طويت ازمة اعتكاف الوزراء الشيعة الخمسة عن حضور اجتماعات الحكومة اللبنانية امس، بعد زهاء 6 أسابيع على تعليق حركة"امل"و"حزب الله"عضوية وزرائهما، احتجاجاً على تصويت الأكثرية في مجلس الوزراء في 12 كانون الأول ديسمبر العام الماضي على الطلب الى مجلس الأمن الموافقة على محاكمة ذات طابع دولي للمتهمين في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وتوسيع التحقيق الدولي ليشمل الجرائم الأخرى، وكان آخرها في اليوم ذاته اغتيال الزميل النائب جبران تويني. وجاء المخرج لإعلان عودة الوزراء الخمسة بعد قول رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في الجلسة النيابية التي عقدت امس"لم نسمّ المقاومة بغير عبارة المقاومة الوطنية"، مؤكداً التزامه بما نص عليه البيان الوزاري، في هذا الصدد. وأضاف السنيورة، بعد الإشارة الى دور المقاومة في تحرير الأرض:"أكرر اننا لم نسمها ولن نسميها طالما تقوم بهذا العمل، إلا بالمقاومة اللبنانية، ونحن ملتزمون حماية الأراضي اللبنانية والدفاع عن ارضنا وتضحيات اللبنانيين والمقاومة". وجاء كلام السنيورة بعد اسابيع من التفاوض على مخرج، تدرج خلالها موقف الثنائية الشيعية من المطالبة بنص مكتوب يعتبر القرار 1559 نفذ لبنانياً، الى اشتراط صدور عبارة عن مجلس الوزراء تشدد على ان المقاومة ليست ميليشيا، للعودة عن اعتكاف الوزراء الخمسة، في مقابل رفض قوى في الأكثرية المطلب الأول واشتراطها في مشاريع النصوص التي تداولها المعنيون كمخرج، ان تتضمن حصر المقاومة في تحرير مزارع شبعا ومطالبة سورية بتشريع لبنانيتها، والدفاع ازاء الاعتداءات الإسرائيلية، والتأكيد على المحاكمة الدولية وتوسع التحقيق الدولي، وغيرها من المطالب وهو ما رفضه"حزب الله"، وإلا فالاكتفاء بما نص عليه البيان الوزاري حول المقاومة لإنهاء ازمة الاعتكاف. وكان الاعتكاف اطلق سجالات ومناكفات سياسية واتهامات متبادلة، لا سيما بين رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي طالب"حزب الله"بالولاء للبنان اولاً وبدعوة سورية الى القبول بتشريع لبنانية مزارع شبعا، وبين قادة الحزب وخصوصاً الأمين العام السيد حسن نصر الله الذي اضطر للمرة الأولى الى النزول الى ميدان المواقف الخلافية مع اطراف داخلية. وظهر الزعيمان على شاشات التلفزة مرات وفي مناسبات جماهيرية في هذا السياق. وأنهى السجال ما يسمى بالتحالف الرباعي الذي نشأ في ربيع العام الماضي قبل الانتخابات النيابية والذي تشكل من جنبلاط ونصر الله وبري وزعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري. ولعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري دوراً في اعتبار كلام السنيورة مخرجاً للأزمة امس، وهو كان بذل جهداً في هذا الصدد مع رئيس الحكومة والسيد نصر الله. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"انه جرى"طبخ"المخرج خلال الساعات ال 24 الماضية، خصوصاً ان السنيورة كان التقى الأمين العام ل"حزب الله"ليل الثلثاء - الاربعاء الماضي. وفور إلقاء السنيورة كلمته في المجلس النيابي امس بعث بري بنصها الى نصر الله داعياً الى التجاوب مع كلام رئيس الحكومة الذي صفق له النواب بعد القائه إياها. وفيما كان مجلس الوزراء منعقداً عصراً برئاسة السنيورة، في غياب الوزراء الخمسة، اجتمعت قيادتا حركة"امل"و"حزب الله"، وقررتا العودة عن الاعتكاف. وعقد النائب علي حسن خليل عن"امل"والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل مؤتمراً صحافياً اعلن خلاله الأول البيان الآتي:"بعد الموقف الذي ادلى به دولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة رداً على سؤال نيابي حول الاعتداءات الإسرائيلية ودور المقاومة وموقف الحكومة منها، وذلك خلال الجلسة العامة للمجلس النيابي والمخصصة للأسئلة والأجوبة، والذي اكد فيه ما يلي: نقدر معنى السيادة التي استطاع ان يحققها لبنان بتحرير ما تم تحريره من الأرض، والتي كان للمقاومة الشرف لما حققناه". وأضاف:"اننا لم نقم يوماً بتسمية المقاومة بغير اسم المقاومة ولم نستعمل أي عبارة غير عبارة المقاومة الوطنية". وأكد:"نحن في الحكومة ملتزمون تمام الالتزام البيان الوزاري الذي حصّلنا الثقة على اساسه، وهي ملتزمة الحكومة وتحديداً بتلك الفقرة العائدة لدور المقاومة الوطنية التي يشاركنا جميع اللبنانيين في تقدير الدور الذي لعبته في تحرير الأرض، والتي يثمّن دورها جميع اللبنانيين والعرب"، و"بأننا نكرر انه لم ولن نسميها إلا المقاومة الوطنية اللبنانية". من هنا وانطلاقاً من هذا الموقف وبعد التفاهم على السعي الجدي والأكيد للتوافق حول الأمور الأساسية وفقاً لروح الدستور... قررت قيادتا"حزب الله"وحركة"أمل"عودة ممثليهما الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء". ورداً على سؤال، قال النائب خليل ان"الموضوع انتهى على قاعدة إعلان الرئيس السنيورة انه لم ولن يسمي المقاومة إلا المقاومة الوطنية اللبنانية"، مضيفاً انه"عندما يتكلم الرئيس السنيورة في الجلسة ويلقى كلامه تصفيقاً من الجميع، نعتبر في ذلك ضمانة حقيقية". ووصف الخليل موقف السنيورة بال"كبير"، معتبراً انه"يمثله ويمثل كل الحكومة ونثق بالتزامه". وعما اذا كانت العودة تهدف الى تأمين غطاء سياسي للمقاومة، قال الخليل:"لم تكن المقاومة بحاجة الى غطاء سياسي في أي يوم مضى، حتى تحتاج له اليوم، والموقف الذي ادلى به الرئيس السنيورة كما الكلام الوارد في البيان الوزاري كان وما زال يشكل الغطاء السياسي". ورداً على سؤال عن إمكان العودة الى الاختلاف في مجلس الوزراء حول قضايا اخرى، قال النائب خليل:"نحن كقوى سياسية تمثل تيارات داخل الحكومة، نعبر عن موقفنا السياسي، وأتمنى أن لا نصل الى مرحلة نكرر فيها ما جرى بعد التفاهم الأخير على السعي الجدي للتفاهم على القضايا الأساسية قبل طرحها على مجلس الوزراء وفقاً لروح الدستور". ورد الحاج حسين الخليل قائلاً:"لماذا التشاؤم منذ الآن؟". وعلق على إمكان الاختلاف مجدداً حول المحكمة الدولية بالقول:"الجميع يعرف ان مسألة المحاكمة الدولية ستناقش في مجلس الوزراء ليتخذ قرار في شأنها, وأوضح ان رئيس الحكومة اعلن ان دوره هو ان يؤمن تفاهماً بين القوى الموجودة في الحكومة قبل وأثناء اجتماع مجلس الوزراء. ورأى النائب خليل ان قضايا مثل ترسيم الحدود بين لبنان وسورية وغيرها الكثير قد يحصل عليها خلاف تحتاج الى التوافق عليها وفق روحية الدستور وفي مجلس الوزراء، وستكون هناك نقاط خلافية لكن سيكون هناك تشاور وسعي الى التوافق. وأوضح النائب خليل ان عودة الوزراء الخمسة الى الحكومة فتحت الباب لإطلاق المبادرة الحوارية للرئيس بري والمناخ بات مهيأ الآن اكثر للتجاوب مع المبادرة التي سبق للأطراف ان ناشدته العمل من اجلها. وعلمت"الحياة"ان عودة الوزراء الشيعة الى طاولة مجلس الوزراء ستتيح الفرصة امام الحكومة للانصراف فوراً الى تحضير الملفات التي ما زالت عالقة تحديداً التعيينات الإدارية والمناقلات الديبلوماسية، تمهيداً لإقرارها على اساس وضعها في سلة واحدة. وأكدت مصادر وزارية ان هناك رغبة لدى الحكومة في التحضير لعقد مؤتمر"بيروت - 1"للدول المانحة من اجل مساعدة لبنان لإيجاد الحلول للمشكلات الاقتصادية والمالية، مشيرة الى ان عودة الوزراء ستفتح في المجال للتحضير للزيارة المرتقبة لمدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان لدمشق وبيروتن في محاولة لتهدئة الأجواء، لا سيما ان القاهرة كانت نصحت بضرورة استيعاب الأزمة الوزارية في لبنان لأن لا مصلحة في استمرارها. الحريري يرحب ورحب الحريري ليلاً بعودة الوزراء الشيعة، وأشاد بمداخلة السنيورة في البرلمان، واعتبرها"مبادرة مسؤولة تعزز وحدة الموقف الوطني تجاه الاحتلال الإسرائيلي وسائر القضايا الأساسية الوطنية". ودعا الحريري الحكومة الى"تفعيل عملها في المرحلة المقبلة في ضوء الاستحقاقات الكثيرة المطروحة عليها، لا سيما لجهة ما ورد في البيان الوزاري في خصوص معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والدفع قدماً لإنجاح مؤتمر"بيروت - 1". من جهة ثانية، افادت وكالة"فرانس برس"ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك سيعلن غداً السبت اصدار ميدالية نقدية تكريماً لذكرى الرئيس الحريري الذي اغتيل في شباط فبراير 2005، كما أكد قصر الإليزيه امس.