أحيا الرئيس جورج بوش عقيدته للضربات"الوقائية"ووضعها في صلب السياسة"الدفاعية"الأميركية، ضمن استراتجيته الجديدة للأمن القومي، معتبراً التهديد النووي الإيراني"التحدي الأكبر"أمام الولاياتالمتحدة اليوم، ومؤكداً"وجوب نجاح الديبلوماسية لتفادي المواجهة". وتبنى الرئيس الأميركي في وثيقة صدرت أمس سياسة"استيعاب فصائل عراقية متمردة ضمن العملية السياسية، لافتاً الى أن أمام"حركة المقاومة الإسلامية"حماس"فرصة نحو السلام بالتخلي عن الإرهاب وتغيير علاقتها مع إسرائيل". وخصصت الوثيقة الواردة في 49 صفحة قسماً لأزمة الملف النووي الايراني، مشيرة إلى أن"ليس هناك تحد أكبر من إيران". وشددت على مبادئ الضربات"الوقائية"واستعمال القوة لكبح التهديدات، لكنها اعتبرت أن"على الجهود الديبلوماسية أن تنجح لتفادي المواجهة"مع طهران. واتهمت إيران ب"دعم منظمات إرهابية وتهديد إسرائيل وتخريب العملية الديموقراطية في العراق"، وألحقت سورية بالنظام الإيراني في الاشارة الى"الأنظمة الاستبدادية والقمعية الداعمة للإرهاب". وكررت التمسك بالعقيدة الانفرادية للرئيس بوش عام 2002، المرتكزة الى حق الولاياتالمتحدة في أن تتحرك وحدها إذا لزم الأمر، لكنها أكدت"التعاون الدائم"مع الحلفاء. وجددت التزام الإدارة الأميركية"مبادئ تعزيز الحرية والديموقراطية في الشرق الأوسط"، مشيدة بالتغييرات في لبنان والانتخابات المصرية وانتخابات المجالس البلدية في السعودية. ورسمت الوثيقة في الصفحة 13 الإستراتيجية السياسية المعتمدة في العراق مع حلول الذكرى الثالثة للحرب، والتي تتمثل ب"عزل عناصر العدو المتشددة وغير القابلة للعملية السلمية"والعمل من اجل"الانخراط مع هؤلاء خارج العملية السياسية ممن لديهم استعداد للابتعاد عن العنف ودعوتهم إلى تلك العملية". الى ذلك، أكدت الوثيقة أن أمام"حماس فرصة ومسؤولية لتبني مبادئ الحكم الديموقراطي"، وطالبت الحركة ب"نبذ العنف والإرهاب ونزع سلاحها، والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود"تمهيداً للوصول الى الحل الذي يستند الى قيام دولتين. واعتبر البيت الأبيض في وثيقته أن كوريا الشمالية تشكل"تحدياً خطراً"في ما يتعلق بانتشار الأسلحة النووية، مشدداً على أن واشنطن ستواصل ضغطها من اجل استئناف المحادثات السداسية المتعلقة بالبرنامج النووي لبيونغيانغ، على رغم سجل كوريا الشمالية"الطويل والكئيب في النفاق والمفاوضات غير المخلصة". وتعد الوثيقة الأميركية الجديدة للأمن القومي استكمالاً لوثيقة صدرت عام 2002 وعدلت عن سياسة"الحرب الباردة"لاحتواء الاتحاد السوفياتي السابق، وكانت دعت إلى ضربات وقائية ضد الدول المعادية أو الجماعات"الإرهابية"، وهي سياسة استخدمت لشن الحرب على العراق. ولكن بعد ثلاث سنوات على غزو الولاياتالمتحدةالعراق والذي تسبب في توتر العلاقات الدولية، أكدت الوثيقة الجديدة الحاجة إلى الديبلوماسية، معتبرة ان"النتائج الدائمة التي يمكن أن نحققها في العالم من دون التعاون المستمر مع حلفائنا وشركائنا قليلة". وعكست الوثيقة تحفظات واشنطن ازاء تراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المسار الديموقراطي، وربطت تعزيز العلاقات مع موسكو بالسياسة الخارجية التي تتبناها روسيا خصوصاً في ما يتعلق بالشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرقها، وآسيا الوسطى. كما عبرت الوثيقة عن القلق الأميركي حيال الصين التي اعتبرتها"متمسكة بطرق قديمة في التفكير والعمل، ما يزيد المخاوف في المنطقة والعالم."وأكدت أن أبرز النقاط المثيرة لقلق واشنطن من بكين زيادة عناصر الجيش في صمت وتوسيع التجارة، ورأت أن بكين"تتصرف كما لو كان بامكانها أن تقفل"خطوط إمدادات الطاقة في العالم"أو تسعى إلى توجيه الأسواق بدلاً من فتحها". من جهة اخرى، اعلن ستيفن هادلي مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي ان الجهود الديبلوماسية الجارية لإقناع ايران بوقف تخصيب اليورانيوم"يجب ان تنجح لتفادي مواجهة"عسكرية. واكد ان استخدام تعبير"مواجهة"لا يعني الاعتماد في شكل متزايد على القوة العسكرية وحدها، مشيرا الى ان هدف اميركا هو"حماية نفسها"من تهديد استخدام اسلحة الدمار الشامل ضدها وضد حلفائها. وقال ان واشنطن تسعى الى تغيير تصرفات النظام الحاكم في طهران"وليس تغيير النظام الايراني"الذي دعاه الى الاهتمام في تحسين مستوى حياة الشعب الايراني. واضاف ان بلاده تتمسك بعقيدة الضربة الاستباقية"حتى ولو لم يبدو الخطر داهما او وشيكا"، مشيرا الى ان طبيعة التهديدات الارهابية المدعومة من دول ترعاه ليست تهديدات تقليدية يمكن احتواؤها بعد تنفيذها على غرار تحريك الجيوش والطائرات الحربية التي يمكن رصدها. ولفت هادلي الى ان الاستراتيجية التي تعتمد مبدأ الضربة الاستباقية لم تتغير منذ اعلانها في ايلول سبتمبر 2002، بعد عام على الهجمات الارهابية في نيويوركوواشنطن، رغم انها شهدت تطويرات وتعديلات ترتبط بالتطورات الدولية وطبيعة التهديدات الجديدة. واعتبر ان العالم سيكون في وضع افضل"حين يفهم الحكام المستبدون انهم يخاطرون بأنفسهم عندما يسعون للحصول على اسلحة دمار شامل". وقال ان عقيدة الرئيس بوش"لا تفرق بين الارهاب والدول التي تحميه وترعاه.... واذا رأينا ان من الضروري ان نحمي انفسنا باستخدام القوة، فسنفعل ذلك حتى ولو لم نعلم توقيت ونوعية التهديد الذي نواجهه."واوضح ان طريقة التعامل مع التهديدات المختلفة تختلف بإختلاف الظروف، مشيرا الى انه في حال التدخل الايراني في العراق، كلفت سفيرها في بغداد زلماي خليل زاد للتفاوض مع الحكومة الايرانية لإقناعها بوقف دعمها للإرهاب"الذي يقتل العراقيين والاميركيين"، معتبرا ان العلاقات بين ايرانوالعراق يجب ان تكون نتيجة للحوار بين القادة العراقيينوالايرانيين وليس بين واشنطنوطهران. ولفت الى ان اميركا تابعت مسارا ديبلوماسيا مع العراق لمدة 12 عاما قبل ان تلجأ الى الخيار العسكري بعد استنفاذ الوسائل السلمية. وكرر ان مشكلة ايران ليست مع الولاياتالمتحدة وحدها، بل المجتمع الدولي، و"على النظام الايراني ان يقرر ما اذا كان خياره يصب في صالح الشعب الايراني". وفي اشارة الى فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية، قال هادلي ان على الحركة الاسلامية ان تقتنص الفرصة لتكون"شريك سلام، وعندها سنساعدها على التقدم في خدمة الشعب الفلسطيني". واعاد التأكيد على الحاجة في المنطقة الى"ديموقراطيات فعالة"كوسيلة لمحاصرة التطرف والارهاب من خلال التعاون مع المجتمع الدولي لبناء مجتمعات ناجحة.