شعار كأس العالم لكرة القدم 2006 في المانيا وقتٌ جيد لعمل أصدقاء، والفرصة بالفعل متاحة لأكثر من مليوني شخصي يزورون البلد الأوروبي الكبير وسط أوروبا خلال النهائيات من 9 حزيران يونيو الى 9 تموز يوليو المقبلين. ولكن المخاوف تبدو أكبر من إهدار هذا الشعار المثالي على يدي المئات - وربما الآلاف- من المشاغبين في عالم كرة القدم، ولا ينسى أحد الحادثة المؤسفة التي شهدتها العاصمة الايطالية روما قبل أسابيع قليلة خلال مباراة روما ضد ميدلزيرا الانكليزي، وتعرض خلالها ثلاثة من المشجعين المصاحبين للفريق الانكليزي للطعن خارج الملعب. أكبر المخاوف تأتي دائماً من الجماهير الانكليزية، والهولندية، والألمانية، والبولونية، والايطالية، وكلها تشارك بمنتخباتها في نهائيات المونديال، وكانت الأقدار رحيمة بالشرطة الألمانية أن القرعة لم توقع في تلك الدول إلا المانيا وبولونيا في مجموعة واحدة. الاستعدادات الأمنية لضمان سلامة المونديال وخلوه من الشغب وصلت ذروتها قبل شهور من انطلاق المسابقة، والمبادرة الفريدة التي نفذها الاتحاد الدولي"الفيفا"بالتعاون مع اللجنة المنظمة للنهائيات ببيع تذاكر المباريات بصفة شخصية لضمان عدم ذهابها الى المشاغبين المسجلين في البلاد المشاركة كانت ناجحة ورفضت اللجنة منح الآلاف من التذاكر للكثيرين ممن تقدموا لعدم استيفائهم للشروط الأمنية وللمرة الاولى، ايضاً سيكون الدخول الى الملاعب محدداً بوقت كاف قبل انطلاق المباريات، ودعا المسؤولون الألمان الجماهير للحصول على مقاعدهم في المدرجات قبل ساعتين على الأقل من صافرة البداية لأسباب أمنية، والوجود الباكر يتيح للشرطة التفتيش الدقيق عند دخول المشاهدين عبر الأبواب، ولن يسمح لأي حامل تذكرة بالدخول عبر الأبواب إلا مع بطاقة تحقيق الشخصية أو جواز السفر وفقاً للاسم والعنوان الموجود على الجانبين، وأتاحت اللجنة المنظمة للجماهير ساعات طويلة من المتعة والبهجة داخل الملاعب قبل المباريات لمواكبة قرار الذهاب الباكر الى الملاعب. والخوف الأكبر لدى الألمان يأتي من الجمهور الانكليزي الذي يتخطى عدد أنصاره 100 ألف متفرج يقطعون المسافة جواً وبراً لمشاهدة مباريات المنتخب في الدور الأول ضد باراغواي، والسويد، وترينداد، وتوباغو، ومن المنتظر ان يزداد العدد إذا أكمل الانكليز طريقهم في النهائيات الى الأدوار المتقدمة، والمباراة الاولى في فرانكفورت ضد باراغواي مساء 10 حزيران، هي الاختيار الحقيقي والأول لكل الأطراف. الاستعدادات لمواجهة الشغب الانكليزي بدأت بتعاون كامل بين شرطة البلدين، وخلال النصف الأول من آذار مارس 2006 أمضت مجموعة من رجال الشرطة الألمانية أياماً في المملكة المتحدة، واطلع الألمان على الملفات الكاملة للمشاغبين وجمعوا معلومات واقية عن أساليب الشغب في الكرة الانكليزية، واتفق الطرفان على مشاركة 78 شرطياً انكليزيا في عمليات الأمن خلال كأس العالم، وبينهم 70 شرطياً بالزي الرسمي وينتشر ثمانية منهم عبر البلاد الواقعة بين المملكة المتحدةوألمانيا ويذهب 44 شرطياً الى المانيا ومعهم 23 من رجال المخابرات وثمانية من المحققين لجمع الوثائق عن أي مخالفات خلال كأس العالم، وسيكون لأي دليل يجمعه المحققون من المانيا الأثر الأكبر عند توقيع العقوبات على المخطئين سواء كانت المخالفة في المانيا أم المملكة المتحدة أم البلاد الواقعة بينها، ولن تسمح انكلترا أساساً للمشاغبين بمغادرة حدودها خلال النهائيات. وحرص عمدة فرانكفورت اخيم فاندرايكي ورئيس شرطة فرانكفورت الدكتور أخيم ثيل على الاجتماع في لندن مع قادة وزارة الداخلية البريطاني بول غوغينيز، وأكدا ان فرانكفورت ترحب بكل المشاهدين الانكليز من دون مخاوف أو قيود زائدة، وأن المدينة الألمانية ستعطي فرصة رائعة لضيوفها ممن لا يحملون تذاكر المباراة لمشاهدتها عبر شاشتين عملاقتين في اكبر ميادين فرانكفورت، ويمكن لأكثر من 30 ألفا الحضور أمام الشاشتين وللمرة الاولى تضع المدينة شاشة عائمة في منتصف مجرى نهر ماين، ليتمكن العابرون داخل وحول النهر من مشاهدة أحداث المباراة. وتلقى فاندرايكي وايتل أخبارًا مشجعة من غوغينز حول انخفاض أحداث الشغب في انكلترا وعبر العامين الاخيرين لم تشهد مباريات منتخبي انكلترا وويلز في داخل الحدود أي حادثة قبض على أي مشجع، وفي المقابل لم يصل عدد المقبوض عليهم في المباريات الخارجية لانكلترا وويلز إلى 6 أفراد فقط. وعلى الصعيد المحلي، ارتفعت قائمة المشاغبين الممنوعين من السفر الى المانيا الى رقم قياسي 3153 شخصًا والغالبية من أنصار ليدز يونايتد 176، في مقابل 133 من جمهور بورتسموث، و101 من مانشتسر يونايتد، وشكلت جماهير لندن العنصر الأفضل على الإطلاق بين الجماهير الانكليزية. وأشار غوغينز ان متوسط أحداث القبض على المشاغبين هبط في السنوات الثلاث الأخيرة ليصل الى متفرج واحد لكل مباراة. وطلبت وزيرة الثقافة والرياضة البريطانية يتسا جاول من الجماهير المسافرة الى المانيا الالتزام بالروح الرياضية ورفع الرؤوس عالياً واحترام تقاليد البلد المضيف، وأكدت ضرورة عدم الإشارة على الإطلاق بتحية النازية وهي التحية الممنوعة قانوناً في ألمانيا لأنها تعيد للأذهان الذكرى البغيضة للنصف الأول من القرن الماضي، وأي مخالفة لتلك التعليمات يمكن أن تؤدي إلى إثارة واستفزاز الألمان وتشعرهم بالإهانة.