تتزامن الذكرى العشرون لظهور الفيروس الالكتروني مع الانتشار السريع لفيروس انفلونزا الطيور! ليست مُصادفة سارة: ما استطاعت البشرية أن تتخلص من وباء حواسيبها، ولا هي تقدر راهناً على احتواء فيروس يبيد دواجنها ويُهَدّد ناسها. وتصادفت الذكرى الالكترونية مع ظهور أول فيروس يستطيع ضرب الشيفرة الاساسية لنظام"ماكنتوش"، بعد طول اعتيادها ضرب نظام"ويندوز"، أي أنه صار قادراً على ضرب نوعين من الاجهزة. ويُشبه ذلك القول ان فيروس الطيور يستطيع ضرب الدواجن كثيراً وأساساً والبشر قليلاً، وهما نوعان من الكائنات الحيّة. أما الأكثر تشاؤماً أو تعقلاً؟ فيرون ان الشبّه بين فيروسات الكومبيوتر والبشر، قد تتعمق مستقبلاً عندما تُصبح الفيروسات الالكترونية قادرة على ضرب العقل الانساني! ليس احتمالاً بعيداً، طالما ان الفيروسات الرقمية تطورت لتضرب الأجهزة الذكية كافة، ومن ضمنها الكومبيوتر والخليوي المتطوّر والمساعد الرقمي الشخصي وخوادم الشبكات وغيرها. ويدعم هذا الاحتمال ان التكنولوجيا المعلوماتية تستطيع راهناً التعامل مع الدماغ البشري وأعصابه في صورة مباشرة. فمثلاً، يستطيع الحاسوب الذي يُدير روبوت"هال"ان يتسلم إشارات الدماغ ويُتحرك بموجبها. وكذلك يستطيع العلماء راهناً، ان يرصدوا بعض العلاقات بين ما يُفكر به الانسان والاشارات الكهربائية التي تسري في دماغه. هل بتنا قريباً من الوصول الى الشاطئ الآخر: أي نقل المعلومات والاشارات من الكومبيوتر الى الدماغ الانساني؟ حينها، تُصبح مسألة ظهور فيروس الكتروني يضرب العقل البشري، مُجرد مسألة وقت! تاريخ يبدأ من الاقراص المرنة ويُرجح ان الفيروس الأول حمل اسم"براين"، وصُنع ضمن مختبرات البنتاغون الاميركي، في إطار التجارب الأولى لصنع شبكة الانترنت، التي سُميّت، حينها،"اربانت" Arpanet وكانت مُعدّة لتلبية الاحتياجات العسكرية لنظام الصواريخ والقنابل الذرية. والحال انه صُنع في إطار المزاح بين العلماء، الذين تحدوا بعضهم بعضاً عبر انتاج برامج تُسيّطر على كومبيوتر الخصم. وفي بداياته، كان يتسرب عبر الاقراص المرنة، لذا تمثّل أول أُسلوب للوقاية في عدم استعمال اقراص غير مأمونة المصدر. ولأن ذلك حدث في الثمانينات، بدا الامر وكأنه يُشبه الوقاية من فيروس الايدز، أي عدم الدخول في علاقة غير مأمونة. وحينها، لزم الفيروس الالكتروني أشهراً، بل وسنوات، لينتشر على نطاق واسع. وكذلك لم يكن شديد الضرر، ويكتفي بتسمية الملفات التي يضربها بأسمه، من دون تغيير محتواه ولا محوه. كما إحتوى على اسم مخترعه وعنوانه ورقم هاتفه! وينطبق ذلك الوصف على فيروس"أكبر"الذي صنعه الأخوان الباكستانيان باسط وآمياد الفي، بهدف الترويج لشركتهما. وفي عام 1987 ظهر"ليهاي": أول فيروس يتمتع بقدرة إلحاق الضرر مباشرة بالملفات الرقمية. كما أطلق روبير موريس، الطالب في جامعة كورنل الاميركية، فيروساً أصاب أكثر من 600 نظام حاسوبي في الولايات المتّحدة. وحكم على الطالب على أثره بالسجن أربع سنوات، وبدفع غرامة قدرها 10 آلاف دولار. ومع إنطلاقة الإنترنت، تنوعت الفيروسات لتشمل الديدان وأحصنة طروادة وغيرهاانظر الغرافيك. وأحدث مثال عليها هو الهجمة المخادعة التي استهدفت مستخدمي برنامج التحادث الفوري في متصفح"ياهوو"Yahoo! . واتخذ شكل رسالة تحث على ولوج موقع إلكتروني مُغر. وفي حال الاستجابة، فإن الموقع يطلب الاسم وكلمة السر، ثم يسربها الى بعض قراصنة الكومبيوتر، الذين يُسمّون"هاكرز"أيضاً. وأحدث أنواعه يسمى"سباي وير"الذي يتخصص بالتجسس على الكومبيوتر، وينقل معلومات أساسية عنه الى صانع الفيروس. ويعتبر من الأشكال الصعبة من الفيروسات الالكترونية. فكيف هي صورة الفيروس الالكتروني في أذهان جمهور الكومبيوتر العربي؟ هنا أضواء من أكثر من بلد عربي.