قدمت وكالة الطيران الفيديرالية الأميركية، التي أوعزت إلى مكتبها للنقل الفضائي التجاري بوضع قواعد تنظم طواقم الرحلات الفضائية التجارية المأهولة وركابها، اقتراحات تتعلق بمؤهلات أفراد طواقم الرحلات وتدريبهم وتدريب الركاب والحصول على موافقة واضحة منهم في شأن الرحلة. ونشرت القوانين المقترحة، التي تهدف إلى ضمان"درجة مقبولة من الأمن للجمهور العام"وتوعية الركاب حول الأخطار المرتبطة بعملية إطلاق سفينة فضاء وعودتها إلى الغلاف الجوي الأرضي، في السجل الفيديرالي في 29 كانون الأول ديسمبر الماضي، والتي قد تصبح نهائية بحلول فصل الصيف. الإجراءات القانونية وستطبق القوانين المقترحة، في حال إقرارها، على أي شركة تجيزها وكالة الطيران الفيديرالية كشركة لإطلاق مركبات الفضاء أو لإدارة مواقع الإطلاق، وعلى طواقم الرحلات الفضائية والمشاركين فيها. وتعالج المقترحات مجموعة من القضايا بينها المعايير الطبية الموضوعة لأفراد الطاقم وتدريبهم، وتوعية المشاركين في الرحلة حول الأخطار والحصول على موافقة واضحة منهم وإجراء فحوص طبية لهم، والمتطلبات الأمنية، والمسؤولية المالية والتنازل عن تحميل الحكومة الأميركية أي مسؤولية قانونية. وقد خُولت وكالة الطيران الفيديرالية سلطة الإشراف على رحلات الفضاء التجارية في مرسوم التعديلات الخاص بإطلاق الرحلات الفضائية التجارية للعام 2004. وكان القانون الأساسي، مرسوم الرحلات الفضائية التجارية للعام 1984، فرض على المواطنين الأميركيين الحصول على إجازة ترخص لهم إطلاق صاروخ تجاري. وقال جورج نيلد، نائب مساعد مدير وكالة الطيران الفيديرالية لشؤون النقل الفضائي التجاري، إن قانون 1984"منحنا سلطة ضمان حماية الجمهور العام والرحلات الجارية، ولكنه لم يتطرق في شكل محدد إلى نقل أشخاص على متن السفينة". وأضاف أن الكونغرس كلف في العام 2004 وكالة الطيران الفيديرالية مسؤولية تنظيم أفراد طواقم الرحلات وأي مشاركين أو ركاب سينقلونهم على هذه الصواريخ". الرحلات الفضائية التجارية وكانت وكالة الطيران والفضاء الأميركية ناسا المسؤولة، منذ بزوغ عصر الفضاء، عن جميع الرحلات الفضائية الأميركية غير العسكرية، من الرحلات إلى القمر وحتى أقمار الاتصالات الاصطناعية. وبحسب نيلد:"فإن لهذا البلد تقليداً مألوفاً في إنجاز الأمور في القطاع الخاص عندما يكون ذلك منطقياً. ومع تطور التكنولوجيا وازدياد احتمالات تجارية فضائية"، ظهر اهتمام الناس بالرحلات الفضائية كصناعة محتملة. وأسس أحد أوائل رجال الأعمال المتخصصين بالفضاء، رائد الفضاء السابق دونالد"ديك"سلايتون، شركة في تكساس تدعى"شركة الخدمات الفضائية"لإنتاج صواريخ تنقل حمولة تجارية صغيرة. وساعد سلايتون في تصميم وإنتاج صاروخ يُدعى"كونيستوغا"أطلق في نهاية الأمر في العام 1982. ولكن عملية الحصول على إذن للقيام بتلك الرحلة التجارية الأولى كانت معقدة.پوقال نيلد حول ذلك:"تصدت مجموعة كبيرة من الوكالات الحكومية للأمر وقالت إن من الضروري أن تمنحهم إذناً بالقيام بذلك. واضطر سلايتون إلى طرق أبواب كثيرة وبدا الأمر وكأنه مجرد إجراءات روتينية وبيروقراطية كثيرة". وفي العام 1984، أصدر الرئيس آنذاك، رونالد ريغان، أمراً تنفيذياً وأقر الكونغرس مرسوم إطلاق الرحلات الفضائية التجارية. وأوضح نيلد أن"القصد من وراء ذلك كان إنشاء محطة توقف واحدة لا غير تيسّر عملية قيام كيان تجاري بإطلاق رحلة فضائية". وهكذا أنشئ مكتب النقل الفضائي التجاري في العام 1984 كمكتب يضم هيئة موظفين في مكتب وزير النقل. وفي 1994، أصبح ذلك المكتب جزءاً من وكالة الطيران الفيديرالية. الترخيص الأول أصدر مكتب النقل الفضائي التجاري في 1 نيسان ابريل 2004 أول رخصة لإطلاق رحلة فضائية لإطلاق مركبة فضائية يمكن استخدامها أكثر من مرة لشركة طيران الفضاء"سكايلد كومبوزيتس"، وهي شركة في موهافي، بولاية كاليفورنيا، كان قد أسسها مصمم الطائرات بيرت رتان في العام 1982پوقامت شركة سكايلد كومبوزيتس ببناء سفينة الفضاء سبيسشيبوان، وهي سفينة يمكن إطلاقها أكثر من مرة، قامت في 8 نيسان 2004 بأول إطلاق تجاري لصاروخ يقوم به القطاع الخاص. وفي شهر تشرين الأول أكتوبر 2004، أصبحت تلك السفينة أول سفينة يقودها طاقم من القطاع الخاص وتطير على ارتفاع تجاوز مرتين نحو 10 آلاف متر خلال 14 يوماً، وطالبت نتيجة لذلك بجائزة Ansari البالغة عشرة ملايين دولار، وهي جائزة تمنح للفائز في مسابقة دولية للطيران الفضائي التجاري. وفي حين أن هذه كانت أولى رحلات فضائية تجارية مأهولة، إلا أنها لم تكن المرة الأولى التي يطير فيها مواطنون من القطاع الخاص بصفتهم الفردية في الفضاء. فقد دفع رجل الأعمال الأميركي، غيرغوري أولسن، ملايين الدولارات ليزور المحطة الفضائية في العام 2005، كما فعل الإفريقي الجنوبي مارك شتلوورث في العام 2002 والأميركي دنيس تيتو في العام 2001. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرحلات المدارية، التي تسير خارج نطاق الغلاف الجوي الأرضي، هي أكثر تعقيداً من الناحية التكنولوجية من الرحلات تحت المدارية وتتطلب صواريخ أكبر مما تتطلبه تلك الرحلات وتكون أكثر تكلفة منها. ففي الرحلات تحت المدارية، يتم إطلاق المركبة الفضائية إما من موقع فضاء أو من طائرة، كما حدث عند إطلاق سبيسشيبوان، فتمضي دقائق قليلة فوق الغلاف الجوي الأرضي قبل عودتها إلى سطح الأرض. وقال نيلد إن الرحلات تحت المدارية"يمكن أن تكون على رغم ذلك رائعة تخلب الألباب: سواد الفضاء وانحناءة الكرة الأرضية... ويمر المرء في دقائق عدة من انعدام الوزن. إنه أمر مثير جداً". وجاء في بيان"حقائق حول الرحلات الفضائية المأهولة التجارية"، أصدرته وكالة الطيران الفيديرالية، أن دراسة حول السياحة الفضائية أجريت أخيراً، توصلت إلى نتيجة مفادها ان بإمكان عمليات الطيران الفضائي التي تقل ركاباً أن تولد عائدات تبلغ أكثر من ألف مليون دولار بحلول العام 2021. خلصت الدراسة الى أن الرحلات تحت المدارية ستحظى بأكبر حصة في هذه السوق الآخذة في البروز، ويمكنها أن تستقطب 15 ألف راكب وتدر عائدات تبلغ 700 مليون دولار في السنة الواحدة. أما الرحلات المدارية فمن الممكن أن يصل عدد ركابها إلى 60 شخصاًً وتدر 300 مليون دولار في العام. المطارات الفضائية خلال السنوات العشرين المنصرمة، أجاز مكتب النقل الفضائي التجاري أكثر من 170 رحلة فضائية، كما أجاز إدارة خمسة مواقع لإطلاق رحلات الفضاء التجارية، أقيم كثير منها في مواقع الإطلاق الحكومية نفسها أو بالقرب منها. وفي الولاياتالمتحدة اليوم مواقع إطلاق مرخص لها قرب كايب كانافيرال، في فلوريدا، وقرب قاعدة فاندنبيرغ التابعة لسلاح الطيران الأميركي، في كاليفورنيا، وفي جزيرة والوبس، في فرجينيا، وفي كودياك، في ألاسكا، وفي موهافي، في كاليفورنيا، حيث بدأت رحلة سبيسشيبوان الفضائية. وأوضح ويلد في هذا المجال:"لدينا نوعان من الرخص. فهناك رخصة تجيز إدارة إطلاق مركبة الفضاء ورخصة تجيز إدارة موقع إطلاق مركبة الفضاء. وفي الرخصتين مقومات ننظر في أمرها، ولكن السلامة تحتل بالطبع المرتبة الأولى فيها". وبما أن مكتب النقل الفضائي التجاري كُلف مهمة ضمان كون نشاطات الرحلات الفضائية التجارية لا تشكل خطراً على المواطنين على الأرض، فإن المتطلبات الخاصة بمواقع إطلاق الرحلات الفضائية تشتمل على شروط تتعلق بإدارة المرفق في شكل مأمون، وخزن وقود الصواريخ والمواد السامة في شكل لا يشكل خطراً على السكان، وعوامل أخرى مماثلة. وتعمل هذه المواقع حالياً في شكل أساس كمواقع إطلاق للرحلات. وبدأ مكتب النقل الفضائي التجاري منح رتب - تشبه الرتب الممنوحة لرواد الفضاء في وكالة الفضاء الأميركية - لأفراد طواقم الرحلات الفضائية التجارية المأهولة التي تحلق مركباتهم إلى ما لا يقل عن 80.4 كيلومتر عن سطح الأرض. ومنحت أول رتبة إلى مايك ملفيل لقيامه في 8 نيسان 2004، بأول رحلة للمركبة سبيسشيبوان، والرتبة الثانية لبريان بيني لرحلته في 4 تشرين الثاني 2004، على متن المركبة نفسها.