بعد مرور ثلاث سنوات على الاحتلال الاميركي للعراق تغيرت طبيعة الصراع القائم فيه تدريجيا، ما يضع الاستراتيجية الاميركية امام تحدي اندلاع حرب أهلية في هذا البلد، وسط تفاقم التوتر القائم بين طوائفه. واهتزت خطط واشنطن مع اندلاع اعمال عنف طائفي بين العراقيين في وقت كانت الولاياتالمتحدة تتقدم في تدريب القوات العراقية للحلول مكانها في التصدي للمتمردين السنة. وقال الضابط السابق خبير الشؤون العسكرية في جامعة بوسطن الاميركية آندرو باسيفيتش"كانت هناك استراتيجية لمواجهة المتمردين. وحتى الساعة لا يبدو ان هناك استراتيجية لمواجهة حرب اهلية". وتحاول هيئة اركان الجيوش الاميركية التأقلم مع المشهد المستجد في العراق منذ تدهورت الاوضاع بعد تفجير مرقد الامامين الهادي والعسكري في سامراء شمال بغداد في 22 شباط فبراير. وتمكن قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال جورج كايسي المتخوف من تفاقم اعمال العنف في ذكرى اربعين ايام الحسين التي تبلغ ذروتها 20 آذار مارس، من تعزيز قواته بفوج مشاة مؤلل مؤلف من 700 الى 800 جندي. ومع ان هذه التعزيزات التي استقدمت من الكويت محدودة، الا انها مؤشر الى ان تخفيض عديد القوات الاميركية العاملة في العراق والبالغ 133 الف جندي، قد لا يكون مطروحاً على المدى القريب. وبدأت الاستخبارات العسكرية الاميركية بدراسة تصورات مختلفة للحرب الاهلية المحتملة. وقال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد للصحافة الاميركية"نحاول تحديد وتعريف مختلف عناصر الحرب الاهلية، اضافة الى مظاهرها وتطورها"، معترفا بأن"الامر ليس سهلا". ولا تزال الاستراتيجية الاميركية مبنية حتى الساعة على دفع الجيش العراقي والشرطة العراقية الى الخطوط الامامية في مواجهة اعمال العنف الطائفي. وبلغ عديد القوات الامنية العراقية حتى الساعة 230 ألف عنصر. وتم تجهيز حوالي مئة فوج نحو ثمانين ألف عنصر وتدريبهم على عمليات ضد المتمردين. وتسلم 49 فوجاً السيطرة على مناطق مختلفة من العراق. وثمة 27 فوجاً من عناصر الشرطة المدربين والمسلحين تابعين لوزارة الداخلية العراقية. بيد ان الحال في العراق تطورت من مواجهة مع المتمردين السنة الى اعمال عنف طائفي قد لا تكون القوات العراقية قادرة على مواجهتها. واعرب القادة العسكريون الاميركيون عن ارتياحهم لاداء القوات العراقية خلال احداث سامراء. بيد ان المحلل في معهد"بروكينغز"للدراسات مايكل هانلون يشكك في حظوظ نجاح استراتيجية تقوم على دفع القوات العراقية الى الخطوط الامامية، في حين يشير محللون آخرون الى ان هذه القوات هي أحد العوامل المسببة لاندلاع اضطرابات طائفية. وبعد اعتداءات سامراء تركت القوات العراقية الساحة خالية امام الميليشيات الشيعية في بعض مناطق بغداد. كذلك تعرض عشرات المدنيين للتصفية على يد مسلحين ارتدوا لباس القوى الامنية، ما فاقم التوتر. ويرى المحلل في"معهد العلاقات الخارجية"ستيفان بيدل ان استراتيجية الاعتماد على القوات العراقية كما هي الحال الآن، كانت لتصلح لو ان البلاد تعيش حالة تمرد شعبي على الطريقة الماوية. واضاف في حوار مع صحيفة"انترناشونال هيرالد تريبيون"انه"في حال اندلاع حرب اهلية، فان وضع القوات العراقية في الواجهة يصب الزيت على النار". وتابع:"ينظر السنة الى القوات العراقية على انها ميليشيات خاصة كردية وشيعية. وسيزيد تعزيز قوتها من تصاعد الشعور بالخطر عند السنة الذين سيكافحون من اجل البقاء".