في عدد من قرى ريف دمشق، تنمو ظاهرة غريبة يُطلق عليها اسم"زواج المقايضة"بمعنى أن يتزوج الشاب فتاة يتعهّد أخوها بالزواج من أخت الشاب الأول. أكرم في منتصف العقد الثالث من العمر يقول:"تزوجت وعمري 23 عاماً من فتاة تكبرني بثماني سنوات. كان سبب زواجي من هذه الفتاة أنّ لدي أختاً بلغت الثلاثين من عمرها ولم تتزوج". وبعدما عرض عليه ابن حميه بأن يتزوج أخته مقابل اقتران اكرم بزوجته الحالية، وافق هذا الأخير والسبب الأساسي هو أن"تنستر"شقيقته. ويعتبر أكرم أنّه"ضحّى"كي لا تبقى أخته عازبة أو تصل إلى مرحلة العنوسة. واذا كان"زواج المقايضة" أتى نتيجة خوف الأخ على بلوغ أخته مرحلة العنوسة، فانّ عواقبه كارثية. فنادية أضحت مطلّقة بعد زواجها من طريق المقايضة. تمنّت نادية الموت بعدما كانت السبب في طلاق زوجة أخيها. إذ أنّ زواجها كان الشرط ليقوم أخوها بتزوّج امرأته الحالية التي سرعان ما طلّقها بعدما تطلّقت نادية من زوجها. دام زواج نادية سنة واحدة إذ لم تستطع تحمّل أكثر من ذلك."لم أستطع تحمّل هذا الرجل. كان مدمناً على الكحول، ما دفعه الى بيع أثاث المنزل ليبتاع به الخمر". وعن سبب طلاق زوجة أخيها، قالت نادية:"اشترط أهلي أنّه في حال وقع الطلاق بيني وبين زوجي، فانّ على أخي أن يطلّق أخت زوجي أيضاً. تلك هي شروط زواج المقايضة". والمؤلم في الموضوع أنّ زوجة أخيها أنجبت طفلاً تربّيه نادية حالياً. ثريا في بداية العقد الثالث من العمر تزوجت بعد إلحاح والدها الذي غرس في ذهنها انها قد تكبر وتصبح عانساً. وعندما تقدم لها أحد الشباب الذي أصبح زوجها، اشترط والد زوجها أن يتزوج أخوها من ابنته التي كانت تبلغ 28 عاماً. قبلت ثريا لكنّ زواجها استمر شهراً واحداً ليس الا. تقول:"لم أكن أعلم انه سيأتي اليوم الذي أصبح فيه امرأة مطلقة بهذه السرعة. كنت في غاية السعادة عندما اقترنت بزوجي. وبدلاً من استمرار سعادتي، بدأت المشكلات في الأسبوع الثالث من زواجنا. إذ وقع خلاف بين أخي وزوجته التي تكبره بثلاث سنوات فكانت النتيجة أن طلّقني زوجي". وأشارت إلى أنّ أخاها كان يحضّر لامتحان التخرج في الأدب الإنكليزي فيما زوجته لم تكن حاصلة على شهادة التعليم الابتدائي. لا شك في أن زواج المقايضة يعود إلى جهل عدد كبير من الأهل الذين يعتقدون بأن بقاء الفتاة من دون زواج سيعود عليها بالاساءة وأن عليها الزواج بكل الوسائل كي لا تصل إلى مرحلة العنوسة. ويغيب عن بال الأهل أنّ مثل هذه الطريقة من الاقتران لن تكون إلا كارثة حقيقية إذا ما دبت الخلافات بين أطراف المعادلة. وهذا ما يدعونا إلى سرد حكاية عائشة التي رفضت الزواج من طريق المقايضة رفضاً سبب لها الضرب المبرح من والدها وشقيقها اللذين أراداها الموافقة على الزواج من رجل كبير متزوج ولديه أولاد. لكن في نهاية المطاف، قبلت عائشة بعد ضغط من والدتها خصوصاً أنّ زوج عائشة أراد من شقيقها أن يتزوّج أخته التي وصلت الى مرحلة العنوسة. وبعد الزواج، امتنعت عائشة عن القيام بواجباتها الزوجية تجاه زوجها، ما أدى إلى طلاقها بعد أسابيع فقط فيما طلّق شقيقها زوجته وسط خلافات عائلية كادت تؤدي إلى وقوع جريمة قتل لولا تدخل الجهات الأمنية. وهكذا، عادت عائشة فتاةً إلى بيت أهلها فيما عادت زوجة أخيها إلى عنوسة من نوع آخر.