدأ الرئيس الاوكراني مشاورات مباشرة أمس مع زعماء الأحزاب الفائزة، وأحيط لقاء جمعه مع يانوكوفيتش بالتكتم اذ رفض الديوان الرئاسي الافصاح عن ما جرى خلاله، لكن الأخير أبلغ الصحافيين بعد اللقاء ان"الرئيس يريد قبل اي شيء ضمان الاستقرار في البلاد"، وزاد ان الطرفين اتفقا على تأجيل النقاش حول تشكيلة الحكومة المقبلة الى بعد ظهور النتائج النهائية للانتخابات، مما يعني استمرار حال التجاذب الجارية في الاسبوعين المقبلين. ولفت مراقبون الى اللهجة التي اعتمدها يوتشينكو في تصريحه الاول بعد ظهور النتائج، اذ شدد على أهمية"الاتفاق بين الأطراف على المبادئ السياسية قبل تشكيل أي تحالفات". واعتبر ان موضوع تشكيلة الحكومة يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية. ودخلت موسكو أمس للمرة الأولى على الخط عبر بيان أصدرته الخارجية الروسية أكدت فيه الاستعداد لفتح قنوات حوار دائم مع أي طرف في البرلمان والحكومة المقبلين. وعلى رغم تأكيد البيان احترام نتائج الانتخابات، شدد على انها أظهرت"ميل الأوكرانيين الى تعزيز علاقات الجيرة والشراكة مع روسيا"مما أعتبره المراقبون رسالة غير مباشرة لتشجيع الحوار الدائر مع حزب"الأقاليم"الذي يتمتع بشعبية كبرى في المناطق الأوكرانية الناطقة بالروسية.