اعتادت مدينة بيروت أن تعيش في ازدواجية غريبة: خطابات سياسية وأزمات اجتماعية متفاقمة نهاراً ونشاطات فنية مزدهرة ليلاً. وبعيداً من السياسة، اعتادت الصحافة في بيروت مع كل إعلان عن جائزة فنية، أن تشهد موجة من الإشاعات والأقاويل. تبدأ الاستعدادات وتعقد المؤتمرات ويوّضب أهل الصحافة عدّتهم ويركضون لاهثين وراء الحدث... مساء أول من أمس، شهدت قاعة"قرطاج"في فندق"فينسيا"مؤتمراً صاخباً، بطلته هيفا وهبي وهدفه تكريمها من جانب موقع"إيلاف"الإلكتروني الذي منحها لقب"أفضل شخصية فنية للعام 2005"، وفق استفتاء أجراه أخيراً وضمّ عدداً من النجوم. لكن الحدث لم يكن تكريمياً. فهيفا التي تأخرت كثيراً على ضيوفها، تشكل مادة دسمة لكل صحافي مهتم، خصوصاً إنها تعرّضت في الآونة الأخيرة لحملة شعواء من مغنية أخرى تدعمها إحدى المطبوعات الفنية، وإنها عادت إلى خطيبها رجل الأعمال السعودي طارق الجفالي، وانفصلت عن"روتانا"... في اللقاء الذي تميّز بفوضى تنظيمه، أجابت هيفا عن كل الأسئلة وتحدثت بصراحة عن كل النقاط الشائكة. ومن تابع المؤتمر، لا بدّ له من أن يثني على تجربة هيفا التي بسلبياتها وايجابياتها - شكّلت ظاهرة تستحق دراسة عن ذائقة الشباب العربي اليوم وميوله، وتوجهاته في السنوات المقبلة. ومما لا شكّ فيه أن هيفا، عبر التقرير الذي لخّص"إنجازاتها"في العام المنصرم، حققت نجاحاً كبيراً على صعيد الموجة السائدة: كرّمت في مهرجانات عدة، غنّت في"كان"، أطلقت مجموعة مجوهرات خاصّة بها، شاركت في برنامج"الوادي"التلفزيوني، أعلنت خطوبتها ثم انفصالها، أطلقت ألبوماً حقق الانتشار الكافي، شاركت في أبرز المهرجانات، وحصدت لقب وكالة"رويترز"لأجمل امرأة في الشرق الأوسط... لكن اللقاء لم يكن فنياً، بل شخصياً بحتاً. أهل الصحافة لم يريدوا التحدث عن فنّها بل عن حياتها الشخصية وعداواتها ومعاركها وعلاقاتها العاطفية، وهذا أيضاً يطرح أسئلة جديدة عن تلك"الظاهرة"... في اللقاء، تحوّل الصحافيون إلى معجبين بالنجمة الجميلة. أغرقوها في كلمات الثناء والمديح. أما هي، فبذكائها وحنكتها، قلبت الدفة لصالحها وحوّلت الأسئلة الهجومية إلى محطات إيجابية. وهبي تعرف تماماً ما تريده من أهل الإعلام ومن الفن. لكنها، وسط كل ذلك - والحق يقال - بدت حزينة، متعبة، ومرهقة... بين البكاء والشعر بعيداً من صدقية الجائزة التي لم تحدد"إيلاف"أطرها وطريقة التصويت عليها وأسماء المرشحين لها، مكتفية ببعض الأرقام. بعيداً من ذلك، فجّرت هيفا أموراً عدة: أكدت أن الجائزة ستحملها عبئاً جديداً، خصوصاً أن رسالتها هي"زرع أجواء المحبة والفرح بين الناس... فقط لا غير". قالت إنها تحتاج اليوم إلى من يحميها لأن هناك من يكرهها،"تسألوني ماذا غيّرت فيّ الشهرة؟ أقول لكم إن الشهرة لا تغيّر النجم بل من يحيط به، كما تكوّن له أعداء كثراً. هؤلاء لا يهددوني جسدياً بقدر ما يغتالونني يومياً بتفكيرهم ومؤامراتهم ضدّي". وهيفا التي أكدت أن كل كبسة ضوء عدسة كاميرا تسرّ في أذنيها كلمة"أحبك"، رفضت الحديث عن الفيلم الفاضح الذي يتناقله بعضهم عبر الهواتف الخليوية. وعن مدير أعمالها السابق كريم أبي ياغي الذي يشنّ مع نجمته الجديدة رولا حملة ضدها، متهمين إياها بالعمل على محاربتهما. تحدث الصحافيون كثيراً، غير أن هيفا أكدت:" لا أريد الحديث عن أناس يستغلون اسمي ليحصدوا الشهرة. أنا أعرف جيداً القراءة بين السطور وأعرف ما الذي يريدونه منّي. أشفق على من لا يجد في مفكرته أي نشاط مجد، فيتحدث عن الآخرين لإثراء تلك المفكرة البالية". ورفضت الدخول في رد على تصريحات أبي ياغي ضدها، وكشفه الكثير من تفاصيل حياتها الخاصة، مكتفية بالقول:"أنا مهتمة بأعمالي وهم مهتمون بي... أعتقد أن هناك محاكم مخصصة لمثل تلك القضايا". أما مفاجأة المؤتمر فكانت حينما بكت هيفا... بكت حينما سألوها عن شقيقتها التي صرحت في الإعلام أخيراً بأن النجمة مذنبة في كل الإشاعات التي تدور حولها منذ سنوات، وإنها تستحق ما فعله بها زوجها السابق حينما حرمها من ابنتها. بكت هيفا، فانتفض نيشان وسارع إلى الدفاع عنها بالقول:"نحبك هيفا، فخورون بك وبإنجازاتك". فهبّ الصحافيون ليكفكفوا دموعها، وانهالت عليها عبارات المديح وأبيات الشعر والتصفيق الحاد! واستمر المؤتمر على هذا المنوال إلى أن تحدثت عن خطيبها طارق الجفالي وأكدت أن علاقتهما العاطفية مستمرة،"أما الزواج فهو رهن الظروف". وعودتها إلى الجفالي ترافقت مع خبر انفصالها عن"روتانا"،"انتهى عقدي معهم وعلاقتي بهم طيبة. لكنني وددت أن أخوض تجربة الإنتاج الخاص على أن تتولى"روتانا"مهمة التوزيع. أبحث عن انتشار أكبر، علماً أن شركة"عالم الفن"ستنتج الألبوم الخاص بأغاني برنامج"الوادي"الذي عرض أخيراً. وانتهى المؤتمر مع الحديث عن فيلمها الجديد من اخراج رندة الشهال الذي يبدأ تصويره قريباً في تونس، مشيرة إلى أنها تشكر كل الظروف التي كوّنت شخصيتها،"فأنا حاربت كثيراً وبدأت من تحت الصفر". في النهاية، غادرت هيفا مدشنة عهداً جديداً من الصحافة الفنية !